ما هي الأشهر الحرم؟
يعتمد التقويم الهجري الإسلامي على السنة القمرية كمقياس زمني؛ والتقويم الهجري معتمد في الدين الإسلامي كمقياس زمني لاتخاذ الأحكام الشرعية وعليه تقوم بعض المواقيت كالصوم والحج. تتكون السنة القمرية من 12 شهرا، وهي: المحرّم، صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأول، جمادى الثاني، رجب، شعبان، رمضان، ذو القعدة، ذو الحجة.
وقد ذكر الله سبحانه أنّ عدة الشهور اثنا عشر شهراً في سورة التوبة :﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾. جاء في التفاسير أن الأشهر الأربعة الحرم وهي ذو القعدة، ذو الحجة، محرم، رجب كانت الجاهلية تعظمهن، وتحرِّمهن، وتحرِّم القتال فيهن، حتى لو لقي الرجل منهم فيهن قاتل أبيه لم يَهِجْهُ. كما فسّر العلماء قوله تعالي “فلا تظلموا فيهن أنفسكم” أن الله يأمر الناس أن لا يعصوه فيهن، ولا يحلّوا فيهن ما حرّم الله عليهم. بينما ورد في تفاسير أخرى أن قتادة قال ” إن الظلم في الأشهر الحُرُم أعظم خطيئةٍ ووِزْرًا من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء”
هذا وقد بيّن الأشهر الحرم في حديث شهر صححه البخاري، ونصّه: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم؛ ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مُضَر الذي بين جمادى وشعبان.”
الأشهر الحرم قبل الإسلام
عرفت الأشهر الحرم في التراث العربي قبل الإسلام، وهي أربعة أشهر من التقويم العربي. وربما يعود تاريخ ذلك إلى فترة نبوّة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. سمّيت بالأشهر الحرم لأنه كان يوضع فيها القتال، أي أنه كان محرّماً، إلا ما كان رداً لعدوان. إلا أن عرب الجاهلية كانوا يغيّرون في مواقيت هذه الأشهر حسبما يتوافق مع غزواتهم ومعاركم وهو ما نهى عنه الإسلام.
الأشهر الحرم بعد الإسلام
بعدما جاء الإسلام، حفظت حرمة هذه الأشهر ونُهي المسلمون عن انتهاكها، حتى أن الشافعي وغيره من العلماء ذهبوا إلى تغليظ دية القتيل في هذه الأشهر. وقد ورد نص تحريم القتال في الأشهر الحرم في في قوله تعالى في سورة البقرة “يسألونك عن الشّهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير “.
اختلف العلماء بعد ذلك إن كانت حرمة القتال في هذه الأشهر لا تزال باقية أم أنها نُسخت، فبعضهم قال بأنها نسخت، فقد خرج الرسول إلى خيبر في شهر المحرم، وقاتل المسلمون الروم والفرس في الأشهر الحرم، كما في معركة القادسية مثلاً، لكن ثمة قول آخر يقول بأن التحريم فيها باقٍ ولا يزال.
شهر رجب
هو الشهر السابع في التقويم الهجري (السنة القمرية) يأتي بعد جُمادَى الثاني ويليه شهر شعبان. حدثت معجزة الإسراء والمعراج في اليوم السابع والعشرين منه.
أصل كلمة رجب “الرجوب” ويعني التعظيم. وجاء في تعريفه في المعجم الوسيط: ر ج ب : رَجِبّهُ هابه وعظّمه، ومن هنا سُمي رَجَبٌ لأنهم كانوا يُعظمونه في الجاهلية بترك القتال فيه، وجمعه أَرْجَابٌ فإذا ضموا إليه شعبان قالوا رَجَبَان.
وفي الجاهلية كان يسمى رجب مُضر، نسبةً إلى قبيلة مضر التي كانت تعظّمه وتحترمه ولا تغيّره كما كانت العرب يغيّرون الأشهر حسب حالة الحرب عندهم (وهذا هو النسيء).
شهر ذو القعدة
هو الشهر الحادي عشر في التقويم الهجري (السنة القمرية)، يأتي بعد شهر شوّال ويسبق شهر الحج (ذي الحجة). سمّي بهذا الاسم لأن العرب كانوا يقعدون فيه عن الأسفار والغزو والمِيرة.
توفي فيه أبو طالب عمّ النبي محمد عليه السلام، ووقعت فيه بيعة العقبة الأولى في السنة الثانية عشرة من البعثة، وغزوة بني قريظة في السنة الخامسة للهجرة، وصلح الحديبية في السنة السادسة للهحرة، ومعركة ملاذ كرد عام 1071م وغير ذلك من الأحداث في التاريخ الإسلامي.
شهر ذو الحجة
هو الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري (السنة القمرية)، وهو شهر الحج، ومن هنا أخذ اسمه. أقسم الله تعالى بالعشر الأوائل من ذي الحجة في سورة “الفجر”. في اليوم التاسع منه تكون وقفة عرفة، وفي العاشر اليوم الأول من عيد الأضحى.
في الجاهلية، كان يعقد فيه سوق ذي المجاز بعد انتهاء سوق عكاظ.
فيه قتل الخليفة في السنة 23 للهجرة، وفيه قتل الخليفة في السنة 35 للهجرة.
شهر المحرّم
هو الشهر الأول في التقويم الهجري، كان يُعرف في الجاهلية بالمؤتمر لأنهم كانوا يتشاورون فيه ويأخذون آراء الناس فيما يخص حاجاتهم وأمورهم في الحروب والسلم.، سمّي المحرم (الألف واللام من أصل الاسم) لأن العرب كانت تحرّم القتال فيه. اعتمد بدايةً للشهر الهجري عام 16 للهجرة بإشارة من عثمان بن عفّان. عاشوراء فهو اليوم العاشر من محرم وهو اليوم الذي نجّا الله تعالى فيه سيدنا موسى من فرعون. فيه خرج النبي محمد عليه السلام إلى خيبر في السنة السابعة للهجرة، وفيه وقعت معركة القادسية، وغير ذلك من الأحداث الهامة في التاريخ الإسلامي.