يشهد الغلاف الجوي عددًا من التغيُّرات الطبيعية التي تُغيِّر منظومة الحياة على ، إذ يؤثر الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة بطبقات الغلاف الجوي على الظواهر الطبيعية التي نمر بها على الأرض، وتشمل هذه الظواهر حركة العواصف وهطول الأمطار، فالتغيرات في البنية التحتية بفعل تطورات القائمة نظير النشاطات الصناعية والاقتصادية للإنسان أسهمت إلى حدٍّ بعيد في تكوين ظاهرة الاحتباس الحراري.
مفهوم الاحتباس الحراري
الاحتباس الحراري هو نتاج حالة التغيُّر في درجات حرارة الغلاف الجوي للأرض تدريجيًّا، ما أنتج مناخًا مختلفًا عن القرون السابقة، إذ إن ارتفاع درجة الحرارة في العالم مع زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون يُسهمان في تدفئة الجو السطحي للأرض، وهذا التغيُّر ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج مئات السنين، لكنَّ التأثير تطوَّر خلال فتراتٍ ليست ببعيدةٍ حتى يومنا هذا، فتفاقُم الوضع نتيجة التأثيرات الصناعية على الغلاف الجوي سارع في تكوين هذه الظاهرة لتغيير المعدلات الطبيعية لتفاعلات البيئة مع غازاتها الدفينة.
الغازات الدفينة
لأنَّ الغلاف الجوي مليء بالغازات الدفينة التي تتفاعل مع مكونات الغلاف الجوي، وتجاوز هذه النسب المعدل الطبيعي يؤدي إلى اختلال كمية الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي، ومن ثمَّ تغيير أنظمة الحياة؛ أثَّر الاحتباس الحراري على زيادة نسبة ، ومنها:
- ثاني أكسيد الكربون: ويفيد بأنه يمتص الأشعة الحمراء.
- بخار الماء: تؤثر درجة الحرارة وحالة الطقس في اختلاف نسبة تركيزه بطبقات الغلاف الجوي.
- الأوزون: إذ تكمن أهميته في امتصاص الأشعة فوق البنفسجية.
- ثاني أكسيد الكبريت.
- غاز الميثان.
أسباب حدوث الاحتباس الحراري
بفعل العوامل الطبيعية وتغيُّر معدلات الغازات الدفينة، بالإضافة إلى ممارسات الإنسان الصناعية، يمكن أن يحدث الاحتباس الحراري، وكذلك نتيجة أسباب أخرى، منها:
النشاطات الصناعية
يتسبب النشاط الصناعي للإنسان في زعزعة استقرار كمية الغازات الدفينة في غلاف الأرض، وقد أدى إلى ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون عن معدله الطبيعي، بالإضافة إلى أكاسيد النيتروجين، تلك الغازات التي تعمل في الأساس على امتصاص الحرارة من القشرة الأرضية وحماية الحياة والكائنات الحية من الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، إذ إن عجزها عن امتصاص نسبةٍ كبيرة من حرارة الشمس المنعكسة على سطح الأرض، يؤدي إلى تخزين هذه الطاقة الحرارية في الغلاف الجوي للأرض، وهو ما يتسبب في ارتفاعٍ شديد بدرجات الحرارة.
قطع الأشجار
إن تجريف التربة من أشجارها وقطعها بصورةٍ مكثفة يؤدي إلى تقليل نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي، ومن ثمَّ زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يُشكِّل عنصرًا ضارًّا بوجوده بكمياتٍ كبيرة في طبقات الغلاف الجوي، إذ تمتصه الأشجار في عملية البناء الضوئي، لذلك فإنَّ قطع الأشجار سيجعل هذا الغاز مُحتبَسًا في طبقات الأرض مُسببًا ارتفاعًا كبيرًا في معدله.
المركبات الكيميائية
تؤثر المركبات الكيميائية بالسلب على ظاهرة الغازات الدفينة، ومنها نحو الاحتباس الحراري. وتؤثر صناعات الأسمدة بمُركباتها الكيميائية في طبقة الأوزون التي تحمي الأرض من أشعة الشمس الضارة، والثقوب في هذه الطبقة تجعلها عاجزةً عن صدِّ الأشعة فوق البنفسجية عن الأرض، فترتفع درجة حرارتها.
ثقب طبقة الأوزون
تتفاعل الغازات المنبعثة من الصناعات مع طبقة الأوزون الموجودة في الغلاف الجوي، وتؤدي إلى إحداث ثقوبٍ بها، فلا تؤدي عملها في حجز الأشعة الضارة القادمة من الشمس بالصورة المطلوبة، فتدخل الغازات الضارة إلى الأرض عبر هذه الثقوب، وتنحسر وتُحتبَس في طبقات الغلاف الجوي وترفع من درجة الحرارة على سطحه.
تأثير الاحتباس الحراري على الأرض
نظرًا إلى تغيُّر نسب المكونات الطبيعية والغازات في قشرة الأرض وتفاعلها بنسبٍ ليست بطبيعية، فإنَّ ذلك من شأنه أن يؤثر سلبًا في نمط الحياة التي نعيشها، فازدياد درجات الحرارة بفعل الاحتباس الحراري يمكنه أن يُسبِّب:
- حركات المد والجزر وارتفاع منسوب سطح البحر.
- التغيير في معدل هبوط الأمطار ونمط تشكيلها بالاقتران بأوقات حدوثها.
- انحسار الأنهار الجليدية.
- ذوبان المسطحات المائية المتجمدة، إذ إن تدفق المسطحات بكميات مياهٍ كبيرة من شأنها أن تُحدث السيول والفيضانات.
- التغيير في المناخ الطبيعي للمحاصيل الزراعية وعدم تكيُّفها مع جو الأرض.
- زيادة حالات حرائق الغابات.
- اشتداد العواصف والأعاصير.
- حدوث موجات جفاف في عددٍ كبير من مساحات الأرض.
يمكن للإنسان الحدُّ من ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيراتها على الغلاف الجوي بعددٍ من الوسائل، إذ أصبح من الصعب وقف هذه الظاهرة نهائيًّا بفعل تغيُّر المكونات الأساسية للأرض وتفاعلاتها، ولكن يمكن الحدُّ نوعًا ما من تأثيرها عبر التالي:
- تقليل الاعتماد على المركبات الكيميائية في الصناعات والبحث عن مصادر الطاقة المتجددة.
- الحد من قطع الأشجار نظرًا إلى أنها تستهلك غاز ثاني أكيد الكربون في عملية البناء الضوئي، مما يقلل من احتباسه في الغلاف الجوي.
- الحد من انبعاثات الغازات الدفينة بالاعتماد على التفاعلات الطبيعية من المصادر المتجددة.
- تسخير الوقود الأحفوري واستغلاله في عمليات الصناعة، فهو لا يُنتج غازاتٍ ضارة على غلاف الأرض.