الطفل العنيد
في البداية يجب التّمييز بين ، والطّفل الذي عنده إرادة حرّة، قبل اتّخاذ إجراء لكيفيّة التّعامل معه. إنّ الأطفال ذوي الإرادة القويّة، يتميّزون بالذّكاء، والإبداع، ويطرحون الكثير من الأسئلة، ولكن من الصّعب أحيانًا التّفريق بين المصطلحين.
يُعرّف العناد بأنّه عزم ثابت على القيام بشيء ما، أو التّصرف بطريقة معيّنة تجاه شيء ما، وهو رفض تغيير الأفكار، أو السّلوكيّات، بغضّ النّظر عن الضّغط الخارجيّ للقيام بخلافها. ويمكن أن يكون العناد عند الأطفال وراثيًّا، أو سلوكًا مكتسبًا، ولكن يمكن للأهل مساعدة الطّفل على تغيير سلوكه للأفضل، بعد الوعي بمشكلته.
كيف تتعامل مع الطفل العنيد
إنّ التّعامل مع الطّفل العنيد يمثّل تحدّيًا كبيرًا للآباء كلّ يوم، فكيف إذا كانوا أكثر من طفل؟
كلّ الأعمال اليوميّة البديهيّة التي يقوم بها جميع الأطفال بشكل اعتياديّ، تشبه المعركة مع الطّفل العنيد، وعندما لا يقوم الطّفل بشيء سوى ، تجاه أيّ أمر يقوله له الوالدان، ومن دون قصد، عندما يستسلم الوالدان لنوبات الغضب، ينمّون عند الطّفل هذا السّلوك المتصلّب.
أفضل طريقة للتّعامل مع الطّفل العنيد هي إظهار أنّ سلوكه لا يجدي نفعًا، ولا يجب على الأهل إيلاء الاهتمام بهذا السّلوك أبدًا. وما يلي بعض النضائح الإضافية.
يجب الاستماع للطّفل بدل مجادلته
إذا أراد الأهل أن يستمع الطّفل لهم، يجب عليهم أن يستمعوا له أوّلًا، لأنّ الطّفل قد يكون قويّ الإرادة، ويميل إلى كثرة الكلام. وقد يدفع عدم الاستماع لما يريده الطّفل إلى جعله عنيدًا؛ ففي معظم الأحيان عندما يُصرُّ الطّفل على القيام بشيء أو عدم القيام به، أو إجراء محادثة مع الأهل ولا يستمعون لهم، يمكن أن يلجؤا إلى حيلة العناد ضدّ كلّ شيء، على الأهل إيجاد طريقة هادئة ومرضية للحديث مع الطّفل، وليس بمواجهته بالأوامر مباشرة.
التّواصل مع الطّفل بدل توجيه الأوامر إليه فقط
السّلوك المضاد هو سمة أساسيّة عند الطّفل العنيد، فعندما يُجبر على فعل شيء، فإنّهم مباشرة يميلون إلى التّمرّد والرّفض، ويفعلون كلّ شيء عكس ما يجب فعله. على سبيل المثال، إنّ إجبار الطّفل على عدم مشاهدة التّلفاز وقت النّوم، لن يُساعد على ترك الطّفل للتّلفاز أبدًا، وسيخلق المزيد من المشاكل، من الأفضل أن يتابع الأهل التّلفاز معه، وعندما يحصلوا على الهدوء، يمكن أن يطلبوا من الطّفل عدم مشاهدة التّلفاز في وقت النّوم، وهذا أكثر فاعليّة من الأوامر المباشرة. تقول الخبيرة سوزان ستيفلمان في كتابها “المواجهة من أجل السّلطة دون عناء”: إنّ تأسيس علاقة لا تتزعزع مع الأطفال العنيدين، تجعل من الأسهل التّعامل معهم.
إعطاء الخيارات
عند الأطفال رغبات خاصّة، ولا يحبّون دائمًا أن يقال لهم ما يجب فعله، مثلًا عند إخبار الطفل العنيد أنّ عليه النّوم في التّاسعة مساءً، سيفعل أيّ شيء ما عدا النّوم! بدلًا من ذلك من الأفضل سؤاله إذا كان يريد أن يقرأ قصّة قبل النّوم مثلًا، حتّى بعد هذا الخيار، سيراوغ الطّفل العنيد ويرفض النّوم مهما حصل، ولكن على الأهل عدم الاستسلام لرغبته، وتكرار أنّ عليه الذّهاب إلى النّوم، في النّهاية سيستسلم الطّفل ويذهب للنّوم، ولكن على الأهل تكرار هذا بدون رفع الصّوت، وبدون عصبيّة، بل بكلّ هدوء. لا يجب ترك العديد من الخيارات أمام الطّفل العنيد، بل تحديد شيئين أو ثلاثة، مثلًا بدل سؤاله ماذا سوف يرتدي؟ تحديد اثنين أو ثلاثة من الملابس، ليختار من بينها.
هدوء الأهل أمر ضروريّ
عندما يتحدّث الطّفل العنيد مع أهله يبدو الأمر كأنّه مباراة في الصّراخ، ومن سيكون صوته أعلى من الآخر، وهذا يجعل الأمور أسوأ، والخطأ في هذا على الأهل؛ لأنّهم أكبر وتقع عليهم مسؤوليّة تعديل سلوك طفلهم. يجب أن تكون المحادثة مثمرة بين الأهل والطّفل، في إيصال فكرة الحاجة إلى القيام بعمل ما، أو التّصرّف بطريقة معيّنة.
الاحترام
الاحترام أمرٌ متبادل، فإذا أراد الأهل أن يحترمهم الطّفل، عليهم احترامه في البداية، وهذه بعض الطّرق لصياغة الاحترام المتبادل:
- طلب التّعاون؛ حيث أنّه من الجيّد عدم الإصرار على الالتزام بالتّوجيهات أحيانًا.
- وجود قواعد مُتّسقة لجميع الأطفال، وعدم التّراخي فيها.
- من الجيّد أن يكون التّعامل على أساس المشاعر والأفكار، وليس من منطلق سلطة الأهل.
- إيصال فكرة الثّقة فيما يعمله الأطفال، عن طريق تركهم يفعلون ما بوسعهم، وعدم مساعدتهم للقيام بأعمالهم، أو الأعمال التي طُلب منهم عملها.
- يجب على الأهل أن يقولوا ما يفعلوا، ويلتزموا بفعل ما يقولون؛ حتّى يترسّخ عند الأطفال مبدأ القدوة و وغيرها من المبادئ الجيّدة.
المشاركة مع الطّفل العنيد
يتمتّع الأطفال العنيدون بحساسيّة عالية تجاه طريقة التّعامل معهم، لذلك على الأهل الاهتمام بلهجتهم أثناء الحديث مع الطّفل العنيد، ولغة الجسد، والمفردات التي تُستخدم، وعندما لا يشعر الطّفل العنيد بالارتياح لسلوك الأهل، فإنّهم سيفعلون كل شيء ما عدا الذي يريده الأهل، وسيثور، ويصبح عدوانيًّا.
إنّ تغيير طريقة التّعامل مع الطّفل العنيد، حتمًا ستغيّر من سلوكه، فبدل إخبارهم بما عليهم فعله، الأفضل التّشارك معهم للقيام به، والغرض الرّئيسيّ من هذه المشاركة هي أن يصبح الطّفل العنيد صديقًا للأهل.
استخدام الأنشطة التّرفيهيّة قد تخفّف من حدّة الطّفل العنيد في الرّفض، على سبيل المثال، إذا كانت الألعاب مبعثرة ورفض الطّفل أن يجمعها، يقوم الأهل بعمل مسابقة من سيجمع الألعاب أسرع؟ وهذه الخدعة مفيدة جدًّ، أو أن يبدأ الوالدان بجمع الألعاب وطلب المساعدة من الطّفل.
التّفاوض
يكون التّفاوض ضروريًّا بين الأهل والطّفل العنيد، ليعرفوا ما سبب عدم قيامه بذلك، وقد يصلون إلى حلٍّ وسط بينهم. من الجيّد طرح بعض الأسئلة على الأطفال العنيدين لمعرفة هل عمل ما طلب منه يضايقه؟ أو هل يريد شيئًا غيره؟ وربّما بهذه الطّريقة يشعر الطّفل العنيد أنّ أهله يحترمون رغباته، ولا يعاندونه أبدًا. بالطّبع لا يعني التّفاوض أنّ على الأهل الاستسلام لمطالب الأطفال، مثلًا بدل توجيهه إلى النّوم، من الجيّد التّفاوض معه على الوقت.