قصة نابليون بونابرت
ولد نابليون الأوّل في الخامس عشر من آب 1769، في البلدة الفرنسيّة أجاكسيو، وتوفّي في الخامس من أيّار 1821، في جزيرة سانت هيلينا. وهو يُعتبر أحد أكثر الشّخصيّات شهرة في تاريخ الغرب، حيثُ كان جنرالًا فرنسيًّا والقنصل الأوّل “1799-1804″، وإمبراطور “1804-1814”. كما أحدث نابليون ثورة في التّنظيم العسكريّ والتّدريب، وأسّس القانون المدنيّ الأوليّ، وأعاد تنظيم التّعليم، وغيرها من الإصلاحات.
تركت إصلاحات نابليون العديدة علامة دائمة في مؤسّسات فرنسا، ومعظم مؤسّسات ، ولكنّ شغله الشّاغل كان التّوسّع العسكريّ الفرنسيّ، لذا، تمّ تقديسه خلال حياته، كواحد من أبطال التّاريخ العظماء، وحتّى نهاية الإمبراطوريّة الثّانية على يد ابن أخته نابليون الثّالث.
طفولته وعائلته
ولد نابليون بعد فترة وجيزة من تنازل فرنسا عن جزيرة كورسيكا، وقد كان الطّفل الرّابع لأسرته ولكن لم يبقَ غير اثنين منهم على قيد الحياة، وهو الثّاني. كان والده كارلو بونابارت، محامٍ، وأمّه اسمها ليتيزيا رامولينو، وعائلة والده كانت من نبلاء توسكانا القدماء، الذين هاجروا إلى كورسيكا في القرن السّادس عشر.
تزوّج كارلو بونابارت وليتيزيا عندما كانت تبلغ من العمر أربعة عشر عامًا فقط، وأنجبت ثمانية أطفال في أوقات صعبة. انضم كارلو إلى جزب بونلي، ولكنّ باولي اضطرّ للفرار، وتوصّل كارلو إلى اتّفاق مع الفرنسيّين، وكسب حماية حاكم كورسيكا، وتمّ تعيينه مستشارًا للقاضي في أجاكسيو في عام 1771، وفي عام 1778، تمّ قبول ابنيه جوزيف ونابليون، إلى أكاديميّة أوتون.
تعليمه
كان نابليون كورسيكيًّا بالوراثة، حتّى بعد أن تلقى تعليمه في فرنسا مثله مثل الفرنسيّين، إلّا أنّه ظلّ يعتبر نفسه أجنبيًّا، ولم يشترك في التّقاليد الفرنسيّة ولم ينحَز لها، حتّى ثقافته وتعليمه كانت تجعله رجلًا من القرن الثّامن عشر.
تلقّى نابليون تعليمه في ثلاث مراحل، أولًا في أكاديميّة أوتون لفترة وجيزة، وفي الكلّيّة العسكريّة في برين لمدّة خمس سنوات، وفي الأكاديميّة العسكريّة في باريس لسنة واحدة فقط. وفي شُباط من عام 1785، توفّي والد نابليون في باريس بسبب ، وترك عائلته في طروف صعبة، ومع أنّ نابليون ليس الابن البكر، إلّا أنّه تحمّل مسؤوليّة عائلته قبل سنّ السادسة عشرة، وتخرّج من الكلّيّة العسكريّة في المرتبة 42 من 58.
كان نابليون ملازمًا ثانيًا في مدرسة تدريب ضباط المدفعيّة الشّباب، وواصل بعدها تعليمه، وكان يقرأ كثيرًا، ولا سيما الكتب المتعلّقة بالاستراتيجيّات والتّكتيكات، وألّف كتابًا سمّاهُ رسائل في كورسيكا، الذي كشف فيه عن مشاعره تجاه وطنه الأصليّ جزيرة كورسيكا.
عاد نابليون إلى كورسيكا في أيلول 1786 ولم يلتحق بفوجه حتّى حزيران 1788. في ذلك الوقت كان التّحريض الذي سيُتوّج بالثورة الفرنسيّة قد بدأ، وبما أنّ نابليون كان ضابطًا، لم يرَ أيّ حاجة للإصلاحات الاجتماعيّة، وكا يعتقد أنّ التّغيير السّياسيّ أكثر ضرورة.
فترة الثّورة
في عام 1789، انعقدت الجمعيّة الوطنيّة لإقامة ملكيّة دستوريّة في كورسيكا، وطلب نابليون إجازة من الكلّيّة العسكريّة، وعاد للانضمام إلى مجموعة باولي، ولكنّ باولي لم يتعاطف معه، واعتبر والده خائنًا عندما تخلّى عنه وتصالح مع الفرنسيّين.
عاد نابليون إلى فرنسا بخيبة أمل، وفي نيسان 1791 تمّ تعيينه برتبة ملازم أوّل، في الفرقة الرّابعة للمدفعيّة، في حامية فالنسيا. انضمّ إلى نادي اليعاقبة، وهو نادٍ للمناظرة لصالح الملكيّة الدّستوريّة، وسرعان ما أصبح نابليون رئيسه، وألقى خطبًا ضدّ النّبلاء والرّهبان والأساقفة.
بعد أن تمّت ترقية نابليون إلى رتبة قائد لم ينضم إلى فوجه، بدلًا من ذلك عاد إلى كورسيكا في تشرين الأوّل من عام 1792، حيث كان باولي يمارس سلطات دكتاتوريّة ويستعد لفصل كورسيكا عن فرنسا.
انضم نابليون إلى فوجه في نيس في من عام 1793. وفي نهاية آب من عام 1793، أخذت قوات المؤتمر الوطنيّ ثاني أكبر مدينة في فرنسا وهي مرسيليا، ولكنّها توقّفت قبل مدينة تولون، وبسبب إصابة قائد مدفعيّة قوّات المؤتمر الوطنيّ، تولّى نابليون هذا المنصب عن طريق مفوّض الجيش أنطوان ساليسيتي، الذي كان نائبًا وصديقًا لعائلة نابليون.
حصل نابليون على ترقية إلى رتبة رائد في شهر أيلول من نفس العام، وأصبح المدير العام في شهر تشرين الأوّل، ولكن في اليوم التّالي تخلّت القوات البريطانيّة عن مدينة تولون، وفي 22 كانون الأوّل، رُقّيَ نابليون وأصبح برتبة عميد بعمر ستّة وعشرين سنة؛ وذلك تقديرًا لدوره في استعادة مدينة تولون.
في شباط من عام 1794، تمّ تعيين نابليون قائدًا للمدفعيّة في الجيش الفرنسيّ في . وعندما سقط ماكسميليان روبسبيار من السّلطة، تمّ اعتقال نابليون بتهمة الخيانة؛ لأنّه كان يُعتبر من مؤيّدي روبسبيار، ولكن أُطلق سراحه في أيلول من نفس العام، وعاد إلى قيادته.
في شهر آذار التّالي رفض نابليون عرضًا لقيادة المدفعيّة في جيش الغرب، ولم يبدُ أنّ لهذا المنصب مستقبلًا، وعاد إلى باريس. وعلى الرّغم من جهوده فيها لم يتمكّن من الحصول على قيادة مرضية، وكان يخشى على طموحه وعلاقاته مع حزب رجل الجبل الأكثر تطرّفًا في المؤتمر الوطنيّ، ثمّ نظر في تقديم خدماته إلى سلطان تركيا.
تأسيس الإمبراطوريّة
اقترح الوزير جوزيف فوشيه على نابليون أنّ أفضل طريقة لتثبيط المؤامرات حوله، هو تحويل فرنسا إلى إمبراطوريّة وراثيّة، وهذا سيزيل كلّ أملٍّ لتغيير النّظام عن طريق الاغتيال. قَبِل نابليون هذا الاقتراح بسهولة، وفي 28 أيّار من عام 1804، أعلن نابليون الإمبراطوريّة، ورافق هذا التّغيير تجديدًا على ألقاب النّظام؛ فمثلًا تمّ جلب الألقاب الأميريّة، وظهرت طبقة النّبلاء الإمبراطوريّين في عام 1808.
بقيت المعارضة حيّة في فرنسا، ولكنّ نظام نابليون الدّكتاتوريّ سمح له أن يستمرّ في حروبه لسنوات دون القلق بشأن الرّأي العام الفرنسيّ. ولم يحصل أي تغيير يُذكر على تنظيم الحكومة الفرنسيّة، ولكنّ نابليون قام بإحياء عدد من المؤسّسات الشّبيهة بمؤسّسات النّظام القديم.
وفاة نابليون
بحلول عام 1817 تدهورت صحّة نابليون وبدأت تظهر عنده علامات مبكّرة لقرحة في المعدة أو ربّما . في أوائل عام 1821، أصبح نابليون طريح الفراش، وازدادت حالته سوءًا كلّ يوم، وفي نيسان من ذلك العام قال وصيّته الأخيرة: (أتمنّى أن ترموا رمادي في نهر السّين، في وسط ذلك الشّعب الذي أحببته كثيرًا، لقد قتلت قبل وقتي على يد الأقلّيّة الإنجليزيّة، والقتلة المُستأجرين). توفي نابليون بونابارت في 5 مايو 1821، في جزيرة سانت هيلانة في جنوب المحيط الأطلسيّ.
قبر نابليون
يقع قبر نابليون في باريس، في قبّة الإنفاليد، في الأصل كان عبارة عن كنيسة ملكيّة بنيت بين عامي 1677 و1706، تم تحويله إلى مجمع عسكريّ في عهد نابليون. وبالإضافة إلى نابليون بونابرت، فقد تمّ دفن العديد من الأعيان الفرنسيّين هناك، بما في ذلك ابن نابليون ملك ، وإخوته جوزيف وجيروم بونابرت، والجنرالان برتراند ودوروك، وغيرهم.