ماهي سورة الفرائض؟
ما هي سورة الفرائض؟ سؤال نسمعه كثيرًا ضمن أسئلة المسابقات الثقافية والدينية التي تدور على شبكة وفي بعض القنوات التلفزيونية، أو في بعض المجالس الثقافية ويمكن الحصول على إجابته بضغطة زر على محرك ولكن لأن الحديث حول سورة الفرائض مليء بالمنفعة والعلم الشرعي، يجب أن تكون الإجابة على السؤال أعلاه شمولية ووافية وغير مقتضبة .
ما هي سورة الفرائض ولماذا سميت بهذا الاسم
سورة النساء هي السورة التي تسمى سورة الفرائض وسميت بسورة الفرائض بسبب كثرة الفرائض والعبادات التي وردت بها، فضلًا عن الكثير من الأحكام الشرعية المتعلقة ، والأسرة المسلمة و والمجتمع الإسلاميّ ومشاكل الشقاق بين الزوجين وهي سورة مدنية عدد آياتها 176 آية وترتيبها الرابع في القرآن بعد سورة آل عمران كما سميت بسورة النساء لكثرة ماتحمله من أحكام تتعلق بهن ولاتوجد في غيرها من السور وذكر بعض العلماء أنها سميت بذلك؛ لأنها افتتحت بذكر النساء وبعض الأحكام المتعلقة بهن ، وتصنف سورة النساء أو سورة الفرائض كما تسمى ضمن طوال السور وجاء نزولها بعد سورة الممتحنة وأسباب نزولها مختلفة وردت في السنة المطهرة لتبيان الأحكام وماخفي عن الناس وماجهلوه من أمور دينهم ودنياهم بما يشد بنيان المجتمع الإسلامي ويقويه ويعود عليه بالنفع والفائدة.
أسباب نزول سورة النساء
نزل الوحي بآيات سورة الفرائض في مواقف ومناسبات مختلفة ومتعددة نذكر منها:
- قال الله تعالى في الآية الثانية من سورة النساء أو سورة الفرائض كما تسمى : (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وقد ورد في السنة النبوية سبب نزول هذه الآية وهو أن رجلاً من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه ، فترافعا إلى النبي – صل الله عليه وسلم – فنزلت هذه الآية، فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع إليه ماله.
- قال الله تعالى في الآية الرابعة من سورة النساء (سورة الفرائض) : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)وسبب نزول هذه الآية كما ورد في السنة النبوية أن الرجل كان إذا زوج ابنته أخذ صداقها(مهرها) دونها فنهاهم الله عن ذلك بإنزال هذه الآية.
- قال الله تعالى في الآية السادسة من سورة النساء (سورة الفرائض) : (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6).
وكان نزول هذه الآية في ثابت بن رفاعة وفي عمه، كما ورد في السنة المطهرة وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير، فأتى عم ثابت إلى النبي فقال له: إن ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله ومتى ادفع إليه ماله؟ فأنزل الله هذه الآية، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: نزلت هذه الآية في والي اليتيم. - قال الله تعالى في الآية العاشرة من سورة النساء(سورة الفرائض) : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10).
وأسباب نزول هذه الآية كما جاء في السنة أن رجلًا من غطفان يقال له : مرثد بن زيد، ولي مال ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية .
فضل سورة الفرائض
لسورة النساء أو سورة الفرائض فضل عظيم ومنزلة كبيرة وضحتها السنة في مجموعة من الأحاديث والآثار التي ذُكرت عنها ومنها حديث رواه البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرأ علي)، قلت يا رسول الله: أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: (نعم)، فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} (النساء:41)، قال: (حسبك الآن) فالتفتُ إليه، فإذا عيناه تذرفان.
كما روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: (إن في النساء لخمس آيات ما يسرني بهن الدنيا وما فيها، وقد علمت أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} (النساء:31)، وقوله: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} (النساء:40)، وقوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (النساء:48)، {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} (النساء:64)، وقوله: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} (النساء:110). قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
مغزى أو مقاصد سورة النساء
ولأن القرآن نزل هداية للناس ونورًا يضيء ظلمة دروبهم ويجلي غشاوة الجهل عن عن قلوبهم وأبصارهم وأسماعهم،بما يتضمنه من أحكام وأخبار ترشد الإنسان إلى طريق الخير وتبعده عن طريق السوء ،كان لابد من مقاصد معينة في كل سورة حتى يقف المسلم عندها ويتدبرها ويتعلم منها المغزى الأساسي والموضوع الرئيسي الذي تدور عنه،لذا جاءت كل سورة لتبرز مقصدًا وهدفًا كليًا تدور حوله وتؤكد عليه وتدعو له وفيما يلي أبرز المقاصد التي تضمنتها سورة النساء:
- أبرزت سورة النساء أو سورة الفرائض في آياتها مغزى التوحيد الخالص لله تعالى وإفراده بالعبودية والربوبية، لأن هذا المقصد تحديدًا يجب أن يكون القاعدة الأولى التي يتأسس عليها المجتمع الإسلامي وتنطلق منها حياته، كما أكدت سورة الفرائض على أن تقوى الله هي أساس قبول كافة الأعمال من الإنسان المسلم.
- بناء الأسرة المتينة التي هي أساس المجتمع الإسلامي السليم والقوي من أهم المقاصد التي نزلت بها سورة النساء؛لتنظيم حياة المجتمع المسلم وتطهيره من الفاحشة والعناصر المفسدة مع إبقاء باب التوبة مفتوحًا لمن يريد أن يتوب ويتطهر من ذنبه ويعود مجددًا إلى مجتمعه وأسرته.
- إن بناء الدولة الإسلامية على أسس متينة يجب أن يقوم على العدل في الحكم بين الناس وأداء الأمانات إلى أهلها والتحاكم إلى شرع الله في كافة أمور الحياة وهذا من أهم المقاصد التي نزلت بها سورة الفرائض لبناء مجتمع متماسك ومتحد .
- حذرت سورة النساء(سورة الفرائض) في بعض آياتها من بعض الفئات التي تبطن الشر وتظهر الخير ممن يريدون زعزعة المجتمع الإسلامي ،كالمنافقين الذين يسعون في الأرض فسادًا وينخرون كالسوس في بنيان المجتمع المسلم.
- من أهم المقاصد التي نزلت بها سورة الفرائض التحذير من التساهل في حقوق الأرحام واليتامى وانكار أكل الناس بالباطل، كما أشارت إلى ضرورة القيام بين الناس بالقسط.
- بينت سورة النساء أو سورة الفرائض في أحد مقاصدها أن التشريعات والأحكام الإسلامية ليس الغرض منها إدخال المشقة على المسلمين،بل إرشادهم إلى المنهج السليم مع بيان التخفيف عنهم مقارنة بالأحكام الشاقة التي حملتها الأمم من قبلهم.
- الجهاد في سبيل الله دفاعًا عن الدين الإسلامي ومن أجل نشره أحد المقاصد الكريمة لسورة النساء ، كما ذمت السورة كل من يتقاعس عن فريضة الجهاد طالما امتلك القدرة على المشاركة به اعلاءً لراية الحق.
- من أهم مقاصد سورة الفرائض التي يجب تبليغها ونشرها بين الناس هي تصحيح عقيدة جميع البشر في خالقهم وانتشالها من الإنحراف والغلو والضياع والتفريط ببيان حقيقة أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله وإبطال عقيدة التثليث وإفراد الوحدانية لله سبحانه وتعالى وبيان أن محمد_صلى الله عليه وسلم_عبده ورسوله وآخر والمرسلين.
- بينت سورة الفرائض في أحد مقاصدها أن سبيل النجاة والخلاص في الآخرة يكون بالإيمان والعمل في الدنيا وليس بمجرد الإنتساب للدين الإسلامي وللنبي محمد_صلى الله عليه عليه وسلم_ بالقول فقط.
- أقامت سورة النساء (سورة الفرائض) في أحد مقاصدها الحجة على صحة نبوة محمد صلى عليه وسلم وأن الله أوحى إليه كما أوحى إلى من سبقه من الأنبياء وأنه بعث للناس كافة ويجب دعوة الناس جميعا للإيمان به.