القرآن الكريم
من المعجزات التي أيَّد الله بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم، هو فهو معجزة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الخالدة التي بقيت بين أيدي المسلمين، وهو مرجعُ المسلمين لأخذ الأحكام والحدود، والحكم على كل أمرٍ مستحدثٍ إن كان حلالاً أو حراماً وهو آخر ما نزل من الكتب السماوية، وقد جعل الله فيه هدى وشفاء للمسلمين، قال تعالى: (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)سورة المائدة، الآيات، 15، 16. ومن الأسماء التي تطلق على القرآن الكريم، الفرقان، والكتاب، والذكر، ولكل اسم من اسماءه معنىً، وكلها في وصف القرآن الكريم، وهو شريعةٌ كاملةٌ وذات منهجٍ قويم للمسلمين، قال تعالى: (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) سورة الإسراء، آية رقم، 9. وقد اهتم المسلمين على مر العصور بالقرآن الكريم وأعطوه حقه من العناية والدراسة، ودونوا علوم القرآن الكريم في كثيرٍ من المؤلفات، ومن علوم القرآن ، وأسباب النزول، وأحكام قراءته وتجويده، والكثير من العلوم، وقاموا كذلك بإحصاء عدد سور القرآن، وآياته وكلماته وحروفه.
تعريف القرآن الكريم
- القرآن لغةً: وهو مأخوذٌ من فعل ، وهو الفعل اقرأ، وقيل أيضاً أنه مشتقٌ من القرء، وهو الجمع؛ لأنه يجمع مضمون، ومحتوى الكتب السماوية السابقة، وقال الإمام الشافعي، بأن القرآن لا يعدُ مشتقاً، فهو ليس مأخوذٌ من فعل، إنما هو اسمٌ معلومٌ للكتاب المنزل، كما سميت التوراة على كتاب موسى، والإنجيل على كتاب عيسى -عليهما السلام-.
- القرآن اصطلاحاً: هو كلام الله -سبحانه وتعالى- المنزل على سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بلفظه العربي المعجز، المتعبد بتلاوته، الذي نُقل بالتواتر بواسطة الوحي جبريل -عليه السلام-، المبدوء ، والمختوم بسورة الناس.
وأما توضيح التعريف السابق، فيقصد بكلام الله، أي أنه من عند الله -سبحانه تعالى-، وأما المقصود بالمعجز، فهو أن القرآن معجزةُ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- التي جاء بها إلى العرب، وتحداهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بإعجازه وذلك ما يحتويه من بلاغةٍ وفصاحةٍ وبيان، وقد عرف العرب بأنهم قومٌ أهل فصاحةٍ ولغةٍ سليمة، ومن إعجازه أنه أخبر بأنباء الأمم السابقة وقصصهم، وأخبر بأمورٍ مستقبلية الوقوع، وابتدأ تحدي النبي -صلى الله عليه وسلم- بدايةً بالإتيان بمثل القرآن وانتهى بأن يأتوا بسورة كمثله، فعجزوا عن ذلك والتحدي قائمٌ إلى يوم البعث، فلا أحد يستطيع أن يأتي بمثل القرآن بفصاحته وإعجازه، وعجزهم هذا هو المؤيد لمعجزة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو القرآن الكريم.
ومعنى المتعبد بتلاوته فيعني أن قراءة القرآن الكريم عبادة، يؤجر المؤمن على فعلها، فقراءة القرآن هي من أفعال ، وهذا ما يدل على أهمية تلاوةِ القرآن الكريم، والموحى به، فهو بيانٌ لمصدر القرآن الكريم، وبيان الطريقة التي نقل بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو أنزل إليه بواسطة جبريل عليه السلام، أي بيانٌ بأن هذا القرآن ليس من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.مصطفى البغا، الواضح في علوم القرآن، 1/15.
ومعنى أنه منقولٌ بالتواتر، أي أن نقله كان بواسطةِ جمع، ولم ينقل عن واحد أو اثنين، وهم ممن يستحيل تواطؤهم على الكذب، فأصحاب الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أخذوا القرآن من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فحفظوه وكتبوه، وبعد ذلك نُسِخَ في المصحف، ونقل من جيل الصحابة إلى جيل التابعين، وهو مكتوباً في المصاحف، وبقي القرآن ينقل من جيل إلى جيل، مصوناً من التحريفٍ والتبديل، وكلام الله كتب في المصحف ويحتوي على عددٍ من السور وكانت أولها سورة الفاتحة، وآخر سورة فيه هي .
كم عدد سور القرآن
القرآن الكريم مكتوبٌ في المصاحف، ويحتوي على أجزاء، وفي كلِ جزء مجموعة من السور، التي أسماها النبي -صلى الله عليه وسلم- ورتبها في المصحف، ففي القرآن الكريم، ثلاثون جزءاً، وعددُ سور القرآن الكريم، فهو مائة وأربعة عشرة سورة، ومن علوم القرآن التي أخذت اهتماماً، فهو علم المكي والمدني، فسور القرآن الكريم تُقسم إلى سورٍ مكية، وهي السور التي نزلت قبل الهجرة، وأخذت طابعاً خاصاً بها يختلف عن باقي السور المدنية، وذلك من اتجاهاتٍ كثيرة، وسورٌ مدنية وهي التي نزلت بعد الهجرة ونزلت في المدينة المنورة، وأيضاً لها نهجٌ معين اتخذته، وقسم العلماء هذا التقسيم بناءً على بحثٍ ودرايةٍ وشروط، وأما عدد آيات القرآن فهي ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية، وعدد كلمات القرآن هي سبع وسبعون ألف وتسعمائة وأربع وثلاثون كلمة.محمد بكر إسماعيل، دراسات في علوم القرآن، 1/66.
أهمية القرآن الكريم
وللقرآن الكريم أهمية كبيرة في حياة المسلمين، فهو المرجع والدليل بين أيدي المسلمين، والقرآن هو الذي يرشد الإنسان إلى طريق الهداية، فهو الذي يحتوي على أساس العقيدة السليمة، التي فطر الله الناس عليها، وهو الذي يرشد الإنسان، إلى العبادات التي أُمر بها، وإلى الأخلاق التي يجب على المؤمن أن يتحلى بها، وفي القرآن دستورٌ وقواعد لتنظيم المجتمع الإسلامي، ولتنظيمه، والتي من شأنها بناء دولةٍ اسلاميةٍ متماسكة قوية، وأفرادها ذو صلاحٍ، وينهجون في الحياة النهج القويم والسليم.
وأما ما ينبغي على المسلمين تجاه هذا القرآن فهو الإيمان والتمسك به، والعمل بما جاء به، واتباع ما جاء به من أوامرٍ ونواهي، في كافة مناحي الحياة، فالقرآن شمل في تنظيمه لحياة الإنسان كافة أمور حياته، وهو صالحٌ لكل زمانٍ ومكان، فهو يناسب جميع الأفراد في المجتمع، ويراعي الاختلافات بينهم، ففي القرآن الرشد والهداية للطريق الصحيح، والسبيل إلى النصر والرفعة هو العمل بما جاء به، والتمسك به وبأحكامه، ومن أراد البركة والرفعة بين الناس، فالسبيل إلى ذلك هو الإيمان بالله ورسوله والذي يتجلى من خلال الأخذ بما أبقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أيدي المسلمين، وهو القرآن الكريم، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)سورة الأعراف، آية رقم، 96..مصطفى البغا، الواضح في علوم القرآن الكريم، 1/28.