ما متلازمة داون
متلازمة داون هو عبارة عن تشوّه كروموسومي، ويعد أكثر أنواع حالات الاضطرابات الصبغية شيوعًا في العالم؛ إذ تجد حالة بين كل 800 – 1000 طفل تقريبًا. ولا ترتبط بوسط حضاري أو عرقي أو ثقافي معين. سميت هذه المتلازمة بهذا الاسم نسبةً للطبيب جون لانغدون داون الذي وصف هذا المرض عام 1862 وميّزه كنوعٍ خاص من الإعاقة الذهنية، ونشر تقريرًا علميًّا تفصيليًّا للمرة الأولى عام 1866. وتعد متلازمة داون حالة من حالات الاحتياجات الخاصة.
لم يعرف السبب الحقيقي لهذه المتلازمة إلا عام 1959، حين بيّن العالم جيروم لوجين أن سبب المتلازمة يكمن في وجود خلل في الكروموسومات. من المعروف أن الإنسان يرث صفات أبويه من خلال الكروموسومات؛ حيث تتكون الخلية البشرية من 46 كروموسومًا نصفها من الأب ونصفها من الأم. تحدث متلازمة داون عند حدوث خلل في انقسام الكروموسوم رقم 21 تحديدًا بعد إخصاب البويضة في الرحم؛ حيث لا ينقسم هذا الكروموسوم فتصبح بعض الخلايا بـ 46 كروموسومًا وبعضها الآخر بـ 47 أو قد ينقسم جزء من الكروموسوم؛ وعليه يختلف نوع المتلازمة باختلاف حالة الانقسام من عدمه؛ وعليه فإن المرض يحدث في المراحل الأولى من تخلّق الجنين. وبما أن الكروموسومات تحمل الصفات الوراثية، فإن الخلل فيها يعني حدوث خلل في الصفات الوراثية عند الجنين.
ما متلازمة داون وما أعراضها وكيف تُعالج؟ تقدم هذه المقالة إجابات عن هذه الأسئلة.
أعراض متلازمة داون
تتميز أعراض متلازمة داون بسهولة منذ الولادة، وأكثر هذه الأعراض شيوعًا عند الحالات كلها ما يأتي:
- أعراض متعلقة بالنمو: يُظهر الأطفال المصابون بطئًا في النمو، ويتضمن هذا تعلّم مهارات الجلوس والمشي والزحف أو الأكل والشرب واستخدام الحمام إضافة إلى تأخر الكلام.
- أعراض عقلية: التخلف العقلي سمة مشتركة بين المصابين، ما يعني أن مستوى الذكاء يكون أقل من الطبيعي لكن بدرجات متفاوتة.
- مشاكل صحية: تزيد نسبة إصابة المصابين بمتلازمة داون بالأمراض؛ حيث تكون المناعة ضعيفة، كمشاكل القلب الخلقية ومشاكل التنفس، ومشاكل في الجهاز الهضمي و. كما تكون خصوبة المصابين منخفضة ذكورًا وإناثًا، فتقل القدرة على الإنجاب.
- القدرات المعرفية: ضعف القدرة المعرفية والتطور العاطفي و وتأخره. ويختلف النمو المعرفي من طفل لآخر؛ لكن بشكلٍ عام يتأخر الطفل في الكلام وفي تطوير المهارات الحركية، كما يختلفون في قدراتهم على التواصل الاجتماعي.
- صفات جسدية: كتسطح الوجه ومؤخرة الرأس، وصغر الذقن، وقصر الرقبة، وتسطح جسر الأنف، وتباعد العيون وميلها إلى الأعلى، بحيث تشبه عيون المنغوليين؛ لذا يسمى الأطفال المصابون بمتلازمة داون في بعض الثقافات بالمنغوليين، وكبر اللسان نسبة لحجم الفم وقد يكون بارزًا لدى بعضهم، كما يتميّز الجسم بقصر الطول وتكون عضلاته ضعيفة.
أنواع متلازمة داون
ثمة أنواع ثلاثة لمتلازمة داون، تختلف باختلاف طريقة تكرار الكروموسوم رقم 21، وهي:
- الثلاثي 21: حيث يولد الطفل وفي خلاياه نسخة إضافية من الكروموسوم 21؛ حيث يوجد في الخلية ثلاث نسخ مورثات، في حين أن الوضع الطبيعي وجود نسختين؛ وبذا يصبح عدد الكروموسومات 47 كروموسومًا بزيادة كروموسوم واحد عن المعدل الطبيعي في الخلية. وهذا النوع هو الأكثر شيوعًا بين المصابين حيث تصل النسبة إلى 95%.
- الانتقال الصبغي: حيث ينفصل جزء من الكروموسوم 21 في أثناء انقسام الخلية ويلتصق بكروموسوم آخر عادةً ما يكون الكروموسوم 14. وتصل نسبة الإصابة بهذا النوع إلى 4% فقط من الحالات.
- النوع المركّب (متعدد الخلايا): في هذه الحالة تكون الخلايا بنوعين في جسم المصاب، إذ تحتوي بعض الخلايا على 46 كروموسومًا، أي العدد الطبيعي، في حين تحتوي خلايا أخرى على 47 كروموسومًا، ومن هنا يسمى هذا النوع أيضًا بالفسيفسائي تشبيهًا له بالفسيفساء. وهذه الحالة نادرة وتشكّل حوالي 1% من الحالات.
مسببات متلازمة داون
لم تكشف الدراسات والأبحاث عن سبب وجود كروموسوم ناقص أو زائد؛ لكن يبدو أن العامل الوحيد المعروف المرتبط بمتلازمة داون هو عمر الأم؛ إذ كلما زاد عمر الأم تزيد فرصة إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون. فقد أشارت الأبحاث أن نسبة حدوث متلازمة داون لدى جنين الأم بعمر 20 عامًا تكون 1:2000، وفي عمر 30 تكون 1:900، أما في عمر 40 فتزيد النسبة لتصبح 1:100. كما تزيد نسبة احتمال إصابة طفل آخر بالمتلازمة إن وجد مصاب في العائلة بنسبة تصل إلى 1%.
تشخيص متلازمة داون
يمكن تشخيص متلازمة داون بفحص الكروموسومات الجنينية في دم الأم الحامل، أو من خلال فحص “بزل السائل الأمنيوسي”؛ حيث يشخّص هذا الفحص الآمن الشذوذات الصبغية للأجنة ويبين إن وجدت اضطرابات وراثية. كما يلجأ الأطباء إلى فحص آخر للتشخيص هو فحص كاريوتايب للكروموسومات، ويُجرى أيضًا في أثناء .
كما تساعد الأشعة الصوتية التفصيلية على عمر 11-14 أسبوعًا وعلى عمر 18-22 أسبوعًا في تقدير احتمال إصابة الجنين بمتلازمة داون.
علاج متلازمة داون
لا يوجد علاج لمتلازمة داون نفسها؛ لكن يمكن علاج الأمراض المرتبطة به كمشاكل التنفس ومشاكل الهضم ومشاكل القلب وغيرها. عند تشخيص الحالة مبكرًا يمكن لعدة أطباء متخصصين متابعة حالة الطفل كطبيب الأطفال واختصاصي أمراض القلب واختصاصي علاج بدني وغيرهم. كما يمكن علاج سلوك الطفل؛ إذ يمكن أن يصف الطبيب المتابع للحالة دواءً لعلاج فرط النشاط أو قلة التركيز أو الاندفاع و، وهذا من شأنه السيطرة على سلوك الطفل؛ ما يساعده على التأقلم والتعايش مع المرض وممارسة حياته بشكلٍ أفضل؛ إضافة لإمكانية علاج مشاكل النطق واللغة والمشاكل التعليمية.