أبو لمعة شخصية شهيرة في المجتمع العربي، بحبها للكذب والتهويل من أبسط الأمور حتى أنه يكاد يقنعك بها وفي النهاية تكتشف أنك وقعت ضحية لإحدى كذباته، ونتيجة لانتشار هذه الظاهرة بشكل كبير بين الناس قام على دراستها وتصنيفها تحت اسم هوس الكذب أو الميثومانيا، نتعرف على هذا المرض الغريب؟ وما هي أسبابه؟ وهل بيننا من هم مرضى بالميثومانيا؟
ما هو تعريف مرض الميثومانيا
يعرّف مرض الميثومانيا بأنه أحد الأمراض النفسية المزمنة والتي تجبر المريض على وتأليف القصص والمبالغة في سرد أحداث تلك القصص بغرض الإثارة ولفت الانتباه وغالباً ما تكون تلك القصص مبنية على وقائع حقيقة وتتمحور حول صاحب المرض ليظهر بالمظهر الشجاع.
ويعرّف ايضا، بأنه تحفيز ودعم إجباري وليس اختياري تجعل من المريض يختلق الأحداث والقصص وربطها ببعض الحقائق ليخدع بذلك نفسه والاخرين.
وقد يكون المريض على معرفة بأنه يبالغ في الكذب ولكنه لا يستطيع التخلص من هذا المرض، لانه في قرارة نفسه يعتقد بأنه سيخسر انطباع الناس عنه وهذا طبيعية الحال بسبب ضعف الثقة بالنفس.
معلومات عامة
شخص علماء النفس هذا المرض على أنه هوس الكذب، فالمريض يجد نشوة ولذة غريبة عندما يقوم الكذب على الآخرين عن طريق اختلاق بعض الكذب وما يزيد من هذه النشوة لديه هو تصديق المحيطين به لروايته المختلق مما يحفز لديه شعور بالرضا النفسي، وأوضح علماء النفس أن هذا المرض لا يقتصر على فئة معينة سواء رجال أو نساء ولا على فئة عمرية بعينها، وقد صرح الطبيب النفسي الدكتور كلود بيلان: “أن مريض الكذب القهري أو الميثومانيا هو شخص لا يريد أن يخيب أمل المحيطين به، مما يدفعه للمبالغة في الكذب حتى يحقق أمال الآخرون”.
وقد ذكرت بعض الدراسات العلمية أن 30% من المصابين بالكذب القهري قد تعرضوا في نشأتهم لبيئة مضطربة تعاني من الفوضى والتفكك الأسري، وأن 40% من المصابين به لديهم علة واضطراب في قد يصل إلى الصرع، ومنه فرط الحركة، وتشتت الانتباه، وعدم السيطرة أو التحكم في النفس.
قصة حقيقية عن الميثومانيا
هل صادفت ذات يوم شخص يحب الكذب، ويكذب فقط من أجل الكذب نفسه فهو ليس تحت ضغط ما، أو خوف من سلطة أكبر منه هو مجرد كذاب ويحب الكذب، يجد فيه نشوة غريبة تجعله يستمر ولا يتوقف عنه.
في إحدى المقاطعات الفرنسية، قامت السيدة ماري بالتوجه لقسم الشرطة والإبلاغ عن مجموعة من الشباب قاموا بالاعتداء عليها ومحاولة اغتصابها من قبل بعض الشباب المغربي الذي يسكن في نفس المقاطعة وقاموا على تمزيق ملابسها وألقوا بإبنتها الرضيعة في الأرض وعن سؤالها عن السبب وراء هذا الاعتداء قالت أنهم حاولوا اغتصابها ظنًا منهم أنها يهودية، وبالفعل قامت الشرطة بتحرير المحضر وقامت الصحف على نشر الخبر مما أثار ضجة كبيرة بين الرأي العام الفرنسي حتى أن الرئيس الفرنسي في ذلك الوقت عبر عن استيائه الشديد من هذه الحادثة.
كان لدى رجال الشرطة تفسير آخر للحادث، حتى أنهم لم يقتنعوا بالقصة وشكوا في المرأة فقاموا بالضغط عليها للاعتراف، وبعد ثلاثة أيام من استجواب السيدة ظهرت الحقيقة، واستطاعت السيدة أن تعترف أن القصة مجرد كذبة اختلقتها وليس لها أي أساس من الصحة، وعندما سألها المحقق عن السبب أجابت بأنها أحبت ذلك.
الدوافع خلف هوس الكذب
ظهرت عدة تفسيرات وراء الدافع الحقيقي وراء هذا الكذب المدبر بنوعيه المرضي والقهري ومنها:
- يرى بعض العلماء أن الدافع النفسي وراء هذا الكذب هو “التجمل”، حيث يقوم الشخص باختلاق بعض القصص التي تعزز من قوة شخصيته لدى البعض كأن يتظاهر بأنه ثري ويمتلك العديد من الأملاك، أو يتظاهر أنه حاصل على شهادات دراسية علمية، أو يتحدث عن موقع وظيفي عالي حيث يرى علماء النفس أن المريض يلجأ للكذب في هذه الحالة لتعزيز النقص الداخلي الذي يشعر به عن طريق الشعور بنظرة احترام وتوقير من المحيطين به.
- ويرى فريق آخر أن الدافع هو الاستهزاء بالآخرين عن طريق استغلال قلة معلوماتهم أو خبراتهم بالحياة فيقوم المريض بادعاء شيء غير معقول ولكن يغلفه بشيء من الصدق حتى تنطلي الكذبة على الضحية مما يثير السخرية والضحك، وذلك كأن يقنع شخص ما أن هناك نقص هذا العام في محصول الشيبس، فيقول الضحية باستغراب وهل يزرع الشيبس، فيبدأ المريض بعرض بعض المعلومات عن زراعة الشيبس وفائدتها وما إلى ذلك حتى يصدق الضحية أن هناك زراعة للشيبس، وبعد لحظات يصبح الضحية أضحوكة أمام الجميع ويتفاجأ أنه ضحية لخدعة.
- بينما توجد نظرية أخرى تختلف عن الميثومانيا وهي مغايرة تمامًا للآراء السابقة حيث يقوم فيها المريض باللجوء للكذب لاستعطاف الجميع، وذلك لأنه يجد نشوة غريبة في نظرات العطف والشفقة التي يجدها في عين الضحية، حينما يخبره أن مريض بمرض ما، أو أنه تعرض للظلم من شخص ما، أو واجه صعوبات معينة في حياته، وغالبًا ما يلجأ هذا الشخص للكذب للفت الانتباه ولإحساس داخلي بالدونية، أو أنه شخص غير محبوب فيلجأ للكذب حتى يلتف حوله الناس ويصبح محل انتباه مما يشعره بالدفء والطمأنينة وغالبًا ما يعود هذا لتفكك أسري في الماضي.
يختلف الناس في التفريق بين الكذب المرضي والكذب القهري “الميثومانيا” وفيما يلي سوف نستعرض بعض الفروق حتى لا يلتبس الأمر على البعض إلا أنه في النهاية يظل النوعان عرض لمرض حقيقي وهو الكذب وهذه الفروق هي:
- المصاب بالكذب القهري يكذب في جميع الحالات المهمة وغير المهمة، بينما المصاب بالكذب المرضي يكذب في أو إحساسه بالتهديد.
- المصاب بالكذب القهري ليست لديه غاية أو مكسب من الكذب، بينما المصاب بالكذب المرضي يختلق الكذب حتى يحصل على فرصة أو مكسب ليس متاح له في الظروف العادية.
- المصاب بالكذب المرضي عند الضغط عليه يعترف بأنه يكذب، أما المصاب بالكذب القهري يجد صعوبة كبيرة في قول الحقيقة حتى مع انكشاف الأمر.