يبدأ الأمر في كلّ مرّة بسماء صافية بلون أزرق زاه، ثم تأخذ تلك الزرقة في الانتقال إلى اللون الباهت شيئا فشيئا حتّى تستقرّ على لون رماديّ كئيب يشقّ كآبته وركوده وميض حادّ يكاد يخطف البصر، وما هي إلاّ ثوان قليلة حتى يهوي صوت مدوّ تتقطّع له الغيوم المثقلة بماء السماء فتلقي حمولتها غيثا أو بردًا. إنّه صوت الرعد، دويّ هادر قادم من السماء يحمل معه رحمة الله إلى . وقد جاء في المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية أنّ صوت الرعد يدعى الهزيم وهو صَوتٌ يُدَوِّي عَقِب وَمِيضٍ البَرق عادَةً.
ما هو الرعد ؟
حسب تعريف المنظمة العالميّة للأرصاد الجوّية فإنّ الرعد هو صوت ينتج عن التوسيع المفاجئ لعمود هواء بارد يتم تسخينه بسرعة كبيرة بواسطة البرق خلال عاصفة رعدية. ويتجلى ذلك في شكل دويّ قويّ أو فرقعة متقطّعة وتكون شدته أقوى كلما اقترب البرق من المكان الذي يوجد فيه الراصد.
في الأساطير القديمة، دائما ما يرتبط الرعد بإله:
- زيوس في الميثولوجيا اليونانية.
- جوبيتار في الميثولوجيا الرومانية.
- ثور في الميثولوجيا الإسكندنافية.
- أوكو في الأساطير الفنلندية.
- لي جونغ في الميثولوجيا الصينية.
- ريدن في الميثولوجيا اليابانية.
عن ابن عباس رضي الله عنه ” الرعد ملك من ملائكة الله موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء الله “. رواه الترمذي وصححه، وحسنه الألباني كما في صحيح الجامع.
كيف يحدث الرعد ؟
كان التفسير العلميّ لحدوث الرعد موضوع قرون من المضاربة والتحقيق العلمي. ترجع النظرية المسجلة الأولى إلى الفيلسوف اليوناني في القرن الرابع قبل الميلاد، والتي كانت إحدى التكهنات المبكرة التي تقول أن سببت صوت الرعد هو تصادم السحب.
في القرن العشرين تطور الإجماع أن الرعد هو عبارة عن موجة الصدمة التي يحدثها البرق في الهواء بسبب التوسع الحراري المفاجئ للبلازما في قناة الصواعق. وحسب قياسات التحليل الطيفي فإنّ درجة الحرارة تتزايد داخل قناة الصواعق، حيث ترتفع بشكل حاد من درجة حرارة أولية تبلغ حوالي 20.000 كلفن إلى حوالي 30.000 كلفن خلال مدة 50 لا تزيد عن ميكرو ثانية، ثم تنخفض تدريجياً إلى حوالي 10000 كلفن. ويبلغ المتوسط حوالي 20400 كلفن (أي 20100 درجة مئوية؛ 36300 درجة فهرنهايت) وهذا خمسة أضعاف درجة الحرارة على سطح !. هذا التسخين الهائل يسبب توسعًا هوائيّا سريعًا، مما يؤثر على الهواء البارد المحيط بسرعة أكبر من سرعة الصوت. النبض الناتج عن الحركة الخارجية هو موجة صدمية، مشابهة من حيث المبدأ لموجة الصدمة التي يحدثها الانفجار، أو التي تتشكّل في مقدمة الطائرة الأسرع من الصوت. وقد قدّمت الدراسات التجريبية عن طريق محاكاة ظاهرتيّ الرعد والبرق نتائج تتفق إلى حد كبير مع هذا النموذج، على الرغم من استمرار الجدل حول الآليات الفيزيائية الدقيقة للعملية. كما تم اقتراح أسباب أخرى، معتمدة على التأثيرات الكهربائية الديناميكية للتيار الضخم الذي يعمل على البلازما في صاعقة البرق. كما ينتج عن انعكاس الرعد عندما تحدث الصواعق بين السحابة والأرض أثناء انعكاس درجة الحرارة. حيث يكون الهواء القريب من الأرض أكثر برودة من الهواء الأعلى. يتم منع الطاقة الصوتية من التشتت عموديًا، وبالتالي يتم تركيزها في الطبقة القريبة من الأرض. والذي ينتج بدوره الموجات الصوتية للرعد.
لماذا يسبق وميض البرق دائما هزيم الرعد؟
كما هو معلوم فإنّ الضوء ينتقل بسرعة 300000 كم / ثانية، بينما ينتقل الصوت بسرعة 0.3كم / ثانية. هذا هو السبب في أنك تستطيع رؤية الوميض قبل سماع صوت الرعد الناتج عن البرق. ومع زيادة بعد مسافة الرصد عن البرق يقلّ صوت هزيم الرعد. هذا لأن الترددات العالية يتم امتصاصها بشكل انتقائي. إنه بالضبط مثل تشغيل الموسيقى في غرفة أخرى حيث يمكنك سماع النوتات المنخفضة، ولكن ليس العالية منها.
ما هو سبب اختلاف صوت الرعد ؟
هل سبق لك أن تساءلت عن سبب اختلاف صوت الرعد من وميض إلى آخر؟ في الحقيقة ذلك يعتمد على عدّة عوامل ومؤثرات: درجة حرارة الهواء، وغطاء السحب ودرجة الرطوبة الجوية، وكذلك موقع قناة البرق بالنسبة لمكان الرصد. بحيث يمكنك سماع الرعد من مسافة تصل إلى 20 كم.
تأثير درجة حرارة الهواء على شدة الهزيم
تؤثر درجة حرارة الهواء على انتشار الموجات الصوتية فهذه الأخيرة تتحرك بشكل أسرع في الهواء الساخن مقارنة بالهواء البارد. حيث أنّها تنكمش في درجات الحرارة المنخفضة تماماً مثلما ينحني الضوء وينكسر عندما يمرّ عبر الماء. وبينما تأخذ حرارة الجو عادة في الارتفاع، تميل الموجات الصوتية أو هزيم الرعد إلى الانحناء نحو الأعلى. وهذا يعني أنه إذا كنت على الأرض ، وعل بعد أكثر من 20 كيلومترًا من بؤرة الصدمة فلن تكون قادرًا على سماع الرعد.
تأثير رطوبة الجوّ على شدّة الهزيم
تحدث أيضا اختلافات في شدّة الهزيم بسبب ارتفاع بالقرب من سطح الماء. تتأثر الأمواج الصوتية بسبب الرطوبة العالية فيكون طول موجتها أقل وبالتالي انتشارها أقل. هذا يعني أنه لسماع الرعد في الجوّ الرطب أو بالقرب من المسطّحات المائيّة عليك أن تكون أقرب إلى العواصف.
تأثير كثافة السحب على شدة الهزيم
تتغير شدّة صوت الرعد أيضا اعتمادا على شكل تراكم السحب في قناة البرق، فإذا كانت السحب تتراكم بالتوازي مع الأرض يكون الهزيم دويّا شديد القوّة أمّا إذا كانت سحابة البرق ذات تراكم عمودي على الأرض فيكون الهزيم على شكل فرقعة متقطّعة.
تأثير مكان نقطة المراقبة على شدّة الهزيم
الصوت الجاف للرعد شائع، ويحدث هذا النوع من الصوت عندما تكون قناة الصواعق متعامدة مع نقطة المراقبة. أمّا الهزيم الهادر فهو صوت آخر للرعد. ويحدث عندما تكون قناة الصواعق موازية لمستوي الأرض، أي أنّ مسار البرق ينتقل من إحدى نهايتي السحابة إلى الأخرى.
لكن ماذا يحدث إذا كان هناك عدد من ومضات في نفس الوقت؟ في هذه الحالة، سوف تصلك الموجات الصوتية لكل البرق في أوقات مختلفة؛ يمكنك سماع مجموعة من الضوضاء الجافة والفرقعة.
كيف أحسب المسافة التي تفصلني عن بؤرة الرعد ؟
كما ذكرنا سابقًا ، ينتقل الضوء بسرعة 300000 كم / ثانية ، بينما ينتقل الصوت بسرعة 0.3 كم / ثانية. من هذا المنظور، عندما تحدث عاصفة رعديّة عليك أوّلا أن تجد مأوى آمناً، في منزل أو سيارة، ويمكنك حساب مسافة بعدك عن البؤرة. وذلك مباشرة بعد أن تشاهد وميض البرق، ابدأ بعدّ الثواني حتى تسمع هزيم الرعد. ثم اقسم الثواني على ثلاثة للعثور على المسافة بالكيلومترات. على سبيل المثال: 15 ثانية مقسومة على 3 = مسافة 5 كم.
ملاحظة: تذكر أن تبقى في مكان آمن لمدة 30 دقيقة بعد آخر هزيم للرعد تسمعه. وأن تقرأ دعاء الرعد.
ما هو دعاء الرعد ؟
عن عبد الله بن الزبير- رضي الله عنه – موقوفاً عليه أنه كان إذا سمع صوت الرعد ترك الحديث، وقال: ” سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض”. رواه البخاري.