الشنغن هي منطقة جغرافية وسياسية في قارة أوروبا تضمّ 26 دولة اتّفقت على إزالة الحدود فيما بينها وإلغاء التأشيرات وكافّة قيود السفر والتنقّل. وقد سُمِّيت المنطقة تيمناً ببلدة شنغن، وهي بلدة صغيرة في لوكسمبورغ تقعُ بجوار نقطة تلاقي الحدود مع ألمانيا وفرنسا، حيث أنَّ اتفاقية تأسيس منطقة الشنغن وُقِّعَت في مكانٍ قريب جداً من هذه البلدة في عام 1985، ولم تشترك فيها آنذاكُ سوى خمس دولٍ من تابعة للسوق الأوروبية المشتركة، هي بلجيكا وفرنسا ولوكسمبورغ وهولندا وألمانيا الغربية. في الوقت الحالي، أصبحت منطقة الشنغن تُغطّي مساحة تزيدُ عن أربعة ملايين كيلومترٍ مُربَّع ويعيشُ فيها أكثر من 400 مليون إنسان، ويعبرها الناس 1.3 بليون مرة لينقلوا بضائع تجارية بقيمة 2.8 ترليون يورو.
ما هو عدد دول الشنغن؟
تتألَّفُ منطقة الشنغن من ستة وعشرين دولة، ليست جميعها دولاً أعضاء في الاتحاد الأوروبي. حيثُ أن آيسلندا والنرويج، وهما دولتان لا تتبعُ أيّ منهما للاتحاد الأوروبي، وُوفِقَ على ضمِّهما إلى منطقة الشنغن بصفتهما عضوتين في اتحاد جوازات السفر النوردي، وهي منظّمة تتمتَّعُ بعلاقةٍ قريبة مع الاتحاد الأوروبي، وبالنتيجة، وُوفِقَ أيضاً على ضمِّ سويسرا (في عام 2008) وليختنشتاين (في عام 2011) إلى منطقة الشنغن رغم عدم عضويتهما بالاتحاد.
كما أنَّ ثمة عدة دول إضافية ستنضمُّ إلى الشنغن خلال السنوات القادمة، حيثُ أن كرواتيا وبلغاريا ورومانيا وقبرص (وهي دولٌ أعضاء في الاتحاد الأوروبي) لم تُصبِح عضوةً في منطقة الشنغن بعد، رغم أنَّها ملزمةٌ قانوناً بالانضمام. وقبل انضمام هذه الدول إلى المنطقة، يجبُ على مشرّعي الاتحاد الأوروبي تقييمُ مستواها في أربعة مجالات، وهي سياسة التأشيرة وسياسة حماية البيانات الشخصية ومراقبة الحدود الجوية وكفاءة العمل مع الشرطة.
بالإضافة إلى ذلك، توجد دولتان عضوتان في الاتحاد الأوروبي، هما بريطانيا وإيرلندا، أجرتا مفاوضاتٍ للموافقة على استبعادهما من منطقة الشنغن، حيثُ لا زالت هاتان الدولتان تفرضان قيوداً للحركة والسفر بينهما وبين باقي دول الاتحاد الأوروبي. على الجهة الأخرى، أصبحت بعض الدول الصّغرى في أوروبا، مثل الفاتيكان وموناكو وسان مارينو، جزءاً من منطقة الشنغن بحُكْم الأمر الواقع، نظراً لأنَّ لها حدوداً مفتوحة مع بعضٍ من دول الشنغن الأوروبية، ولأن قوانينها وحجمها يجعلُ إغلاق هذه الحدود صعباً.
{| class=”wikitable”
!الدولة
!سنة الانضمام
|-
|لوكسمبورغ
|1985
|-
|ألمانيا
|1985
|-
|هولندا
|1985
|-
|
|1985
|-
|
|1985
|-
|
|1990
|-
|
|1991
|-
|
|1991
|-
|اليونان
|1992
|-
|
|1995
|-
|آيسلندا
|1996
|-
|النرويج
|1996
|-
|السويد
|1996
|-
|فنلندا
|1996
|-
|الدنمارك
|1996
|-
|تشيكيا
|2003
|-
|إستونيا
|2003
|-
|
|2003
|-
|لاتفيا
|2003
|-
|ليتوانيا
|2003
|-
|مالطا
|2003
|-
|بولندا
|2003
|-
|سلوفاكيا
|2003
|-
|سلوفينيا
|2003
|-
|
|2004
|-
|ليختنشتاين
|2008
|-
|}
تاريخ اتفاقية الشنغن
تعودُ جذور منطقة الشنغن إلى ما يُسمَّى السوق الأوروبية المشتركة، وهي منظمة إقليمية تأسَّست في عام 1957 بعد توقيع اتفاقية روما من قبل ستّ دولٍ مؤسّسة (هي بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا وألمانيا الغربية)، وكان هدفها فتح تعاونٍ اقتصادي جذريّ بين دول أوروبا. وقد أصبحت هذه المنظّمة – فيما بعد – نواة ما تحوَّل مستقبلاً إلى الاتحاد الأوروبي. وقد بإمكان مواطني الدول المؤسّسة في السوق المشتركة، منذ ذلك الوقت، أن يتنقّلوا بحرية بينها، ولكن ليس بين الدول الأخرى في القارة.
وقد اقتُرِحَت الإزالة الكاملة للحدود بين دول السوق الأوروبية المشتركة منذ تأسيسها، إلا أنَّ الاقتراح أوقِفَ بسبب اعتراضاتٍ من بعض الدول. واستمرَّت هذه الحال حتى الثمانينات، عندما قرَّرت خمسة من الدول الأعضاء توقيع اتفاقية الشنغن في 14 يونيو عام 1985 بجوار بلدة شنغن بلوكسمبورغ، حيثُ نصَّت الاتفاقية على الشّروع بإزالة الحدود تدريجياً بين بلجيكا وفرنسا ولوكسمبورغ وهولندا وألمانيا الغربية. وقد كانت ثلاثةٌ من البلدان التي وقعت على الاتفاقية، وهي هولندا ولوكسمبورغ وبلجيكا، قد أزالت الحدودَ فيما بينها قبل ذلك.
لم تكُن اتفاقية الشنغن في أول الأمر مرتبطة بعضوية الاتحاد الأوروبي، وهذا لسببين أساسيَّيْن. أولهما نقص التوافُقِ بين دول الاتحاد على إقرار الاتفاقية، نتيجةً للتشكّك بوجود تشريعات أوروبية تسمحُ بإزالة الحدود بين الدول. وثانيها هو تعجّل الدول الراغبة بإزالة الحدود فيما بينها وعدم رغبتها بانتظار حدوث التوافق. وقد بدأ تطبيقُ الاتفاقية آنذاك بإجراءات بسيطة، مثل منح المواطنين الأوروبيين المقيمين في بلداتٍ قريبة من الحدود حرية الحركة دون عبور نقاط التفتيش، ومثل استبدال نظام ختم الجوازات بتحقيقٍ أمني بسيط يُطلَبُ فيه من سائق السيارة التخفيف من سرعته للنظر إليه.
وفي الواقع، لم تُزِل الدول الأوروبية الحدود بينها بالكامل وتتبنَّى سياسة موحَّدة للتأشيرات (الفيزة) حتى عام 1990، عندما أُلْحِقَ “مثياق الشنغن” بالاتفاقية الأصلية، وفي عام 1997 وقعت جميع دول الاتحاد الأوروبي آنذاك على الملحق، ما عدا المملكة المتحدة وأيرلندا، اللتين بقيتا مسبتعدتين من الشنغن. منذ ذلك الحين، أصبحت بلدان الاتحاد الأوروبي منفتحة على بعضها تماماً ومشتركةً في قوانين التأشيرات والمهاجرين. في عام 2016، حدثَ – لفترةٍ مؤقَّتة – وأن أعادت سبع دولٍ أوروبية فرضَ الحدود فيما بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وذلك استجابةً لأزمة المهاجرين غير الشرعيِّين، وهذه الدول هي الدنمارك والنمسا وفرنسا وألمانيا والنرويج وبولندا والسويد.
قبل توقيع اتفاقية الشنغن وإزالة الحدود بين الدول الأوروبية، كانت ثمة دوريات منتظمة وكثيرة تتولَّى حراسة الحدود في أوروبا وتشرفُ على مراكز حدودية تتحقّق من هويات المسافرين وغرضهم من العبور بين دولة وأخرى. وأما بعد البدء بتطبيق الاتفاقية فقد أوقفت الدوريات بالكامل، وأما المكاتب الحدودية فقد أغلِقَت جميعها أو أزيلت بالكامل من الوجود. وبحكم الاتفاقية فإنَّ جميع الدول الأعضاء بمنطقة الشنغن ملزمةٌ قانوناً بإزالة أي عقبة تُبطِئ أو تُعَرْقِلُ حركة المسافرين، وبالتالي فإنَّ حرس الحدود لا يمكنهُ أن يطلبَ التحقق من هويات رُكَّاب الحافلات والقطارات وسائر وسائل النقل الأخرى تجنُّباً لمخالفة هذا البند (إلا أنَّ موظّفي القطار أو الحافلة يمكنهُم طلبُ إثباتات هوية من المسافرين لو شاؤوا).