ماهو يوم القر؟
الحج من العبادات العظيمة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على كل قادر من الناحيتين المادية والبدنية وهو الركن الخامس من ويقام وفقًا لمناسك خاصة وأيام محددة تبدأ في اليوم الثامن من ذي الحجة وتنتهي في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وهي ستة أيام لكل منها اسم معلوم وأعمال محددة، إلا أننا سنتناول في هذا المقال اليوم الرابع من شعيرة الحج ويسمى يوم القَر، كما سنذكر سبب تسميته بيوم القر والأعمال التي تجب فيه وسبب مكانته العظيمة عند المسلمين.
تعريف يوم القر
يوم القَرّ بفتح القاف وتشديد الراء هو اليوم الذي يلي يوم النحر أي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة وسمي بيوم القر لأن الناس يقرون (يستقرون) فيه بعد أن يكونوا قد فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا ولأن الحجاج يكونوا في تعب من الأيام التي تسبقه وهي يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر فإذا جاء الغد من يوم النحر قروا بمنى فسمي يوم القرّ.
ولهذا اليوم مكانة عظيمة عند المسلمين لأنه من أعظم الأيام عند الله تعالى، فقد ثبت أن صل الله عليه وسلم قال : (إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
وقد ذكر الزمخشري في كتابه أساس البلاغة، أن أهل مكة كانوا يسمون يوم القر بيوم الرؤوس؛ لأنهم يأكلون فيه رؤوس الأضاحي.
ويشاع عند العامة أنه أحد أيام استجابة الدعاء إلا أنه لم يثبت عن الرسول صل الله عليه وسلم استجابة الدعاء فيه لكن ثبت عنه أنه أفضل الأيام عند الله تعالى بعد يوم النحر.
ماهي أعمال يوم القر؟
ليوم القر مناسك وأعمال لايكتمل إلا بها وقد ذكر العلماء أنها من واجبات الحج وأن من ترك منها شيئًا متعمدًا وهو عالم بالحكم فهو آثم وحجه صحيح، لكنه ناقص ولا دم عليه وعليه التوبة أما إن ترك الواجب عن جهل ونسيان فحجه صحيح ولا دم عليه لكنه ترك الأفضل والأكمل.
وقال آخرون أن الحج يصح بترك شيء من الواجبات ويجبر المتروك منها بدم (شاة أو سُبْع بدنة أو سبع بقرة) يتم ذبحها في مكة وتوزع على فقراء الحرم واستدلوا بقول ابن عباس رضي الله عنهما: “من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دماً”.
كما يستحب القيام ببعض السنن في يوم القر سنعرج على ذكرها بعد الإنتهاء من سرد الواجبات.
المبيت بمنى
يعتبر المبيت بمنى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر من واجبات الحج ويستثنى من ذلك السقاة والرعاة وغيرهم، فإنها لاتجب عليهم وقد رخص الرسول عليه الصلاة والسلام للرعاة في عدم المبيت بمنى وأذن للعباس من أجل سقايته ولذلك كان عمر رضي الله عنه يقول “لايبيتن أحد من الحاج ليالي منى وراء العقبة” والقصد من وراء العقبة أي خارج حدود منى وعلى من ترك المبيت بدون عذر أن يجبره بدم.
رمي الجمرات الثلاث
يعد رمي الجمرات من واجبات الحج التي لايجب تركها ويبدأ وقته من بعد الزوال أي من وقت الظهر إلى ماقبل الغروب ولايصح الرمي قبل الزوال لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقم بهذا الواجب من واجبات الحج، إلا بعد الزوال ولو كان الرمي قبل الزوال جائزًا لفعله تيسيرًا على أمته ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما: ” كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا” وذكر العلماء أنه لايوجد حرج في أن ترمى الجمرات بعد الغروب إذا كان الزحام شديدًا.
وتكون كيفية الرمي كالآتي : يبدأ الحاج برمي الجمرة الأولى وتسمى الصغرى أو الدنيا وهي أبعد الجمرات عن مكة وتلي مسجد الخيف وتكون عبارة عن سبع حصيات متعاقبات يرفع يده بالرمي مع كل حصاة ويكبر الله أثناء رميها ولابد أن يقع الحصى في الحوض، فإذا وقعت إحدى الحصوات خارجه عليه أن يرمي بدلًا عنها واحدة أخرى وبعد انتهاء الحاج من الرمي يتقدم عن يمين الجمرة الصغرى ويستقبل القبلة ويدعو، ثم ترمى الجمرة الوسطى بسبع حصيات ويتقدم الحاج ويقف عن يسارها ويستقبل القبلة ويدعو، ثم ترمى جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات يكبر خلالها مع كل حصاة ولايقف الحاج للدعاء بعد الإنتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى لأن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ لم يفعل ذلك.
ومن رحمة الدين الإسلامي أنه رأف بحال الضعيف والصغير والعاجز والمسن والمرأة الحامل فلم يساوي بينهم وبين الإنسان القوي في الأحكام لذا فإن من عجز عن القيام برمي الجمرات الثلاثة جاز له أن يوكل من يرمي عنه لقوله تعالى: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }، ولأن الإنسان الضعيف لايستطيع مزاحمة الناس عند الجمرات وربما يفوته زمن الرمي ولايصح قضاؤه أجاز لهم الشرع توكيل غيرهم في الرمي وعلى الشخص الذي يتم توكيله أن يرمي الحصيات عن نفسه أولًا ثم عمن وكله بموقف واحد في كل جمرة من الجمرات الثلاثة.
فيرمي بسبع حصيات في الجمرة الأولى عن نفسه ثم بسبع أخريات عمن وكله وهكذا في الجمرة الثانية و الجمرة الثالثة.
التكبير والتهليل والتسبيح
التكبير والتهليل في يوم القر من السنن المؤكدة وصفته: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد” وبشكل عام يشرع التكبير للحاج وغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة.
قصر الصلاة
ويسن للحجاج من غير أهل منى أن يقصروا في وقتها بمنى في اليوم الثامن، وفي أيام التشريق، وكذلك في اليوم العاشر إن صلوا فيها، أو صلوا في مكة وكانوا من غير أهلها اقتداءً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة والتابعين.