ما النقود
منذ وُجِد البشر، بدأت التعاملات والمقايضات في الظهور؛ إذ كان أسلوب المقايضة هو الأسلوب الأوحد قديمًا، فمَن كان يمتلك شيئًا بكثرةٍ كان يبادل جزءًا منه مقابل شيءٍ آخر.
لكن لم تبدِ المقايضة نجاحًا ملحوظًا، ففي أحيانٍ كثيرة لا يحتاج الفرد إلى الشيء الذي سيُقدِّمه له الفرد الآخر في المقابل، وهنا بدأ اعتماد الذهب كوسيلة دفع؛ فكان من الممكن شراء كل شيءٍ تقريبًا مقابل الذهب، وذلك لأهميته، ثم تطور مفهوم “الشيء” الذي تمكن مبادلته بأيِّ شيءٍ آخر إلى “النقود”.
فيما بعد، أصبحت النقود هي محرِّك الحياة الفعلي، فلا يمكن للفرد أن يعيش دون نقود؛ فهي تُستخدَم في شراء أي شيء، بما في ذلك الطعام والشراب والملبس، وهي أساسيات الحياة ولا يمكن العيش من دونها، ثم بدأت كل دولةٍ في صناعة النقود الخاصة بها، سواءً كانت تلك النقود ورقيةً أو معدنية، وأصبح لكلِّ دولةٍ اقتصاد يؤثر ويتأثر بقيمة عملتها، فكيف تُصنَع تلك النقود إذن؟
كيف تُصنَع النقود؟
النقود الورقية تُصنَع من أوراقٍ وخامات خاصة حتى لا تُزوَّر أو تُقلَّد بسهولة، وهي بكلِّ تأكيدٍ تُطبَع في المطابع الحكومية الخاصة بكلِّ دولة.
وتمُر عملية صناعة النقود الورقية بمراحل كثيرة ومتعددة، وذلك لأنَّ الورق الخاص بالنقود لا يُصنَّع بطريقةٍ عادية مثل الورق المستخدم في الطباعة وصناعة ورق الكتب أو المجلات، بل يتكون من خليطٍ من القطن والكتَّان، وتبدأ مرحلة التصنيع بوضع القطن في وعاءٍ ضخم لمدة ساعتين بطريقةٍ معينة لطهيه، ومن ثمَّ تنظيفه من الشوائب العالقه به عن طريق غسله في الماء أو في موادَّ ومحاليل معينة، وبعد ذلك يُوضَع الخليط النظيف في مرحلةٍ إنتاجية أخرى حيث يُخلَط بمجموعةٍ من الخلطات المجهولة، وبهذا يتحول الخليط إلى ورقٍ فريد.
بعد الانتهاء من المرحلة الأولى السابق ذكرها، تُوضَع العلامات المميزة على الورق قبل بدء عملية الطباعة عليه، وذلك لحمايته من أي تزويرٍ ممكن، وتتم هذه الخطوة بينما لا يزال الورق مبتلًّا نسبيًّا، بعدها تُجفَّف هذه الأوراق تمامًا باستخدام أفرانٍ متخصصة، ومن ثمَّ تُؤخَذ إلى المطبعة لطباعة تصميم العملة على الورق الجاف والبدء في إتاحتها بالمصارف والبنوك.
لكلِّ عملةٍ علامة مميزة تشبه العلامة المائية يكون من السهل رؤيتها عند تسليط الضوء على العملة الورقية، هذه العلامات تُطبَع على الورق قبل طباعة التصميم نفسه حتى، وبهذا تُمنَع عملية التزوير أو على الأقل جعلها غايةً في الصعوبة، كما تُضاف الخطوط والأشرطة المميزة لبعض العملات في هذه المرحلة.
خطوات صنع النقود
- يُسخَّن القطن في درجة حرارةٍ عالية جدًّا، ومن ثمَّ يُضغَط.
- يُنظَّف القطن من الشوائب حتى يتحول لونه إلى الأبيض الناصع.
- يُعجَن القطن ويُخلَط بعدة موادَّ حتى يكون ملمسه مشابهًا لملمس النقود.
- بعدما ينضج العجين، يُشكَّل وفقًا لحجم العملة؛ إذ إن لكلِّ فئةٍ من فئات العملات الورقية حجمًا معينًا وقياساتٍ معينة.
- تُوضَع العلامات المائية ووسائل الأمان جميعها على الأوراق الفارغة.
- يُوضَع تصميم العملة الذي أعدته الدولة ويشمل -مثلًا- صورةً لأحد المشاهير أو أحد المعالم السياحية، بجانب قيمة العملة وتاريخ الإصدار وبياناتٍ أخرى عديدة.
غالبًا ما تُطبَع النقود في مطابع خاصة تقع ضمن حدود الدولة ويديرها البنك المركزي، وعادةً ما تكون مواقع تلك المطابع سريةً ومؤمنة بشكلٍ كامل لحمايتها من السرقة أو الهجمات الإرهابية.
ما لا يعلمه البعض أن هناك دولًا كثيرة تطبع وتسكُّ عملاتها خارج حدودها، وقد أشارت بعض التقارير إلى أن نصف دول العالم تطبع عملاتها خارج حدودها، أي في دولٍ أخرى، ويتم ذلك بالاتفاق مع شركاتٍ عالمية لديها التصريح بالعمل في هذا المجال وأهمها شركة (دي لارو) البريطانية وأيضًا شركة (بنك نوت) الكندية.
لكن لماذا تلجأ الدول إلى طباعة والنقود و خارج حدودها؟
يحدث هذا لغرضين أساسيَّين: الأول، منع تزوير العملة، وهذا لأنَّ تلك الشركات العالمية لديها أجهزة متقدمة جدًّا وماكينات حديثة، والآخر لأنَّ هذا الأمر عادةً ما يكون أقل تكلفةً على الدولة من إنشاء مطابع خاصة وتجهيزها بالأجهزة والعُمَّال، وبهذا تضرب الدول عصفورين بحجرٍ واحد.
وبالتأكيد لا يمكن حصر الدول التي تطبة عملاتها خارج حدودها أو تحديدها، لأنَّ الأمر عادةً ما يتَّسم بالسرية الكبيرة، كما لا تعلن الدول التي تطبع النقود في مطابعها الخاصة تكلفة الطباعة، لأنَّ الأمر يُعدُّ سريًّا أيضًا.
لماذا تُصنَع النقود الورقية؟
منذ بداية اختراعها، كانت النقود تُصنَع من المعدن، بما في ذلك المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة، لكن العالم الحديث توجَّه إلى الاعتماد على النقود الورقية لعدة أسباب، وهي:
- التخلص من صعوبة حمل النقود المعدنية ونقلها.
- التمكن من حمل مبالغ مالية كبيرة بسهولة.
- تيسير عمل المصارف والبنوك.