اختراع الورق ومراحل تطويره
عرف القديم الكتابة حينما احتاج إلى طريقة ليصف بها حياته ويؤرخ بها أعماله، وحينما توصل لها بقى البحث عن وسيلة للتدوين عليها، فلم يجد سوى الصخور مكانًا ملائمًا للكتابة، ولكن مع الوقت واحتياج الكتابة لأشياء أخرى غير تدوين الحياة اليومية كان من الضروري تطوير وسائل التدوين، فمع تواصل الإنسان القديم مع غيره من الدول المجاورة احتاج لتدوين مراسلات وغيرها من التعاملات التي تحتاج للكتابة.
محاولات صناعة الورق
بالبحث عن وسيلة أكثر سهولة للتدوين توصل للكاتبة على ورق مُعد من نبات البردي، وكانت المحاولة الأولى والأكثر نجاحًا في صناعة ورق يفي بالغرض، وكانت أولى الكتابات التي دونت على البردي تعود للقرن الثالث قبل الميلاد.
وظهرت طريقة أخرى في دول غرب أسيا، وكان الورق هذه المرة مصنوع من الجلود، فكان بديلًا لورق البردي الذي منع ملوك مصر القديمة تصديره لدول العالم، فلجأوا لصناعة الورق من جلد الحيوانات، واعتمدوا في ذلك على الجلود الرقيقة كجلود الشاة والغزلان والماعز، وذلك عن طريق وضع الجلود في مياه الجير وهي مادة تساعد على التخلص من البقايا العالقة في الجلود من لحم أو وبر أو شعر، وبعد أن يجف الجير على الجلود يتم حكها من خلالها، ثم تدخل في عملية غسيل وتنظيف لإزالة الجير، ثم يتم حكها لإزالة أي بقايا بها، وتطلى بمادة الغراء لتكون زلقة ويسهل الكتابة عليها. ويكيبيديا، تاريخ الورق.
اختراع الورق الحديث
ثاني التجارب الحقيقة التي تمكنت من إنتاج الورق بالشكل الذي تطور عنه الورق المعروف حاليا كانت في القرن الأول الميلادي، وكان الصينيون أصاحب تلك التجارب الأولى، وإليهم يرجع فضل اختراق الوراق الحديث، وكانت صناعته قائمة على مواد نباتية وطرق بدائية، فاستخدموا الخيزران والقنب والعشب الصيني ودمجوهم مع قطع من القماش ولحاء الشجر، وبعد جمع تلك المواد بنسب محددة يتم غسلها إلى أن تفقد لونها، بعدها يتم طحنها حتى تصل لحالة متماسكة كالعجينة، ومن ثم يضاف إليها مقدار من الماء ليزيد ليونتها وتصل لحالة شبه سائلة، ثم يسكب فوق ألواح مسطحة رقيقة ويترك تحت أشعة الشمس، ويتم تحسين جودة الورق بإضافة خليط من الدقيق أو النشا إليه، فيمنحه ملمسًا أكثر نعومة ويصبح مناسبًا للاستخدام.
صناعة الورق الحديثة
الورق الحديث بحالته المعروفة عبارة عن مجموعة من الألياف المترابطة والمتصلة فيما بينها، وتصنع ما يشبه الشبكة بتواصلها وهي بالغة الدقة، وتتكون المستخدمة في صناعة الورق من عدد من المكونات التي تدخل في عملية كيميائية لتخرج المادة الأساسية لصناعة الورق، وتتمثل تلك المكونات في ألياف السليلوز؛ وهي المادة الرئيسية في عملية صناعة الورق، تضاف إليها مادة اللجنين ومادة الهيسليلوز لتمنح الألياف الترابط والليونة اللازمة.
كيفية صناعة الورق
تقوم صناعة الورق على فكرة أساسية وهي استخدام مادة السليلوز المتواجدة في جميع أنواع النباتات، وذلك بجمع المادة ووضعها في حتى تتحلل وتتشابك جميع الألياف، وتنقل المادة من الماء مع تصفيتها إلى صفائح معدنية، فتتصفى المياه ويبقى النسيج، وبعد أن تجف المادة تصبح مناسبة لصناعة الورق، فتدخل المادة الجافة إلى ماكينات صنع الورق لتحولها إلى لفائف كبيرة مؤلفة من طبقات رقيقة، ثم يتم تقسيم تلك اللفائف حسب الغرض المستخدمة لأجله، وقد تختلف طريقة التحضير حسب المواد المستخدمة، أو حسب الغرض الذي سيستخدم فيه الورق.
أما عن مواد صنع الورق فهي بصورة عامة تؤخذ من النباتات، فقد تعتمد صناعة الورق على لحاء الشجر أو خرق الكتان، أو الخشب، أو القطن، ولكن الأكثر استخدامًا في صناعة الورق مادتين:
- خرق الكتان: وتمثل خرق الكتان المصدر الأول للورق الأعلى من حيث الجودة والنقاء، وقبلها كانت الأوراق المصنوعة من الحرير والتي اعتمد الصينيون في صناعتها على مخلفات الحرير، وكلنها كانت طريقة مكلفة فلم يستمر العمل بها.
- الخشب: وهو الأكثر استخدامًا في صناعة الورق، وهو أقل تكلفة من جميع مواد صناعة الورق، خاصة وأنه يتم استخدام كافة مخلفات الخشب لصناعة الورق، فكل ما يخرج من الخشب عند صناعة القطع الخشبية يتم استخدامه في صناعة الورق، مثل نشارة الخشب والقطع الصغيرة وحتى الأخشاب غير الصالحة للنجارة، فكل ذلك يتم استخدامه في صناعة الورق، ولذلك تزدهر صناعة الورق في البلاد ذات الغابات الفسيحة.
انتقلت صناعة الورق من الصينين للعرب، وذلك في بداية القرن الثامن الميلادي، وذلك حين سقطت مدينة سمرقند في يد العرب المسلمين، وبمجرد انتقال فكرة صناعة الورق إليهم تم إنشاء أول دار لصناعة الورق في العاصمة في عهد ، وكان الاعتماد آنذاك على القطن كمادة خام لصناعة الورق، وانتقلت الصناعة من بغداد لدمشق ومنها إلى بقية بلاد الشام ومصر.
ووصلت صناعة الورق للمغرب العربي وانتقلت منه في القرن الثاني عشر الميلادي إلى أوروبا، فقد دخلت صناعة الورق بداية حينما دخلها العرب فاتحون، وبدأت تنتقل الصناعة من دولة لأخرى حتى انتشرت في كافة الدول الأوروبية.
عند اكتشاف الأمريكيتين وانتقال الأوروبيين إليها في القرن السادس عشر الميلادي، نقلوا إليها طريقة صناعة الورق، فظهرت الصناعة في أولًا ومنها إلى بقية المستعمرات في الأمريكيتين، ووصلت الصناعة إلى أمريكا في القارة الشمالية فيما بين القرنين السادس والسابع عشر الميلادي، وفي ذلك الوقت تم التوصل لأول ماكينة لصناعة الورق الرقيق وكانت ماكينة هولندية الصنع.
ومن أهم الدول المصنعة للورق في العالم اليوم هي ، بإنتاج يتجاوز 80.8 طن متري، وتليها الصين ثم اليابان وكندا.