عن النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنهما أن صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ 60؛ رواه أحمد[1]، فالدعاء عبادة عظيمة يتقرّب بها العبد إلى الله عز وجل، وهي عبادة محبوبة عنده سبحانه، لما لها من إظهار للذل وافتقار العبد إلى ربّه سبحانه وتعالى، وهو نوع من أنواع الذكر، والدعاء أنواع، منه دعاء مسألة، ودعاء عبادة، ومن بين أنواع دعاء العبادة هو دعاء الاستفتاح في ، فما هو دعاء الاستفتاح؟ وما حكمه؟ وما صيغته ولفظه؟ ومتى يؤتى به؟
حكم دعاء الاستفتاح
دعاء الاستفتاح سنة ومستحب، يسحبّ للمصلي أن يقرأه بعد تكبيرة الإحرام مباشرة في كل صلاة، لكن تاركه لا يؤثم وصلاته صحيحة، لكنّ الأفضل الحرص على قراءته -الشيخ ابن باز رحمه الله-.
موضع الإتيان بدعاء الاستفتاح
يشرع دعاء الاستفتاح حال الدخول في الصلاة، أي بعد تكبيرة الإحرام مباشرة وقبل قراءة الفاتحة، وإن مما يشرع للمسلم الحريص، أن يقبل على الصلاة بقلبه وقالبه، ومن ذلك الحرص على اتياع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله وخاصة الصلاة، والتي هي عماد الدين كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن إقامة الصلاة، يوجب على المسلم الإتيان بجميع أركانها وواجبتها وسننها، والحرص على آدائها على أكمل صفة، فيجتهد في الإتيان بالسنن والمستحبات قدر الإمكان، وهذا من باب قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، ولا شك أن الخير كله في اتباع هديه صلى الله عليه وسلم والحرص على ذلك.
صيغة دعاء الاستفتاح
لدعاء الاستفتاح صيغ متعددة ومتنوعة، الأفضل للمسلم أن يأتي في كل مرة بصيغة، وهذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن اقتصر على صيغة واحدة في كل صلاته فلا بأس في ذلك، ومن هذه الصيغ ننقل ما يلي:
- ما جاء في حديث عمر -رضي الله عنه- : ((سُبْحَانَكَ اللََّهُمََّ وَبِحَمْدِكَ وتَبَارَكَ اسْمُكَ وتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إلَهَ غَيْرُكَ))
- حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه،((..اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ خَطَايَاي كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْني من خَطَايَايَ بِالْثلج وَالماء وَالبَرَدِ)) – صحيح البخاري ومسلم-
- حديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: ((وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ)) -صحيح: أخرجه مسلم –
- وعن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: ((اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ – أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ)) -صحيح-
بعض معاني دعاء الاستفتاح
نأخذ على سبيل المثال الدعاء المختصر المشهور والمحفوظ عند عامة الناس، لنعرف معانيه، فنتدبّرها حال قراءته.
((سبحانك اللهم وبحمدك)) : يعني أنزهك ربي عن كل ما لا يليق بك، من صفات نقصٍ أو شكر.
((وتبارك اسمك)) : يعني بلغ البركة كله.
((وتعالى جدك)) : الجدّ هو العظمة في حق الله عز وجلّ، أي بمعنى تعالت عظمتك.
((ولا إله غيرك)) : يعني لا معبود بحقّ إلاّ أنت.
بعض المسائل في دعاء الاستفتاح
- هل يشرع دعاء الاستفتاح في الصلوات المفروضة فقط؟
- دعاء الاستفتاح في صلاة التراويح أو الليل
- خشي أن لا يتم قراءة الفاتحة قبل ركوع الإمام
- دخل المسجد والإمام راكع
- دخل المسجد والإمام يقرأ في صلاة جهرية