مصطفى صادق الرافعي

من مصطفى صادق الرافعي

هو مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي العمري، الذي يُعدُّ من أشهر الكتَّاب العرب في القرن العشرين وأعظمهم؛ فقد أبدع في فروع كافة، ممَّا أكسبه لقب “معجزة الأدب العربي”.

ولادته ونشأته

أصله من اللبنانية، وكان مجيء عائلته إلى مصر بأمرٍ من السلطان العثماني الذي قضى أن ينتقل الشيخ محمد الطاهر الرافعي من إلى بلاد مصر ليكون قاضيًا للمذهب الحنفي فيها، وذلك سنة 1827، ومنذ ذلك الحين، قدِم من آل الرافعي إلى مصر عددٌ كبير، حتى صارت أسرة الرافعي أكثر من ستمئة فردٍ مقيم في سنة 1937.
اشتغل معظم الوافدين من آل الرافعي بالقضاء الشرعي، ووصل الأمر إلى الحدِّ الذي بلغ فيه عدد القضاة منهم أربعين قاضيًا وُزِّعوا على مختلف المحاكم الشرعية المصرية في وقتٍ واحد، حتى كادت مناصب القضاء والفتوى تقتصر عليهم.

عمل الشيخ عبد الرزاق الرافعي، والد مصطفى صادق، في القضاء الشرعي كغالب أفراد أسرته، وشغل هذا المنصب بمُختلف الأقاليم المصرية إلى أن استقرَّ في المحكمة الشرعية بـ(طنطا).
وُلِد الرافعي في الفاتح من شهر يناير لسنة 1880 بأحد قرى محافظة القليوبية وتُدعى “بهتيم” في بيت جدِّه لوالدته.
دخل الرافعي كُتَّاب القرية ليحفظ وعمره لم يتجاوز العاشرة، ثم درس في المرحلة الابتدائية بـ(دمنهور)، حيث كان يعمل والده حينذاك، وحصل على شهادة الابتدائية متفوقًا على زملائه، لكن تعليمه النظامي توقَّف في هذا المستوى، وذلك إثر تدهور قدرته على السمع بعد إصابته بمرض التيفويد، ويُقال إنه ترك المدرسة لسأمه من تهكُّم أساتذته بسبب رداءة خطِّه.
وعلى الرغم من ابتعاده عن المدرسة، لم يبتعد الرافعي عن مصادر المعرفة قطّ؛ فقد كانت لدى والده، الذي ينحدر من أسرةٍ اشتُهرت بانصرافها إلى طلب العلم، مكتبة غنية بأمهات الكتب، نهل منها الرافعي وتزوَّد بما يرضي شغفه للعلم.

قد يهمك هذا المقال:   حروف الجر في اللغة العربية

العمل الوظيفي

سنة 1899، انضمَّ الرافعي إلى محكمة (طلخا) الشرعية حيث عمل كاتبًا، ثم انتقل إلى العمل في محكمة (إيتاي البارود) الشرعية، ثم استقرَّ في محكمة (طنطا) الأهلية.

الرافعي والأدب

بدأ الرافعي مسيرته الأدبية بنظم قبل بلوغه سنِّ العشرين، وكان ينشر قصائده في الجرائد والصحف، ثم نشر ديوانه الأول وعمره ثلاثة وعشرون سنة، وكان الديوان في ثلاثة أجزاء، وجعل الرافعي لكلِّ جزءٍ منها مقدمةً استثنائيةَ في البناء والبلاغة، تتناول نشأة الشعر وفنونه ومذاهبه وقضاياه، وكان هذا الديوان الخطوة الأولى في مشوار تميُّز المعجزة الأدبية مصطفى الرافعي، بما حظى به من اهتمامٍ غير مسبوقٍ من طرف سادة الساحة الأدبية آنذاك، مثل شيخ العربية إبراهيم اليازجي، وعملاق الأدب عباس محمود العقاد، والعميد ، وغيرهم.
لم يَطُل انخراط الرافعي في صفوف الشعراء طويلًا، فسرعان ما انتقل إلى النثر لأنه أكثر حريةً وفسحة، فبدأ بكتابة المقالات دفاعًا عن الدين واللغة، وأسهم في الصحفية نُصرةً للوطن، وكانت مقالاته مُعتَّقةً بالفكر الناضج والأسلوب الجزل واللغة الراقية.
كتب الرافعي الكثير من الكتب، مثل: (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية) الذي يُعدُّ أول ما كُتِب في العصر الحديث عن الإعجاز القرآني؛ وكتاب (أوراق الورد: رسائلها ورسائله)، الذي عرض فيه الرسائل التي كان يتبادلها مع الأديبة مي زيادة؛ وكتاب (رسائل الأحزان)، الذي تناول فلسفة الجمال والحب؛ وكتاب (وحي القلم) الذي يُعدُّ من أرقى وأرق ما أبدعه هذا الرجل في حياته الأدبية.

المساجلات الأدبية

دخل الرافعي الكثير من المساجلات الأدبية مع كثيرٍ من الأدباء العرب في وقته، فكانت له خصومات مع المنفلوطي وعبد الله عفيفي وسلامة موسى وزكي مبارك، حتى أنه ثار على الجامعة المصرية بسبب طريقتها في تدريس اللغة العربية.
كما لم يسلَم عمالقة القرن العشرين من نقده لأعمالهم؛ فقد نشب بينه وبين طه حسين صراع أدبي بسبب ما قاله العميد في كتابه (الشعر الجاهلي)، الذي رأى أن جُلَّ الشعر الجاهلي منحول، فقام الرافعي ثائرًا في وجهه، وأقام معه الصحافة والحكومة والقانون وعلماء الدين، طالبًا منهم أن ينتفضوا كي لا يؤثِّر قول طه حسين في طلاب الجامعة.
ولم يستطِع طه حسين الردَّ على الرافعي لما كان له من حججٍ قوية وبراهين صلبة وأسلوبٍ لاذع في الخصام، واستمرَّ السجال بينهما إلى أن تُوفِّي الرافعي.
ومن أشهر معاركه الأدبية -كذلك- معركته الطاحنة مع العقاد، التي اتَّقدت شرارتها بعد أن خالف العقاد رأي الرافعي في كتابه (إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)، فردَّ عليه الرافعي بكتاب (على السفود)، الذي جمع فيه مقالاتٍ لاذعة تنتقد ديوان العقاد وأسلوبه، ممَّا جعل الخلاف بين الأديبَين دائم الاشتعال، ولم ينتهِ أيضًا إلا بوفاة الرافعي.

قد يهمك هذا المقال:   أحمد خالد توفيق

وفاته

تُوفِّي الرافعي في صباح اليوم العاشر من شهر مايو لعام 1937؛ فبعد أن صلَّى الفجر وتلا القرآن أحسَّ بحُرقةٍ في معدته، وعاد إلى المُصلَّى، ثم نهض بعد ساعةٍ وسار، فلمَّا وصل إلى البهو سقط، وعندما تفقَّده أهله وجدوه ميتًا، و دُفِن بعد صلاة الظهر في مقبرة العائلة بطنطا، ورثاهُ كوكبة من الأدباء.

مُؤلَّفاته

على الرغم من فقدانه للسمع في سنِّ الثلاثين، إلا أن الرافعي لم يتوانَ في بذل نفسه في سبيل الأدب، ولم يرحل إلا بعد أن خلَّف ثروةً أدبية وبلاغية هائلة تشهد له بنبوغه وتفرُّده وأسلوبه الفذّ، ومن أهم مُؤلَّفاته:

  • وحي القلم
  • إعجاز القرآن والبلاغة النبوية
  • تحت راية القرآن
  • تاريخ آداب العرب
  • نشيد سعد باشا زغلول
  • مَلَكة الإنشاء (كتاب مدرسي)
  • النظرات
  • ديوان الرافعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *