كتب تفسير القرآن الكريم

أشهر كتب تفسير القرآن الكريم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «القرآن حجة لك أو عليك» مسلم، وهو ما يعني أن وفهم معانيه للعمل به واجبٌ على كل مسلم ومسلمة، وفي السطور القادمة سوف نتناول مجموعة من أهم التفاسير التي أشاد بها والحديث والفقه والتي يستطيع المسلم أن يركن إليها في تفسير كتاب الله وهو على يقين بأنه صوب المعنى الحقيقي لكلام الله، والبيان الحق لأحكامه، وقبل الخوض وسط هذه الباقة من كتب التفسير وجب أن نعرف أولًا ما فضل علم التفسير؟ وما حاجة الأمة الإسلامية له؟

فضل علم التفسير وحاجة الأمة إليه:

مما لا شك فيه أن علم التفسير هو أشرف العلوم وأعظمها وأجلها وذلك لعنايته بكتاب الله المنزل، بألفاظه، وأحكامه وإعرابه وبيان البديع فيه، فهو من العلوم النافعة في الدنيا والآخرة، فالقرآن الكريم دستور المسلمين يجمع بين الإيمان وأصل الاعتقاد وهو التوحيد وبين الأحكام الفقهية الواجبة على المسلم، ويحتوي على الكثير من المواعظ والسلوك التهذيبية والتقويمية للإنسان، وفيه خبر الأولين؛ لذلك كان من الواجب فهمه على نحو صحيح على أيدي من هم أحق بتفسيره من علماء اللغة والحديث والفقه لتوضيحه وتبيينه لعامة المسلمين، ليسهل عليهم الاقتداء به والعمل بما فيه من أحكام.

تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير):

الإمام ابن كثير، هو عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي البُصروي ثم الدمشقي، المشهور بـابن كثير -774م، وهو محدث ومفسر وفقيه، له مؤلفات عديدة أشهرها (البداية والنهاية – السيرة النبوية – الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث)، اعتمد في تفسيره القرآن العظيم على تفسير القرآن بالقرآن، والسنة، والحديث، والفقه، وحرَص على أن يخلو مؤلفه من الإسرائيليات، حتى أن بعض العلماء يفضله على تفسير الطبري.
يقول ابن كثير عن الأسلوب الذي اعتمده في تفسيره للقرآن الكريم: “إنَّ أصَحَّ الطُّرُقِ فِي ذَلِكَ أنْ يُفَسَّرَ القرآنُ بالقرآنِ، فَمَا أُجْمِلَ فِي مكَانٍ فإنه قد بُسِطَ في مَوْضِعٍ آخرَ، فإن أعْياكَ فَعَلَيْكَ بالسُّنَّة؛ فَإِنَّهَا شَارِحةٌ للقُرْآنِ وَمُوَضِّحةٌ لَهُ، وحِينَئذٍ إِذَا لَمْ نَجِدِ التفْسِيرَ فِي القُرآنِ وَلَا فِي السُّنةِ رَجَعْنا فِي ذَلِكَ إِلَى أَقْوالِ الصَّحابةِ؛ فَإِنَّهُمْ أدْرَى بِذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا مِنَ القَرائِنِ وَالأحْوالِ الَّتِي اخْتُصُّوا بِهَا، ولِما لَهُمْ مِنَ الفَهْمِ التَّامِ والعِلْم الصَّحِيح والعَمَلِ الصَّالِحِ، لا سيَّما عُلَماءَهُم وكُبَراءَهُمْ كالأئمَّةِ الأربعةِ الخُلَفاءِ الرّاشِدين، والأئمةِ المهتدِينَ الْمهدِيِّينَ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعودٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أجمعين- وإذا لَمْ تَجِدِ التفْسِيرَ فِي القُرآنِ وَلَا فِي السُّنةِ وَلَا وَجَدْتَهُ عنِ الصَّحابةِ فَقَدْ رَجَعَ كَثير مِنَ الأئمةِ فِي ذَلِكَ إِلَى أقوالِ التَّابِعينَ”.
جامع البيان عن تأويل القرآن (تفسير الطبري):
إمام المفسرين الطبري، هو الإمام محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب المشهور بالإمام ابن جرير الطبري (839 – 923م)، يقول عنه الخطيب البغدادي: “كان حفظه الله عالمًا بالقراءات، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم”.
اشتهر تفسير الطبري، بأنه المرجع الأول للتفاسير المأثورة يقول ابن جرير في مقدمة كتابه جامع البيان عن تأويل القرآن: “وَنَحْنُ فِي شَرْحِ تَأْوِيلِهِ، وَبَيَانِ مَا فِيهِ مِنْ مَعَانِيهِ مُنْشِئُونَ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ – كِتَابًا مُسْتَوْعِبًا لِكُلِّ مَا بِالنَّاسِ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْ عِلْمِهِ جَامِعًا، وَمِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ كَافِيًا، وَمُخْبِرُونَ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِمَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِنَ اتِّفَاقِ الْحُجَّةِ فِيمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَاخْتِلَافِهَا فِيمَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ مِنْهُ، وَمُبَيِّنُو عِلَلِ كُلِّ مَذْهَبٍ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ، وَمُوَضِّحُو الصَّحِيحِ لَدَيْنَا مِنْ ذَلِكَ، بِأَوْجَزِ مَا أَمْكَنَ مِنَ الْإِيجَازِ فِي ذَلِكَ، وَأَخْصَرِ مَا أَمْكَنَ مِنَ الِاخْتِصَارِ فِيهِ”

قد يهمك هذا المقال:   بحث عن مكانة علم التفسير واهميته

الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي):

الإمام شمس الدين القرطبي، هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي، اعتنى القرطبي في تفسيره بالمسائل الفقهية وعمد إلى جمعها، ويعد تفسيره الجامع لأحكام القرآن من التفاسير المطولة التي اعتنت بالحديث والفقه حتى أنه يوجد به ما يزيد على 6500 حديث، وعلى الرغم من أنه لم يكثر من ذكر الإسرائيليات في تفسيره إلا من بعض القصص النادرة التي يمكن التغاضي عنها.
يقول القرطبي في مقدمة تفسيره مما اعتنى به في مؤلفه: “فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجمع عُلُومِ الشَّرْعِ، الَّذِي اسْتَقَلَّ بِالْسُّنَّةِ وَالْفَرْضِ، وَنَزَلَ بِهِ أَمِينُ السَّمَاءِ إِلَى أَمِينِ الْأَرْضِ، رَأَيْتُ أن أشتغل به مدى عمري، وأستفرغ فيه متني بأن أكتب تَعْلِيقًا وَجِيزًا، يَتَضَمَّنُ نُكَتًا مِنَ التَّفْسِيرِ وَاللُّغَاتِ، وَالْإِعْرَابِ وَالْقِرَاءَاتِ، وَالرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الزَّيْغِ وَالضَّلَالَاتِ، وَأَحَادِيثَ كَثِيرَةً شَاهِدَةً لِمَا نَذْكُرُهُ مِنَ الْأَحْكَامِ وَنُزُولِ الْآيَاتِ، جَامِعًا بَيْنَ مَعَانِيهِمَا، وَمُبَيِّنًا مَا أَشْكَلَ مِنْهُمَا، بِأَقَاوِيلِ السَّلَفِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْخَلَفِ. وَعَمِلْتُهُ تَذْكِرَةً لِنَفْسِي، وَذَخِيرَةً لِيَوْمِ رَمْسِي، وَعَمَلًا صَالِحًا بَعْدَ مَوْتِي وَأَضْرِبُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ قَصَصِ المفسرين، وأخبار المؤرخين، إلا مالا بُدَّ مِنْهُ وَلَا غِنًى عَنْهُ لِلتَّبْيِينِ، وَاعْتَضْتُ من ذلك تبيين آي الأحكام، بمسائل تفسير عَنْ مَعْنَاهَا، وَتُرْشِدُ الطَّالِبَ إِلَى مُقْتَضَاهَا، فَضَمَّنْتُ كل آية لتضمن حُكْمًا أَوْ حُكْمَيْنِ فَمَا زَادَ، مَسَائِلَ نُبَيِّنُ فِيهَا مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ وَالتَّفْسِيرِ الْغَرِيبِ وَالْحُكْمِ، فَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ حُكْمًا ذَكَرْتُ مَا فِيهَا مِنَ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ، هَكَذَا إِلَى آخَرِ الْكِتَابِ. وَسَمَّيْتُهُ بِـ (الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ).

مدارك التنزيل وحقائق التأويل (تفسير النسفي):

، هو عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي أبو البركات حافظ الدين، المتوفى في عام 1310م، اعتنى النسفي في مؤلفه مدارك التنزيل وحقائق التأويل بإدراج القراءات السبع وعلم الفقه لكنه عند تفسير آي الأحكام تعرض للمسائل الفقهية بالاختصار ويندر وجود الإسرائيليات به، يعد النسفي من التفاسير المشهورة والسهلة والبسيطة التي حازت على قبول العلماء والبسطاء وذلك لسهولة ألفاظه المختصرة.
يقول النسفي في مقدمة مؤلفه واصفًا إياه: “كتابًا وسطًا في التأويلات جامعًا لوجوه الإعراب والقراءات متضمنًا لدقائق علمي البديع والإشارات حاليًا بأقاويل أهل السنة والجماعة خاليًا عن أباطيل أهل البدع والضلالة ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل”.

قد يهمك هذا المقال:   أطول آية في القرآن الكريم

تفسير القرآن (لابن أبي حاتم):

ابن أبي حاتم، هو أبو محمد عبدالرحمن بن محمد بن إدريس التميمي الحنظلي الرازي المشهور بـ ابن أبي حاتم (854 – 938)، اشتهر ابن أبي حاتم بالزهد والورع وحب العلم وكيف لا!!! ووالده هو الإمام المحدث أبو حاتم الرازي إمام الحديث والجرح والتعديل، له مؤلفات عديدة أشهرها (التفسير – الجرح والتعديل – الزهد).
يقول ابن أبي حاتم عن مؤلفه تفسير القرآن: “سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ ِمْن إِخْوَانِي إِخْرَاجَ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ مُخْتَصَرًا بِأَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَحَذْفِ الطُّرُقِ وَالشَّوَاهِدِ وَالْحُرُوفِ وَالرِّوَايَاتِ، وَتَنْزِيلِ السُّوَرِ، وَأَنْ نَقْصِدَ لِإِخْرَاجِ التَّفْسِيرِ مُجَرَّدًا دُونَ غَيْرِهِ، مُتَقَصِّينَ تَفْسِيرَ الْآيِ حَتَّى لَا نَتْرُكَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ يُوجَدُ لَهُ تَفْسِيرٌ إِلَّا أُخْرِجَ ذَلِكَ. فَأَجَبْتُهُمْ إِلَى مُلْتَمَسِهِمْ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقِ وَإِيَّاهُ نَسْتَعِينُ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *