ماهي الأشعة
الأشعة هي انبعاثات من الطاقة يتم إرسالها من مصدر ما عن طريق وسط ناقل إلى جسم آخر فتؤثر فيه.
وتختلف أنواع الأشعة حسب طاقتها، فالأشعة ذات الطاقة المنخفضة كأشعة ألفا وأشعة بيتا هي أشعة ذات تأثير مدمر على الكائن الحي، لذلك لا يتم استخدامها في الفحوصات الطبية نظرًا لتطبيقات ، وإنما يتم استخدام أشعة الطاقة العالية كأشعة إكس وأشعة غاما، فرغم أنها ذات طاقة عالية إلا أنها لا تسبب آثاراً جانبيةً مدمرة للكائن الحي.
ويتم التعبير عن الأشعة بعدد من الوحدات الفيزيائية أولها الروينتغن Roentgen والذي يعبر عن قوة انبعاث الطاقة الإشعاعية بالإضافة إلى الراد RAD والذي يعبر عن مدى امتصاص الكائن الحي للطاقة الإشعاعية، والرم REM الذي يقيس الأثر الذي يحدث في الكائن الحي من التعرض لهذه الطاقة الإشعاعية، ويعتبر الراد أكثر هذه الوحدات استخداماً.
تأثير أنواع الأشعة على الإنسان
عندما يتعرض الإنسان لقدر عال من الأشعة فإنه يواجه أحد تأثيرين، إما تأثير جسدي أو تأثير جيني، التأثير الجسدي يعني أضراراً حاليةً في جسد الإنسان كتعريض الحامل للإجهاض أو احتراق الخلايا الجسدية وموتها في منطقة التعرض للإشعاع، ومثل هذه التأثيرات غير متوارثة، بل تقتصر على الشخص وحده، ويدخل ضمن هذا النوع العلاج الإشعاعي لمرض السرطان، والذي يتم فيه تعريض المريض للإشعاع في منطقة شديدة التحديد، وبمقدار معين، ليقوم بقتل الخلايا السرطانية.
أما النوع الثاني من التأثير فهو التأثير الجيني، أي أن يؤثر الإشعاع على DNA الشخص المتعرض للإشعاع، فتصبح لديه طفرات جينية تصيبه بالأمراض والسرطانات، ثم تنتقل هذه الطفرات في الDNA إلى أبنائه عن طريق الوراثة، وهذا النوع هو الأخطر والأكثر ضرراً على البشرية لتناقله بين الأجيال.
وعندما يؤدي الإشعاع إلى تأثير في الDNA فإنه يؤثر بشكل مباشر على قدرة الخلية على التجدد والانقسام، فإذا كانت هذه الخلايا ضمن أعضاء تحتاج إلى التجدد بشكل دائم كخلايا الجهاز الهضمي، فإن الأثر الناتج عن الإشعاع سيؤثر تأثيراً واضحاً على وظيفة العضو، أما إذا كانت الخلايا المتعرضة للإشعاع ضمن عضو لا يحتاج إلى التجدد فإن أثر الإشعاع لن يظهر بشكل كبير، ولن يؤثر على وظيفة العضو وأدائه لعمله.
أنواع الأشعة حسب تعرض الإنسان لها
تنقسم الأشعة حسب تعرض الإنسان لها إلى الأشعاع الكامل والإشعاع الجزئي، وحين يتعرض الناس للإشعاع الكامل بسبب الأسلحة والقنابل النووية فإن ذلك يتسبب في متلازمات وأعراض متعددة، وهو الأمر الذي قام بدراسته وتحديد أقسامه والأعراض التابعة لكل درجة منه.
فعندما يتعرض الإنسان لإشعاع كامل يقدر امتصاصه منه بـ٣٠٠ راد فإنه يصاب بنقص حاد في مكونات الدم من كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية، وتظهر عليه أعراض فقر الدم، ويصبح عرضة للميكروبات نتيجة لنقص كريات الدم البيضاء وربما ، ثم تتطور حالته خلال أسبوعين لتنتهي بالوفاة.
وعندما يتعرض الإنسان لإشعاع كامل يقدر امتصاصه منه بـ١٠٠٠ راد فإن الأثر الخطير ينتج من ، فالخلايا المكونة لبطانة الأمعاء تصبح مدمرة مما يسبب الإسهال الحاد وجفاف الجسم نتيجة لفقد السوائل، بالإضافة إلى خروج الباكتيريا الطبيعية التي تتواجد في الأمعاء إلى مختلف أنحاء الجسم مسببة التسمم الدموي، والذي يقود في نهاية الأمر إلى الوفاة في مدة لا تتجاوز الثلاثة أيام.
أما عندما يتعرض للإشعاع يقدر امتصاصه منه بـ٢٠٠٠ راد فإن تأثيره يكون مباشراً على الجهاز العصبي المركزي، ويؤدي إلى الوفاة خلال ساعات فقط.
وعندما تتعرض المرأة الحامل للإشعاع الكامل فإن طفلها يولد بتخلف عقلي، وتأخر في النمو الجسدي، وضمور في المخ، وفي بعض الحالات ضعف البصر الذي قد يصل إلى العمى، والشفة الأرنبية.
أما الإشعاع الجزئي فهو الغالب ويدخل ضمنه تعرض العاملين في المجالات الطبية والبحثية لمقادير بسيطة من الاشعاع بشكل يومي، والتي ينتج التأثير السيء عن طريق التراكم بمرور الوقت، ويدخل ضمنه أيضا الأشعة المستخدمة في الفحوصات الطبية وغيرها.
استخدامات الأشعة في المجالات المختلفة
تستخدم الأشعة في الكثير من المجالات الطبية منها والغذائية والصناعية، فجوانب حياتنا المختلفة استفادت من مميزات الإشعاع ونظريات عمله ليكون وسيلة من وسائل التطور، ومعيناً على تسهيل العمليات التي كانت تتم بشكل يدوي، وتستهلك الكثير من الوقت والجهد.
ففي المجال الطبي تستخدم الأشعة في تعقيم الأدوات الطبية البلاستيكية، والتي ستنصهر إذا ما استخدم في تعقيمها الفرن الكهربائي الذي يستخدم في تعقيم الأدوات المعدنية، كما تعتبر الفحوصات الطبية عن طريق الأشعة عاملاً مهماً في اكتشاف مسببات الأمراض، ومساعدة الكثير من المرضى على الشفاء.
فتقنية المتتبع الإشعاعي تقوم على إدخال مادة مشعة إلى مسار الدم وتتبعها من خلال جهاز الرصد الإشعاعي، ففي حال ظل قياس الاشعاع كما هو في الأوعية الدموية المختلفة يكون ذلك كافيا لاستبعاد وجود انسداد في أحد الأوعية، أما في حال تغيرت قراءة الاشعاع في الجهاز بعد نقطة معينة فذلك يعني وجود انسداد في تلك المنطقة.
وفي المجال الغذائي تستخدم الأشعة في حفظ الأطعمة وتعقيمها وتغليفها، مما يساعد على الاحتفاظ بالأغذية لفترات طويلة دون تلف.
استخدامات الأشعة في المجال الصناعي
في المجال الصناعي تستخدم تقنية التتبع الإشعاعي في التأكد من أن صناديق التعبئة في المصانع ممتلئة وليست فارغة، وأن المنتجات الموجودة داخلها مكتملة وليست ناقصة، ففي سير كهربائي يشبه سير الأمتعة في المطارات يتم وضع مصدر للإشعاع على الجانب الأيمن، وجهاز لقراءة الإشعاع على الجانب الأيسر، ويتم وضع الصناديق في السير الكهربائي، عندما يمر صندق مكتمل فإنه يسجل قراءة معلومة على جهاز الإشعاع في الجهة المقابلة، وفي حال كان الصندوق فارغا او ناقصا تختلف القراءة على الجهاز، فيقوم ذراع ملحق بالسير بسحب هذا الصندوق لتتم مراجعته، وإكمال تعبئته.
وكذلك يتم استخدام الأشعة في اختبار تجانس المواد، فلمعرفة ما إذا كانت حزمة من الأوراق قد صنعت بالكثافة نفسها، يتم تمرير كل ورقة بين مصدر إشعاع وجهاز ، للتأكد من أن القراءة على الجهاز ستكون نفسها مع كل ورقه، وفي حال اختلفت فذلك دليل على أن هذه الورقة ذات سمك مختلف، وينبغي اصلاحها، ويتم الأمر نفسه في اختبار تجانس الشوكولاته، والحساء، ودهان الجدران وغيرها.
كما تلعب الأشعة دوراً رئيسياً في الكشف عن العملات المزورة، والأوراق الرسمية المختلفة عن أصولها.
وعند صناعة الأنابيب الناقلة للمياه و البتروليات مثلاً يتم إدخال مادة مشعة إليها وقياس مستواها خارج الأنابيب، فإذا ظهرت أي قراءة على الجهاز القارئ للإشعاع دل ذلك على وجود ثقب وتسريب في الأنبوب، وأنه غير صالح للاستعمال إلا بعد إصلاحه.
كيف يتم إنتاج الإشعاع
يتم تصنيع المواد المشعة عن طريق المسرعات النووية والتي تستطيع تصنيع نوع واحد من المواد المشعة في المرة الواحدة، ويتم تصنيعها أيضا عن طريق المفاعلات النووية والتي تمتاز بقدرتها على إنتاج أنواع متعددة من الأشعة في المرة الواحدة، لذلك يعتبر اكتشافها هو البداية الحقيقية للاستخدام الواسع للأشعة في المجالات المتعددة.
وبعد كل هذه الاستخدامات والمنافع للأشعة يصبح من الإجحاف أن لا يفكر الناس في الأشعة إلا بصورة سيئة باعتبارها أحد الأسلحة المحرمة دولياً، فهناك استخدامات إيجابية لا تعد ولا تحصى للأشعة بأنواعها المختلفة.