خلق الله الإنسان وميّزه عن الحيوان بالعقل والتفكير والتدبر، وعلى الرغم من ذلك يظل العقل قاصرًا أمام عظمة الجبار في فهم الكون وفهم ما يحيط به من غيبيات، فلا يعلم ماذا يحل به في الغد، وكيف يختار أمور حياته ويرتبها بما هو أصلح له؛ لذلك سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة نتبعها عند الوقوع في الحَيْرة بين أمرين وبين الاختيار بينهما ألا وهي ، وهي صلاة علمنا إياها صلى الله عليه وسلم وبين لنا أهميتها وكيفية القيام بها على أكمل وجه حتى نحصل على الصلاح والفلاح في ديننا ومعاشنا وعاقبة أمرنا، وفيما يأتي سوف نتناول بعض الأحكام التي تخص صلاة الاستخارة، وكيف نؤديها كما علمنا النبي صلوات الله وسلامه عليه.
حكم صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة هي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بدليل الأحاديث التي وردت فيها وفي كيفيتها، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة» البخاري، وهو دليل مشروعيتها من السنة النبوية.
متى تحتاج إلى صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة تأتي لطلب المدد من رب العالمين على قضاء حوائجك للتخلص من الحيرة بين أمرين أو بين اختيارات متعددة تجهل أيهما أصلح لك في دينك وحياتك وعاقبة أمرك، ويقول : إن الاستخارة تجلب راحة البال وطمأنينة القلب، يقول الإمام النووي رحمة الله عليه: إن الإنسان خلق ضعيفًا لديه من الشك والتردد ما يجعله قاصرًا عن فهم ما هو صحيح؛ لذلك كانت الاستخارة والمشورة مع أهل الرأي هي الحل لجميع مشاكله فبها يستعين بالله، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “ما ندم من استخار الخالق” وكيف يندم وهو يستشير رب العالمين فيما يجهله ويعلمه الإله.
ماذا نقول في صلاة الاستخارة
عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع رَكعتين من غير الفريضة ثم ليقل: «اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر “تسمي حاجتك” خيرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر “تسمي حاجتك” شرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به» البخاري.
كيفية صلاة الاستخارة
صلاة الاستخارة هي ركعتان من غير الفريضة، يصليها المسلم، يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر له من القرآن ويسن له بأن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورةَ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الركعة الثانية سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم يسلم، ويرفع يده متضرعًا لله يبدأ بالصلاة والسلام على سيدنا محمد كما ورد بالتشهد، ثم يقول دعاء الاستخارة، ثم يجتهد في من تيسير الأمر والحال ويجتهد في .
معتقدات مخطئة حول صلاة الاستخارة
يشاع بين العامة أنه يجب بعد صلاة الاستخارة النوم، حتى ترى منامًا يدل على الاختيار الأفضل لك في الأمر الذي تستخير فيه، وهو أمر مغلوط لا أساس له من الصحة وليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يقوم الإنسان بالاستخارة في أي وقت يشاء من اليوم ثم يمضي في اختيار أحد الأمرين فإن وجد التوفيق والتيسير أكمل فيه وإن وجد التضييق والتعطيل باعد عنه، وإذا اختلط عليه الأمر يجوز له تكرار الاستخارة غَيْر مرةٍ حتى يتضح له الأمر ويكتب له صلاح الأحوال.
حكم الاستخارة بالقرآن
أفتى علماء السنة والجماعة بعدم جواز ما يطلق عليه الاستخارة بالقرآن أو الاستخارة بالمسبحة، وهي أن يأتي أحدهم بالمصحف ويفتحه على أي سورة وأول آية تقع عليها نظره يجد فيها ضالته ومبتغاه، أو أن يأخذ الفأل منها، وهذا كله لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يمت للسنة بصلة فلم يخلق الله عز وجل القرآن لهذه الغاية وإنما خلقه شريعة ومنهاجًا نحفظه ونتدارسه ونطبقه تطبيقًا عمليًّا.
وحكمها بدعة منكرة، لم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة والتابعين، وهي طرق ابتدعهاأصحاب المذاهب المبتدعة مثل القرآنيين والشيعة وغيرهم من المذاهب التي خالفت الهَدْي النبوي في كثير مما ورد عنه بل وتنكر بعضه، وفقنا الله جميعًا لما يحبه ويرضاه.