الصلاة
تُعد الصلاة الركن الثاني من ، وقد جاء ذِكرها في حديثِ أركان الإسلام بعد الشهادتين، ليُبين النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين أنها من أهمِّ ما يجبُ على المؤمنِ أن يحرص عليه، كما أكَّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أحاديثه الكثيرة أن أساس قبول الأعمال وصلاحها، فإذا صلحت صلح كلُ عمل ابن آدم، وقد جاءت فرضيتها في القرآن والسنة والإجماع، وقد فَصَّلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- كيفيتها من خلال الأحاديث المروية عنه -عليه الصلاة والسَّلام.
والصلاةُ عمود الدين، وأحبُّ الأعمال إلى الله وهي الصِّلةُ بين العبدِ وخالقه، وبها تُمحى عن العبد الخطايا والسَّيِّئات، ولتأكيد أهميتها فقد جاءت فرضيّتها بعد عروج النبي -صلى الله عليه وسلم- في ليلة إلى السماء السابعة للقاء الله تبارك وتعالى، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفزَعُ للصلاة إذا أصابهُ أمرٌ، وكانت هي الراحةُ والسكينةُ للنبي -صلى الله عليه وسلم-، كما جاءت الآيات الكريمة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة العديدة، في الحثِّ على الصلاة مما يؤكِّد على أهميتها،مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، 1/43. وأما متى فرضت الصلاة فسيأتي تفصيل ذلك في هذا المقال.
تعريف الصلاة
- الصلاة لغةً: تأتي الصلاة في اللغة بمعنى الدُّعاءُ وتأتي بمعنى الاستغفارُ، فالصَّلاةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مثلاً دُعاءٌ واسْتِغْفارٌ، وَالصلاة مِنَ اللَّهِ رحمةٌ، والصلاة مصدرٌ للفعل صلى يُصلي، يُقال: صَلَّى فلان صَلَاةً يُصلي صلاةً، ولا يُقال: تَصْلِيةً، والصَّلاةُ هِيَ العبادةُ المخصوصةُ الواردة في الأحاديث والفقه، وأَصلُها من الدعاءُ حيث سُمِّيت بِبَعْضِ أَجزائِها للإشارة لها حيث تحوي الصلاة ، وَقِيلَ: أَصلُها من التَّعْظِيمُ، ولذلك سُمِّيت الصلاةُ -العبادة- بذلك لأنَّ فيها تعظيماً لله تبارك وتَعَالَى.ابن منظور، لسان العرب، 14/466.
- الصلاة اصطلاحاً: هي عبادةٌ فرضها الله -سبحانه وتعالى- على عباده، تتضمن أقوالاً وأفعال مخصوصة، تُفتَتَحُ بالتكبير، وتُتختَتَمُ بالتسليم، وإذا ذُكرت الصلاةُ وأحكامها في الشرع، فأول ما يُعنى بالقصد هي الصلاةُ بمعناها الشرعي.ابن قدامه، المغني، 1/267. وسميت الصلاةُ بهذا الإسم، لأنها تشتمِلُ على الدعاء، فكانت الصلاة بدايةَ؛ اسمٌ لكلِ دعاء، ولأن الصلاة كلها دعاء، فانتقل المعنى إلى الصلاة التي أمرَ بها الشرع.د. سعيد بن علي القحطاني، صلاة المؤمن، 1/104.
مشروعية الصلاة
وردت مشروعية وفرضيَّة الصلاة في أحاديث وآيات كثيرة، وحكمُها واجبٌ ثابتٌ بنصِّ القرآن والسنة والإجماع، وهي مفروضةٌ على كلِ مسلم ومسلمةٍ بالغٍ عاقل، وأدلةُ ذلك كثيرة وفيما يلي تفصيل بعض أدلة مشروعية وفرضيَّة الصلاة:
- من : قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)سورة البينه، آية رقم، 5. فقد أوضحت الآيةُ الكريمة أهمية الصلاة؛ فقد أمر الله تعالى بعد عبادته بإقامة الصلاة، فأول ما يَدلُ على عبادةِ العبد وإخلاصه، هو أنه مقيمٌ للصلاة،
- من السنة النبوية الشريفة: وفي السنة المطهَّرة جاءت أحاديث كثيره تُبين وتدلُّ على مشروعية الصلاة وفرضيتها فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها من أركان الإسلام، وأجمعت الأمة الإسلامية على وجوب خمسِ صلواتٍ على كل مسلم في اليوم واليلة.ابن قدامة، المغني، 1/267.
متى فرضت الصلاة
فُرضت الصلاة على المسلمين، في ليلة الإسراء والمعراج، في السماء السابعة وكانت الصلاةُ المفروضة خمسين صلاة في اليوم والليلة، وبعد ما طلبَ النبي -صلى الله عليه وسلم- من ربه التخفيف، خُفِضت إلى خمس صلوات لكنها تعدل خمسين صلاةً في ثوابها وهذا ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة.أبو إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود، الجامع لأحكام الصلاة، 2/54. ولا خلاف بين العلماء أن فرض الصلوات الخمس كان في ليلة الإسراء والمعراج لكن اختلفَ المؤرخون في الوقت المحدد الذي فُرضت الصلاة فيه؛ أي بأي سنة فرضت وذلك لاختلافهم في سنة وقوعِ حادثة الإسراء والمعراج، وكان ذلك على أقوال وهي:
- القول الأول: وهو ما اختاره الطبري، حيث يرى أن ليلة الإسراء والمعراج وقعت في السنة التي بُعِثَ فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- نبياً.
- القول الثاني: ما اختاره النووي والقرطبي، وهي أنها وقعت في السنة الخامسة للبعثة.
- القول الثالث: ما اختاره المنصور فوري، وهي أنها كانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في السنة العاشرة من البعثة.
- القول الرابع: أن حادثة الإسراء والمعراج وقعت في رمضان من السنة الثانية عشر للبعثة أي قبل هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- بستةِ عشرَ شهراً.
- القول الخامس: أنها وقعت قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في السنة الثالة عشر للبعثة.
- القول السادس: أنها وقعت قبل الهجرة بسنتين، وتحديداً في شهر ربيع الأول من السنة الثالثة عشر للبعثة.صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، 1/124.
أهمية الصلاة ومنزلتها في الإسلام
تظهر أهمية الصلاة من خلال ما يندرج على المحافظة والمداومة عليها، والأثر المترتِّب على تركها، وبيان ذلك فيما يلي:
- الصلاة عماد الدين، فهي ركنُ الإسلامِ الذي يرتكزُ عليه ولا يقومُ إلا به.
- أن الصلاة هي أولُ عملٍ يُحاسب عليه العبد ، فصلاحُ الصلاة، صلاحٌ لسائر أعمال العبد وفسادها فساداً لكل أعماله، وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة هو صلاته.
- الصلاة آخر ما يذهب ويُفقد من الدين، فقد أخبرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أول ما يُفقد من الدين الأمانة، وآخر ما يُفقد هي الصلاة.
- هي آخر ما وصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه حيث دعاهم وأمرهم إلى المحافظة عليها وعدم التهاون أو التقصير فيها.
- مدح الله -سبحانه وتعالى- القائمِ على الصلاة، كما أثنى على من يأمرُ أهلهُ بالصلاة في كثيرٍ من مواضع القرآن الكريم.
- ذم الله -سبحانه وتعالى- المتكاسلين والمُضيعينَ لصلاتهم، والكسل في القيامِ للصلاة من صفات المنافقين.
- من أعظمِ أركانِ الإسلام بعد الشهادتين، ولِعظمِ شأنها فقد فُرضت في السماء، وأنها فُرضت بدايةَ خمسين صلاة، وهذا من محبة الله لها، فهي أحبُ الأعمال إلى الله، ثُم خُففت إلى خمس صلوات، وأجرُهنَ بخمسين صلاة.
- افتتح الله أعمال المفلحين بالصلاة واختتمها بها، من شدة أهميتها ومكانتها.
- أمر الله النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بأن يأمروا أهلهم بالصلاة.
- من نام عن صلاته أو نسيها أمره الله -سبحانه وتعالى- بقضاء صلاتة، وكذلك أَمرَ الله بالمحافظة على مواقيت الصلاة وتأديتها في الوقت المحدد الذي أمرَ الله به.د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلاة المؤمن، 1/107.