ما هي الهرمونات
هي مواد كيميائية تفرز من موضع وتؤدي عملها في موضع آخر، وتعتبر الهرمونات مسئولة عن تنظيم العمليات الحيوية بالجسم، وكفاءة الجهاز التناسلي، وضبط مستويات المواد الغذائية والكيميائية، والاستجابة للمؤثرات البيئية والفسيولوجية بما يحافظ على كفاءة وصحة جسم الإنسان.
وتعرف باتباعها للأنظمة الدورية، فمستوياتها في الجسم تختلف حسب اختلاف الفصول، ونظام النوم والاستيقاظ، والمرحلة العمرية للإنسان، وحسب اختلاف الوقت في اليوم الواحد، فهرمون الكورتيزول مثلاً يفرز بمستوىً عالٍ في الصباح ثم يقل مستواه تدريجياً حتى المساء.
كما يتم تنظيم الهرمونات من خلال نظام دقيق يعرف بنظام المردود العكسي(Feedback mechanism)، حيث تقوم الهرمونات بإرسال رسالة عكسية في حال كان إفرازها كافيا واستطاعت أداء مهمتها حتى لا يتم إفراز المزيد منها، وتعتبر هذه الخطوة التنظيمية مهمةً جداً لضمان أن يظل الإفراز الهرموني مضبوطاً بحاجة الجسم، وموزوناً بالقدر المطلوب دون زيادة، في حين تقوم الهرمونات في حالات نقص إفرازها بإرسال رسالة إيجابية ليتم إفراز المزيد منها.
ويتم التخلص من الهرمونات بعد انتهاء عمرها الافتراضي بعدة طرق:
- عن طريق البول بواسطة الكليتين.
- عن طريق المادة الصفراوية بواسطة الكبد.
- عن طريق الاستقلاب.
- عن طريق الارتباط بالأنسجة.
تمتلك المستهدفة بالهرمونات مستقبلات بروتينية يعمل من خلالها الهرمون، وتكون هذه المستقبلات مخصصة للهرمون المحدد، ويمكن أن توجد هذه المستقبلات في سطح الخلية كما في حالة الهرمونات البروتينية والأمينية، أو توجد في السيتوبلازم كما في حالة ، أو داخل النواة كما في حالة هرمونات الغدة الدرقية تحديداً.
عندما ترتبط الهرمونات بالمستقبلات يبدأ النظام العكسي لتقليل المستقبلات، حيث تتحول بعض المستقبلات للحالة غير النشطة، أو تتحول أنظمة نقل الإشارة التابعة لها داخل للحالة غير النشطة، أو يتم إدخال المستقبلات التي يرتبط بها الهرمون خارج الخلية إلى داخل الخلية، أو أن يقل إنتاج وتصنيع المستقبلات، والغرض من جميع هذه الآليات هو تقليل استقبال الخلية للمزيد من الهرمونات لكونها في حالة اكتفاء.
وعندما يرتبط الهرمون بالمستقبل فإنهما يكونان مزيج الهرمون المستقبل والذي يعتبر بداية لعمل الهرمون، حيث تبدأ من خلاله سلسلة من التغيرات الداخلية لنقل الإشارة، فبعض الهرمونات مثل النور أدرينالين عندما ترتبط بالمستقبلات فإنها تقوم بفتح وإغلاق قنوات نقل الأيونات كالصوديوم والبوتاسيوم و وغيرها، وتعتبر هذه الطريقة مباشرة في بدأ عمل الهرمون داخل الخلية.
أما الطريقة الغير مباشرة فتتم عن طريق ارتباط الهرمونات بمستقبلات ترتبط هي الأخرى ببروتينات في الغشاء الخلوي تسمى بـ (G protein) والتي عندما تصبح نشطة ترتبط بالجزء ألفا من بروتين (GDP) وتحوله إلى (GTP) وعندما يحدث ذلك يؤدي هذا التغير إلى التأثير على قنوات نقل الأيونات أو على إنزيمات معينة مما يعني بداية عمل الهرمون.
وتتم الطريقة الغير مباشرة أيضاً عن طريق ارتباط الهرمون بمستقبلات الإنزيمية ،هذه المستقبلات الإنزيمية ترتبط في الجانب الآخر لها داخل الخلية بالإنزيم الذي تنشّطه، فبمجرد أن يرتبط الهرمون بالمستقبل يتم بشكل مباشر تنشيط الإنزيم.
وتحتاج هرمونات أخرى لوسيط أو ناقل ثانوي للرسالة للبدء في عملها داخل الخلية، ومن أمثلة هذه النواقل الثانوية (cAMP)، و (cGMP)، فارتباط الهرمونات بالمستقبل يحفز ارتباط المستقبل بـ(G protein) والذي يقوم بتحفيز نظام (cAMP–adenylyl cyclase) فيتحول جزء من ال (ATP) في الخلية إلى (cAMP)، والذي يحفز عمليات إضافة الفسفور لبروتينات داخل الخلية مما يؤدي إلى تنفيذ عمل الهرمون.
أما الهرمونات التي توجد مستقبلاتها داخل الخلية فبعد أن تشكل مركب الهرمون المستقبل تقوم بالارتباط بوسيط، هذا الوسيط هو عبارة عن عنصر الاستجابة للهرمون والذي يستطيع الهرمون من خلاله إحداث التأثير المطلوب داخل الخلية.
أنواع الهرمونات
تختلف الهرمونات حسب تركيبها إلى هرمونات بروتينية، وهرمونات ستيرويدية دهنية، وهرمونات أمينية.
الهرمونات البروتينية
يتم صنع الهرمونات البروتينية في صورة غير نشطة في الشبكة الإندوبلازمية ثم يتم نقلها إلى جهاز جولجي، والذي يقوم بقطع جزء من الهرمونات لتحويلها للصورة النشطة، وينقلها بعد ذلك لحويصلات موجودة في السيتوبلازم فتظل مخزنة فيها إلى حين الحاجة إليها.
وعندما يوجد المحفز تقترب هذه الحويصلات من جدار الخلية فتندمج معه لتفرغ محتواها من الهرمون الذي ينتقل عبر غشاء الخلية إلى الدم ليتجه إلى الخلايا المطلوبة، ونظرا لأن هذه الهرمونات ذات طبيعة بروتينية فإنها تنتقل في الدم وحدها دون الحاجة لناقل.
ومثال للهرمونات البروتينية هرمونات الغدة النخامية والتي تعمل كمنظم لعملية إفراز بقية الهرمونات في جسم الإنسان. وهرمونات البنكرياس كالأنسولين ومهمتها الأساسية تنظيم مستوى السكر في الدم، فهرمون الأنسولين مسئول عن تقليل مستوى سكر الدم عن طريق إدخاله إلى داخل الخلايا، وتخزينه في الكبد، بينما يتمثل عمل هرمون الجلوكاجون والذي يفرز من البنكرياس أيضا في زيادة مستوى الجلوكوز في الدم عن طريق تحفيز كل من عمليات تصنيع الجلوكوز، وعمليات تحليل المخزون من الجلوكوز في الكبد.
الهرمونات الستيرويدية
أما الهرمونات الستيرويدية الدهنية فلا توجد بصورة مخزنة وإنما يتم تصنيعها عند الحاجه إليها، وجميع هذه الهرمونات تتركب من الكوليسترول، لذلك تتشابه معه في تركيبها الكيميائي، وعندما يتم تصنيعها تستطيع هذه الهرمونات عبور الغشاء الخلوي بسهولة، ولكنها عندما تصل إلى الدم تحتاج إلى الارتباط ببروتين ناقل.
ومثال لهذا النوع الهرمونات الجنسية كالتستوستيرون المسئول عن نمو الجهاز التناسلي الذكري، وظهور السمات الذكرية على الرجال، والاستروجين المسئول عن نمو الجهاز التناسلي الأنثوي، وظهور السمات الأنثوية على النساء، وهرمونات الغدة الكظرية وتشمل الكورتيزول المسئول عن تنظيم عمليات هضم البروتينات والدهون والكربوهيدرات، بالإضافة إلى دوره كمضاد للالتهابات، وهرمون الألدوستيرون الذي يعمل على زيادة امتصاص الكليتين للصوديوم وزيادة إفراز الكليتين للبوتاسيوم إلى خارج الجسم.
الهرمونات الأمينية
تمتلك الهرمونات الأمينية صفة من كل نوع من الأنواع السابقة، فهي ما إن تصل إلى مجرى الدم يمكنها أن تنتقل وحدها كما هو الحال في الهرمونات البروتينية، ويمكنها أن ترتبط بناقل مثل الهرمونات الستيرويدية، وتعتبر هرمونات الغدة الدرقية أمثلة على هذا النوع من الهرمونات والتي تعتبر مشتقات الحمض الأميني تايروسين ، وهرمونات الغدة الدرقية مسئولة عن تنظيم عمليات الهضم والاستقلاب لمختلف المواد الغذائية، وتزيد من معدل العمليات الحيوية المختلفة داخل الجسم.
قياس الهرمونات
تقاس الهرمونات بواسطة القياس المناعي الإشعاعي (Radioimmunoassay) وتقوم هذه الطريقة بقياس الهرمون وجزيئاته ونواتجه الهضمية، حيث يتم إنتاج أجسام مضادة متخصصة لهرمون معين، ثم يتم إضافة سائل حيواني محتوي على الهرمون المراد قياسه، وكمية معينة من هرمون قياسي نقي مرتبط برأس ارتباط مشع.
فالمطلوب هو أن يكون هناك القليل جداً من الأجسام المضادة التي يمكنها أن ترتبط بالكامل بكل من الهرمون النقي المرتبط بالمادة المشعة، والهرمون المراد قياسه في العينة، وعليه إذا ما كان قياس الإشعاع عالياً فذلك يعني أن الهرمون الطبيعي المراد قياسه لم يكن موجوداً بالقدر الكافي ليتنافس مع الهرمون النقي المربوط بمشع ، وإذا كان قياس الإشعاع قليلاً فذلك يعني أنه كان هناك الكثير من الهرمون الطبيعي المراد قياسه والذي تمكن من منافسة الهرمون المرتبط بالمادة المشعة.
وهناك القياس الإشعاعي المناعي المرتبط بالإنزيم والمعروف بـ (ELISA)، وتستخدم هذه التقنية في قياس البروتينات عموماً، وتتكون من سطح بلاستيكي مقسم إلى 96 قسماً تحتوي على مادة مضادة للهرمون المراد قياسه، ثم يتم إضافة العينة، متبوعة بالجسم المضاد الثاني والذي يرتبط بالجهة الأخرى من الهرمون، ثم تتم إضافة جسم مضاد ثالث يستطيع التعرف على الجسم المضاد الثاني ومرتبط بإنزيم، هذا الإنزيم يقوم بتحويل مادة معينة إلى مادة أخرى يمكن قياسها عن طريق جهاز الطيف الضوئي.
وعلى عكس الطريقة السابقة تعتمد الـ (ELISA) على أن تكون كمية الأجسام المضادة الموجودة في سطح القياس أكبر من الكمية المتوقعة من الهرمون، لتتمكن كل جزيئات الهرمون الموجودة من الارتباط بالأجسام المضادة، فيتمكن الإنزيم المرتبط بالأجسام المضادة من إجراء عملية تحويل مادة إلى أخرى وهو الناتج الذي يتم قياسه لمعرفة كمية الهرمون.
وأصبحت الـ (ELISA) هي الطريقة المفضلة للقياس لعدم وجود مواد مشعة، ولأنها الأكثر دقة والأقل تكلفة، ولإمكانية إجراء قياس العديد من العينات في الوقت نفسه.