من هو حاتم الطائي
هو “حاتم بن عبد الله بن سعد” الطائي، فهو ينتسب لقبيلة طيء التي سكنت شمال في المنطقة التي تُعرف بحائل حالياً شمال المملكة العربية السعودية. وهو أحد أشهر شعراء الجاهلية. تزوج ماوية الغسّانية في الشام وقيل أنها تزوجته لكرمه وطلّقته لكرمه أيضاً إذ حاولت أن تثنيه عن إفراطه في الكرم فلم يفعل، وفي ذلك قال حاتم شعراً معروفاً. كان له من الأبناء عدي وسفّانة وقد كنّي باسميهما فقيل له “أبا عدي” و”أبا سفّانة”؛ أدرك عدي وهو الصحابي عدي بن حاتم الطائي وسفّانة الإسلام فأسلما. تذكر بعض الروايات أنه كان مسيحياً، وربما استُدلّ على ذلك من بعض أشعاره، إلا أنه لم يدرك ، فقد توفي عام 605 ميلادية أي حوالي 46 عاماً قبل الهجرة النبوية.
كان حاتم الطائيّ من أكرم الناس، حتى ضُرب به المثل في الكرم فقيل “أكرم من حاتم”، فكان يقري الضيف ويعطي المحتاجين، ويجود بكل ما يملك، مؤمناً أن رزق الغد يأتي معه؛ ويربط الكثيرون خطأً معنى اسم “حاتم” بالكريم؛ فما أن تسأل أحدهم “ما معنى اسم حاتم” حتى يأتيك جوابه بسرعة “الكريم”، وعلى الرغم من خطأ الإجابة إلا أن ذلك يدل على الارتباط الوثيق بين اسم حاتمٍ والكرم.
قيل أن أمّه “عتبة بنت عفيف بن عمرو بن أخزم” كانت سخيّةً كريمةً، حاول إخوتها تثنيها عن سخائها المفرط حتى لا تخسر مالها، وقيل أنهم حبسوها في بيتها سنةً كاملة، إلا أن هذا لم يثنها عن البذل والعطاء، وهكذا ورث حاتم الكرم عن أمه.
تناقل التاريخ العديد من قصص كرمه، فاستخدمت نصوصاً في المناهج المدرسية لما تتضمنه من عبرٍ وعظات من الضروري سردها للطلاب وتعليمهم بعض صفات العرب ومكارم أخلاقهم.
تسرد هذه المقالة بعض قصص كرم حاتم الطائي.
قصة حاتم مع ابنته سفّانة
ورثت سفّانة عن والدها وجدّتها حب الكرم وسخاء اليد، فكانت تنفق ولا تدخر شيئاً. كان والدها يعطيها مجموعةً من إبله فتجود بها كلها على الناس، فيعطيها غيرها، وهكذا دواليك. فقال لها حاتم يوماً “يا سفّانة، إن القرينين إذا اجتمعا معاً في المال أتلفاه”. استفهمت سفّانة من والدها قصده، فقال: “عليك أن تختاري بين اثنتين، إما أن أعطي وتمسكي، أو أن أمسِكَ فتعطي”. رفضت سفّانة الأمر واستنكرته قائلةً “أنا سفانة ابنة حاتم الطائي، أجود وأكرم رجال العرب، لا أمسك ولا أقبض يدي في وجه سائل”. واقترحت أن حلّ ذلك يكون بالفراق، وأن يقيم كلٌ منهما بعيداً عن الآخر، فكان أن قاسمها حاتم ماله وافترقا.
قصة نحر حاتم فرسه
تداولت الكتب هذه القصة كما روتها نوارة زوجة حاتم عندما سُئلت أن تحكي من أمر حاتم. لكننا نرويها هنا بأسلوب مبسّط.
مرّت على البيداء سنةَ قحطٍ شديدة، فجفّت الأرض وأمحلت؛ ولم تعد تجود بما تقتات عليه الأغنام والحيوانات، لانقطاع المطر. ضاقت الحال بالناس حتّى لم يعد لديهم ما يقتاتون به، لا حبوب لصنع الطحين و، ولا أغنام يشربون حليبها أو يأكلون لحومها، حتى الأبل التي تُعرف بصبرها على العطش أصبحت هزيلة. بكى صغار القومِ من الجوع، حارت الأمهات ماذا يفعلن؛ فما كان منهنّ إلا أن أصبحنَ يتحايلن على الصغار ليناموا فتخف عنهم وطأة الجوع. في ليلة، وبعد انقضاء شطرٍ من الليل، وإذا بامرأة ترفع طرف الخيمة، فقال حاتم: من هذا؟ فردّت: جارةٌ لك يا أبا عدي (وهذه كنية حاتم الطائي)، جئتك من عند صِبيَةٍ جياع لا يكفّون عن البكاء من شدة الجوع. فقال لها حاتم: “إئتِ بهم”. فقالت امرأته: “لقد نام أطفالك وهم يبكون من الجوع وما وجدت ما تطعمهم به! فكيف بهذا؟”، فكان رده حاسماً: “والله لأشبعنّكم”. وقام من فوره إلى فرسه فنحرها، ثم أوقد ناراً، وطبخ وأشبع القوم.
قصّة حاتم الطائي والغلام
سئُل حاتم الطائي: “هل تغلّب عليك أحدٌ في الكرم؟”، قال : غلبني صبيّ يتيم، نزلت عنده وما كان يملك سوى عشرة أغنام، فما كان منه إلا أن ذبح أحدهها، وطبخ لحمها، وقدم الطعام لي وفيه “دماغ الشاة”، تناولته واستحسنته. فخرج وذبح شاةً أخرى وقدم لي دماغها، وكنت أستطيبه، واستمر يفعل ذلك حتى كان قد ذبح أغنامه كلها وأنا لا أعلم. فسألته عن سبب فعلته تلك. فقال: “أتستطيب شيئاً أملكه وأبخل عليك به؟!”. فقال حاتم أنه عوّضه ثلائمائة ناقة وخمسمائة رأس من الأغنام. فقيل: “ذلك يعني أنك أكرم منه”. فردّ “بل هو أكرم، لأنه كرم بكل ما يملك، وأنا كرمت بقليل من كثير”.
قصة حاتم الطائي وقيصر الروم
بلغت أخبار كرم حاتم قيصر الروم فاستغربها؛ ثم ما لبث أن سمع أن لحاتم فرساً أصيلة، فأرسل إليه رسولاً يطلب الفرس. استقبل حاتم ورحّب به وأكرم مثواه وهو لا يعلم من هو. ولما كان ما يملك من أغنامٍ ومواشٍ في المراعي ولم يتمكّن من الحصول على شيء يقري به الضيف، نحر الفرس وجهّز الطعام. فلمّا حدّث الضيف وعرف أنه رسول القيصر جاء لأجل الفرس، قال له حاتم: “ليتك أعلمتني قبل الآ، فقد نحرت الفرس لك”. فقال له الرسول: “والله لقد رأينا منك أكثر مما سمعنا”.