مقاصد الصلاة
عمود الدين، وهي أفضل الأعمال التي يتقرَّب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى، وهي أحب الأعمال إليه سبحانه، وللصلاة مقاصد عظيمة؛ ففيها ذكرٌ لله سبحانه وتعالى، وتَقرُبٌ إليه، وتجديدٌ للعهد الذي بين المسلم وخالقه، ومن مقاصد الصلاة أيضاً؛ تعظيم الله سبحانه وتعالى، والخضوع والانقياد له، وتطهير النفس وتزكيتها، ونهيها عن الفحشاء والمنكر، وهي تهذيبٌ للأخلاق، وغذاءٌ للروح، وجلاءٌ للهموم والأحزان. موقع الألوكة: مقاصد الصلاة
وحتى تؤتي الصلاة ثمارها ومقاصدها المرجوَّة، يتوجب على العبد أن يستشعر معاني الصلاة السامية، وأن يؤدي الصلاة كما أمر الله سبحانه وتعالى، ويخشع في صلاته، ويؤديها بأفضل ما يمكن له، إذ أنها في حقيقتها عملٌ خالصٌ لله لنيل رضاه، وفي هذا المقال سيتم تناول موضوع الخشوع في الصلاة، من حيث؛ المعنى، وحكمه الشرعي، وكيفية ، وفوائد الخشوع في الصلاة، والطريقة التي من خلالها يمكن للمسلم أن يصل إلى الخشوع المطلق.
معنى الخشوع في الصلاة
للخشوع معنيان؛ إحداهما لغوي والآخر اصطلاحي، وللعلماء في تعريفه أقوال تدور في فلكٍ واحد، وفيما يلي بيان المعنى الدقيق للخشوع لغةً واصطلاحًا:
- الخشوع في اللغة: هو اسمٌ من الفعل خَشَعَ، يُقال: خَشَعَ يخشع خُشوعاً، فهو خاشع، وجمعه؛ خُشُعٌ، والخشوع بهذا الموضع يعني الخضوع والذُّل؛ فيُقال: خشع الرجل أي؛ خضع وذلَّ، وخشع بصره أي؛ انكسر، وخشع الصوت أي؛ انخفض، وخشع ببصره: غضّه وكفّه، كما يرد الخشوع بمعنى الخوف؛ يُقال: خشع من الشيء: أي خافه، وخشع الشيء: سكن، وخشوع القلب: ضَراعته وسكونه، ويصلي في خشوع أي؛ في استكانةٍ، وسكونٍ، وخضوع. موقع المعاني: تعريف ومعنى الخشوع (بتصرف)
- الخُشوع اصطلاحًا: يمكن تعريف الخُشوع في الاصطلاح بأنّه: قيام القلب بين يدي الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك بالخضوع، والتذلُّلِ له، والانقيادُ للحق. موقع جامعة الإيمان: الخشوع (بتصرف)
كيفية الخشوع في الصلاة
يُعتبر الخشوع ثمرةً لصلاح قلب العبد واستقامة جوارحه، ومن الأسباب التي تُعين العبد على الخشوع في الصلاة ما يلي:كتاب: الخشوع في الصلاة المؤلف: أبو لطفي، محمَّد بن لطفي، بن عبد اللطيف، بن عمر الصبَّاغ الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة – مصر، دار الوراق للنشر والتوزيع، الرياض – المملكة العربية السعودية الطبعة: الثالثة، 1419 هـ – 1999 م، الصفحة(44-74) بتصرف
- إحسان الوضوء واستيعابه لجميع مناطق الغسل؛ فالوضوء سببٌ في حضور القلب وبالتالي خضوعه في الصلاة لله وحده.
- استجماع العبد لنفسه، وفكره وقلبه، قبل الدخول في الصلاة، والابتعاد عن مشاغل الدنيا وما فيها من مُلهيات.
- إقبال العبد على الصلاة بفكره، وقلبه، وجوارحه، فيعلم العبد أنّه عند أدائه للصلاة، أنّه واقفٌ بين يدي الله سبحانه وتعالى، وأنّ ربه يراه ويُراقبه، وهو ما يُعرف بالإحسان في .
- استحضار تفاهة الدنيا، وأنها دارٌ فانية، ومتاعها متاع الغرور.
- التأنِّي في الصلاة وعدم الاستعجال في أدائها؛ فالعجلة في أدائها سببٌ في إفسادها، وبالتالي ضياع الخشوع.
- أداء الصلاة في أوّل وقتها، فيكون العبد في فُسحةٍ من الوقت بعكس من يؤدِّيها في آخر وقتها؛ فإنه يؤديها بسرعةٍ تُبعده عن الخشوع في الصلاة.
- اتِّخاذ العبد سُترةً يقف خلفها ويؤدي صلاته، حتى لا يُشغله شاغل، ولا يمر بين يديه مارٌّ يقطع عليه خشوعه.
- أداء السنن و، لما في ذلك من إيقاظٍ للقلب، وتهيئةٍ للخشوع.
- التقليل من الحركات أثناء الصلاة، ولا يكون التَّحرُّك إلاّ للضرورة، فعندما تسكن الجوارح فإنها تُعين القلب على الحضور وبالتالي على الخشوع.
- ضبط الأمور واستبعاد المشاغل بحيث لا يكون عند العبد صارفٌ يصرفه عن الإقبال على الصلاة، وأدائها في وقتها المحدد.
- الالتزام بما في الصلاة من أحكام وآداب.
- عدم الانشغال بأمور الدنيا، وطرد الخواطر من الفكر، والاستعاذة بالله من الشيطان ووساوسه.
- اختيار ما يُعينه على الخشوع من حيث المكان المناسب والثوب المناسب، لأداء الصلاة.
- أكل الحلال فإنّ في ذلك رِقَّةً في القلب، وهو مجلبةٌ للخشية، وفيه إجابةٌ للدعاء.
- الازدياد من العلم الشرعي، ومعرفة الله سبحانه وتعالى، ومحبته، والخوف منه، ورجاءه، والثقة بما عنده.
- الحذر من الرياء؛ فهو الشرك الخفي، ناهيك عن كونه محبطاً للأعمال.
- التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وتجديدها مرةً بعد مرة.
- التواضع لله سبحانه وتعالى، وعدم العجب بما يقوم به من العبادات والطاعات.
- إدراك قيمة الصلاة، وأهميتها، وأنها أعظم ، بعد الشهادتين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بني الإسلام على خمس: إيمانٌ بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت)الراوي: نافع مولى ابن عمر، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 4514، خلاصة حكم المحدث: [معلق]
- الإكثار من ، ومحاسبة النفس، والإكثار من ذكر الموت، والاستعداد ليوم القيامة.
- التفكير فيما في الصلاة، من أقوال، و أفعال، والتدبر فيها.
حكم الخشوع في الصلاة
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم الخشوع في الصلاة حول كونه؛ فرضًا، أم سنةً، وكان لهم في هذه المسألة عدة أقول أهمها: موقع طريق الإسلام: الخشوع في الصلاة حكمه وأسبابه
- الخشوع في الصلاة سنَّةٌ من سننها: وإلى هذا القول ذهب جمهور الفقهاء، مستدلّين على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نوديَ للصلاةِ، أدبرَ الشيطانُ وله ضُراطٌ، حتى لا يَسمعَ التأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أقبلَ، حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاةِ أدبرَ، حتى إذا قُضِيَ التَّثْويبُ أقبلَ، حتى يَخطِرَ بين المرءِ ونفسهِ يقولُ: اذكُرْ كذا، اذكُرْ كذا لِما لم يكن يذكُرُ حتى يَظَلَّ الرجلُ لا يدري كمْ صلى)الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 608، خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
- الخشوع في الصلاة من فرائض الصلاة: ولكنها لا تبطل بتركه، وذلك لأنّه معفوٌ عنه، وإلى هذا القول ذهب بعض فقهاء المذاهب الفقهية الأربعة، وقال آخرون بأنّه فرضٌ وتبطل الصلاة بتركه، وذهب آخرون إلى أنّ الخشوع في الصلاة شرطٌ من شروط صحة الصلاة، ويُشرط وجوده ولو في جزءٍ منها ولا يؤثر بعد ذلك إن انتفى في باقي أجزائها.
فضل الخشوع في الصلاة
للخشوع في الصلاة فوائد وفضائل كثيرة منها ما يلي:كتاب: الخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة – مفهوم، وفروق، وفضائل، وعلم، وعمل، وفوائد، وأسباب، وآداب، وأحكام المؤلف: د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني الناشر: مطبعة سفير، الرياض، الصفحة(20-26) بتصرف
- إذا فرّغ العبد قلبه في صلاته، ذهبت عنه خطيئته كيوم ولدته أمه.
- إذا صلّى العبد ركعتين لله سبحانه وتعالى، ولم يُحدِّث فيهما نفسه، غفر الله سبحانه وتعالى له ما تقدم من ذنبه.
- إذا صلّى العبد الصلاة المفروضة، فخشع فيها وأحسن الخشوع كانت له كفارةً لما قبلها من الذنوب.
- إذا صلّى العبد ركعتين لله سبحانه وتعالى، بحيث يكون فيهما مقبلاً بقلبه ووجهه، وجبت له الجنة.
- عباد الله الذين يخشعون في صلاتهم ويخضعون لله سبحانه وتعالى، مبشَّرون بكل خيرٍ في الدنيا والآخرة.
- الفوز والسعادة والنجاح للخاشعين في صلاتهم، قال الله سبحانه وتعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).سورة المؤمنون آية (1-2)
- الخشوع لله سبحانه وتعالى، والتواضع له من أعظم الأسباب التي تُدخل العبد الجنة، وتُنجِيه من النار.
- الخشوع في الصلاة يُورِث هداية الله سبحانه وتعالى، والتثبيت لصاحبها بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة.
- الخاشعين لله سبحانه وتعالى هم أفضل الناس عنده.
- من أدّى الصلوات الخمس وهو خاشعٌ فيهنّ، موعودٌ بالمغفرة والرّحمة من الله سبحانه وتعالى لقاء صدقه مع الله.
- مدح الله سبحانه وتعالى الخاشعين؛ الذين يخشعون عند قيامهم بطاعته ووصفهم بأنهم من أهل العلم، قال الله سبحانه وتعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)سورة الزمر آية (9).