تعريف التعصّب
يأتي التعصّب من كلمة وهو استجماع النصرة لعصبته (لقومه أو طائفته أو مذهبه) أيًّا كانوا مظلومين أو ظالمين، إذا كانوا أصحاب حقٍّ أو باطل والتشدد في الزود عنهم وحمايتهم. وأخذ الأمر بعصبية ورفض أي مخالف لعصبته وإن كان ذاك على صواب وعدم الانفتاح أو التسامح مع الأطراف الأخرى.
التعصّب حسب رؤية المدرسة النفسية
تؤكد أن التعصب يأتي في المقام الأول من سبب نفسي خالص، ناتج عمَّا يكمن في العقل الباطن لشخص ما، وقد أصدرت مدرسة التحليل النفسي تقريرًا أن التعصب الذي يظهر في شكل من أشكال العداء و هو عبارة عن طاقة انفعالية لا بد أن يطلقها الفرد، وهو يأخذ موضوعًا معينًا يحاول به تفريغ تلك الشحنة الزائدة، وسيبحث المتعصب عن مصدر لذلك؛ حيث إن التعصب كاتجاه نفسي يجعل الفرد يدرك موضوعًا ما أو فردًا أو جماعة بصورة حب أو كراهية من دون أن يكون هنالك ما يبرر تلك الصورة الإيجابية من حب أو سلبية من كراهية باستخدام المنطق العقلي والتحليل.
ما مظاهر التعصّب؟
- التعصب الطائفي: وجود عدة طوائف مختلفة ذات اتجاهات متباينة، في عدة أديان وداخل الدين الواحد، وهي انقسامات حدثت منذ قديم الزمان؛ ولكن آثارها موجودة حتى اليوم.
- التعصّب القومي: وهو أن يتعصب الفرد لقوميته من دون إبداء أي أسباب لذلك سوى أنهم يعدونه قومهم سواء كانوا مخطئين أم مصيبين، مثل التعصّب للعروبة، وتعصّب أفراد شعب لبلدهم وهكذا.
- التعصّب الحزبي: وهو أن يكون التعصب لحزب أو فئة أو جماعة واحدة فقط، وذلك بعد انضمام الفرد لها، ويرى أن معها الحق المطلق، ولا يمكن أن تقع في الخطأ.
- التمييز العنصري: وهو التمييز ضد الأسود من الأبيض أو العكس، والتمييز ضد الأنثي من الذكر أو العكس أو التمييز بين الأقليات، ويوجد هذا كثيرًا حول العالم.
- التعصب الفكري: وهو التعصّب لأفكار وآراء معينة، وعدم محاولة حتى سماع الطرف الآخر عن آرائه وأفكاره، وهو من أكثر أشكال التعصّب خطورة وينتج عن أنواع التعصّب الأخرى.
أسباب التعصّب
- التنشئة المتعصبة: وهي قيام الأسرة العنصرية بالتمييز والتفرقة بين الآخرين، بغرس أفكار منذ نعومة الأظافر، مثل أن تكون عنصرية ضد لون معين أو جماعة معينة أو أفكار بعينها؛ مما يجعل تنشئة هؤلاء الأبناء تنشئة عصبية متطرفة.
- تضخم الأنا عند بعض الأشخاص وظنهم أن معهم الحق المطلق في أي شيء، ورفض أي مخالف لآرائهم وأفكارهم، ويتجاهلون أن هناك طرقًا مختلفة للوصول إلى الحق.
- الانحراف العقلي وعدم استخدام العقل بصورته السليمة؛ للتعرّف على الحق بحسب المعطيات المطروحة.
- عدم معرفة أي معلومات عن الطرف الآخر والجهل التام بالجماعات الأخرى أو الأطراف الأخرى؛ مما يؤدي إلى قوقعة الشخص فقط إلى عصبته.
- التعصّب إلى شخص معين وإضفاء صفة القداسة له بأنه هو صاحب الحق المطلق واتباعه بصورة أعمى كتتبع القطيع.
- إذا سُئلنا كيف تنشأ الأفكار العصبية؟ سنقول إنها تنشأ من تعصّب جماعة ما لنفسها وعدم انفتاحها مع الجماعات الأخرى وانغلاق الجماعة فقط مع نفسها؛ مما ينتج عنه أفكار متطرفة وأشخاص متعصبين.
- أيضًا واحدة من أسباب التعصب هو حدوث سوء فهم للمعنى الأساس للدين، وهو يحدث في الأديان كلها، وجودُ طوائف تفسّر الدين على هواها؛ وينتج عن ذلك مشكلات وحروب عصبية حيث لا يفرّق المتعصبون بين منزلة ما يقوله الله سبحانه لهم وما يقوله علماؤهم ويعتقدون أن أقوال هؤلاء لا تقبل المناقشة وهي لا تُخطئ أبدًا.
- عندما تختفي أسس تقبل الآخر وإعطاء مِساحة للرأي والرأي الآخر؛ تنفجر العصبية في صورة ظلم وسوء أخلاق، وعدم التعامل والمواساة والعدل وعدم التعايش مع الآخر وإشعال فتيل الفتن والحروب لأتفه الأسباب.
- التفضيل إلى الركون إلى ما هو معروف وموروث وما هو تقليدي للإحساس الزائف بالأمان.
- معرفة المبكرة، هل كان التعصب بسبب التعدد العشوائي أم التفكك الأسري؟ وهي الجذور النفسية لنشوء التعصّب.
- تجريم استخدام المقدسات الدينية لغير أهدافها لخدمة أجندة حزبية أو أفكار مشددة.
- تطوير الخطابات التي تدعو إلى الانفتاح على الآخر وتقبل الرأي بصدر رحب، وبالتأكيد لا يعني ذلك الانسياق لرأيه؛ بل يعني احترامه.