مقدمة
إن من فضائل أمة أن اختصها الله سبحانه وتعالى بالاغتسال، والاغتسال في اصطلاح علماء المسلمين هو استعمال الطهور في جميع البدن على وجه الخصوص؛ لأن هو تعميم بعض أجزاء الجسد بالماء، أما الغسل فجميعها.
مشروعية الاغتسال من كتاب الله
لقد أخذ العلماء مشروعية الغسل من كتاب الله سبحانه وتعالى من خلال الآيات:
قال تعالى:
- ((وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ)) (المائدة: 6).
- ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)) (النساء: 43).
مشروعية الغسل من السنة النبوية الشريفة
- رُوي عن عائشة رضي الله عنها في الجامع الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله).
- روي عن أبي هريرة رضي الله عنه في سنن أبي داوود: (أقيمت الصلاة وصفّ الناس صفوفهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مقامه ذكر أنه لم يغتسل؛ فقال للناس مكانكم، ثم رجع إلى بيته فخرج علينا ينظف رأسه وقد اغتسل ونحن صفوف).
لماذا يجب على المؤمن أن يغتسل
- طاعة لله سبحانه وتعالى والتقرّب إليه بما يحبه، فقد قال سبحانه في كتابه الكريم: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
- أن يعيد للجسم حيويته ونشاطه.
- يجعل الغسلُ المؤمنَ يحافظ على نظافته الشخصية، فإن مكث المؤمن من دون غسل يؤدي ذلك إلى تراكم البكتيريا وحدوث الحكة الشديدة، وتدخل الميكروبات وتتكاثر.
- إزالة إفرازات الجلد من العرق والأوساخ التي قد تسبب الرائحة الكريهة.
متى يُوجب الغسل
يوجب الغسل في الحالات الآتية:
- عند الدخول في الإسلام للكافر.
- بعد انقطاع للمرأة أو ما يُسمى بالحيض.
- بعد خروج دم النفاس الذي يخرج من المرأة بسبب الولادة.
- التقاء الختانين (الجماع)؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جلس بين شُعبها الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغُسل وإن لم يُنزل)، ذكر في الصحيحين.
- غسل الميت.
كيفية الاغتسال الصحيحة
حسب ما ورد في حديث عائشة عن غسل النبي صلى الله عليه وسلم:
- التأكد من طهر الماء وأنه صالح للغسل ولم يخالطه شيء.
- أن تنوي الغسل، وفي الحديث (إنما الأعمالُ بالنيّات).
- البسملة وهي أن تقول (بسم الله الرحمن الرحيم).
- غسل الفرج أو الأعضاء التناسلية كما جاء في حديث السيّدة عائشة.
- الوضوء .
- أن يدخل الماء إلى أصول شعره ويخلله.
- بعد الانتهاء من غسل الشعر يسنّ إفاضة الماء على سائر الجسد، وهو أهم ركن في الغسل، وفي مذاهب أخرى إذا اكتفى المؤمن بتعميم جسده بالماء فقد كفاه ذلك وعدُّ غسلاً صحيحًا.
- أن يغسل القدمين وهو آخر ما يفعله في بماء طاهر.
كيفية الاغتسال من الحيض
- يجب على المرأة أن تغتسل من الحيض وذلك حسب ما جاء في قوله تعالى:
- عند غسل المرأة من الحيض ليس ضروريًّا أن تقوم المرأة بنقض شعر رأسها، فقط من المهم إيصال الماء إلى أصول الشعر، وذلك لما رواه مسلم في صحيحه، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (قلت يا رسول الله، إني امرأة أشدّ شعر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ وفي رواية والحيضة؟ قال: لا، إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات).
- فعندما ترى المرأة إحدى علامات طُهرها من الحيض عليها الاغتسال بالطريقة ذاتها التي ذكرت للاغتسال من الجنابة، وهي:
متى يُستحب الاغتسال
- يُستحب الاغتسال أيضاً في يوم الجمعة، وهو سنة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، حيث قال: (الغسل يوم الجمعة واجب على كل مُحتلم)، كما رواه . وفي حديث آخر قال صلّى الله عليه وسلم: (حق الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده).
- يُستحب أيضاً للمؤمن أن يغتسل ليوم العيد، وهي سنة، فكان النبي صلّى الله عليه وسلم يغتسل ليوم العيد.
- ويستحب الاغتسال عند الإحرام للحج أو العمرة.