ندرك جميعًا أن الموت هو نهاية الحياة الدنيا وبداية الحياة الآخرة، وقد سن الله تعالى الموت ليعلم الإنسان أن لحياته هدفًا؛ فهي ليست مستمرة مما يجعله يجتهد في عمله حتى يبلغ مأمله في هذه النهاية ويفوز بالجنة، و هي المرحلة التي تسبق دفن الميت، يقوم بها المسلمون بعد تكفينه وتغسيله وتجهيزه للدفن، وفيها يشرع الدعاء للميت وللمسلمين، وبعد الانتهاء منها يُدفَن الميت في قبره.
فضل صلاة الجنازة
صلاة الجنازة هي فرض كفاية إذا قام بها بعضنا سقطت عن الآخرين، لها فضل عظيم وثواب كبير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين» عليه.
كيفية صلاة الجنازة
تقام صلاة الجنازة في المسجد وهي لا تكون بشكل منفرد أبدًا، وهي صلاة بلا ركوع أو سجود، وفيها:
- يقف الإمام عند رأس الميت إن كان الميت ذكرًا وإن كانت أنثى يقف عند وسط الميت، ثم يكبر الإمام أربع تكبيرات:
- التكبيرة الأولى: تكبيرة الإحرام أي الدخول في وفيها يستعيذ الإمام والمأموم، ثم تُقرأ الفاتحة، وسورة قصيرة.
- التكبيرة الثانية: تكبيرة التشهد وفيها قراءة النصف الأخير من التشهد «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد».
- التكبيرة الثالثة: تكبيرة وفيها الدعاء للميت، وللمصلي أن يدعو لنفسه ويسن فيها الدعاء «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وأفسح له في قبره ونور له فيه، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده» مسلم.
- التكبيرة الرابعة: وفيها يدعو الإمام والمأموم لعموم المسلمين ثم يسلم على الجهة اليمنى فقط.
محظورات الجنائز وممنوعاتها
يأتي الناس ببعض الأفعال في أثناء الجنازة والتي قد يظن فاعلها أنها تشعر الناس بمقدار معزة الميت لديه، ولكنها أفعال تخالف السنة والهدي النبوي، وقد تؤدي بفاعلها إلى النار، ومنها:
- النهي عن الندب على الميت والنياحة: وذلك بأن يقوم أهل المتوفى أمه أو زوجته أو ابنته بذكر محاسن الميت بالبكاء، أو البكاء بصوت عالٍ وإظهار الجزع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام وعليها سربال من قطران» مسلم.
- النهي عن الصراخ ولطم الخدود وحلق الشعر جميعها عادات جاهلية تقوم بها أو الابنة لإظهار ما ألم بها من مصيبة وهي من الاعتراض على قدر الله وقضائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية» مسلم.
- إنارة القبر وهو ما يلجأ إليه بعضنا ظنًا منهم أنه يأنس الميت في قبره، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج أي المصابيح» الترمذي.
- تتبع النساء للجنازة وذلك بأن تمشي وراءها وتتبعها حتى يُدْفَنُ الميت، وهو منهي عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء في الجنازة: «ارجعن مأزورات غير مأجورات» ابن ماجة، ولحديث أم عطية رضي الله عنها «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا». عليه
شرعت صلاة الجنازة للرجال والنساء على السواء في تحصيل الأجر، ولكن المنهي عنه هو تتبع الجنازة إلى القبور وذلك لما يخشى من الفتنة بهن وعليهن، وكانت النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلين الجنائز في مسجده ومعه، ولا يتتبعن الجنائز لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما جاء في حديث أم عطية، وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري: إن النهي هنا نهي تنزيه وليس تحريمًا لقول أم عطية: «ولم يعزم علينا» أي لم يؤكد علينا في المنع والله أعلى وأعلم.