أهمية الصلاة
الصلاة ركنٌ من ، وقد كلّف الله تبارك وتعالى المسلم البالغ العاقل المستجمع لشروط التكليف بالصلاة، وجاء الأمر بالالتزام بالصلاة منتشراً مُوزعا على آيات القرآن الكريم في الكثير من ، ولذلك فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلّم- ينبه ويشدد على أهمية الصلاة وأهمية الالتزام بها على وقتها وأن يكون المسلم جاهزاً للصلاة قبلها بالطهارة والوضوء قبلها بحيث يكونُ جاهزاً رُوحياً وجسدياً للمثول والوقوف بين يدي الله تبارك وتعالى، مُجدداً للعهد والبيعة بالخضوع والاستمرار والحياةَ وفق منهج الله تبارك وتعالى. الألوكة: أهمية الصلاة
المحافظة على الصلاة
لقد أمر المولى تبارك وتعالى، وحثّ المسلمين على المحافظة على أداء فى أوقاتها في العديد من آيات القرآن الكريم، ومنها قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى)سورة البقرة: الآية 238، وقوله: (وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)سورة الأنعام: الآية 92، وقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)سورة المؤمنون: الآية 9. ويقصد بالمحافظة على الصلاة عند بعض المفسرين أنها: المداومة والاستمرار على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها المحددة، بل وأدائها بجميع شروطها كاملة من غير إخلال بشيء منها، ويُلاحظ أن الخطاب في الآية الأولى أتى بصيغة الأمر لكل الأمة.أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي المتوفى: 542هـ، المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1422هـ.
فإذا قيل أن المحافظة على الصلاة في الآيات الكريمة هو ذاته المقصود بإقامة الصلاة، إلا أنه استعمل لفظ المحافظة؛ ليدل على وجوب المداومة والاستمرار على أدائها حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وقد قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- : (إنما الأعمال بخواتيمها). محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ك (البر والإحسان) ، ب (ذكر الأخبار عما يجب على المراد من ترك الاتكال …) 2/51 ، ح (339) ، حسنه شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1988م
الاستمرار فى أداء الصلوات الخمس
المتأمل فى آيات الذكر الحكيم يجد أن الله -جلّ وعلا- ذكر المداومة على الصلاة في آيتين كريمتين، أولهما في قوله: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) سورة المعارج: الآية 23، وثانيهما قوله تعالى حكاية عن عيسى -عليه السلام-: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)سورة مريم: الآية 31. فالمقصود بالاستمرار في أداء الصلوات الخمس عدة أقوال:جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ) زاد المسير في علم التفسير، دار الكتاب العربى، بيروت، 1422هـ، 1/322
- أنهم الذين لا يكثرون من الالتفات عن اليمين أو الشمال في الصلاة، وهذا القول قال به عقبة بن عامـر.
- أنهم الذين يحافظون على المكتوبات في أوقاتها، وهذا القول قال به الصحابي الجليل ابن مسعود.
- أنهم الذين يستزيدون من صلاة التطوع، وهذا قول ابن جريج.
ولذا فإن المقصود بالآية الكريمة هو: أداء الصلوات الخمس بكامل ركعاتها وشروطها وأركانها وكل سننها وخشوعها والحرص والمداومة على ذلك، للكثير من الأدلة والبراهين على ذلك، ومن أهمها قوله: (صَلَاتِهِمْ)، وقوله: (دَائِمُونَ) والتي تدل على الدوام والمحافظة والاستمرار، ويؤيد ويؤكد ذلك الترجيح تفسير كل من ابن مسعود والطبري للآية المباركة. وتتمثل طاعة الله بالمحافظة والمداومة على أداء الصلاة المكتوبة في أوقاتها المحددة، وإنما تم التعبير عنها بلفظ الإقامة والمحافظة والمداومة حتى الموت، ليبرهن على فضلها وأهميتها ومكانتها العالية في الدين الإسلامي القويم.
العلاقة بين الصلاة وتعلق العبد بربه
يرى مجموعة من أن الصلاة ما هي إلا صِلةٌ بين العبد وربه؛ ولذلك يعمدون كثيراً إلى ذكر هذه الجملة عند قيامهم بتفسير بعض الآيات التي تتحدث عن الصلاة. وبما أن الصلاة صِلة بين العبد وربه وبلا وسيط ولا واسطة، وفيما يلي بعض التفصيل في ذلك:التفسير الوسيط للقرآن الكريم، محمد سيد طنطاوى، دار نهضة مصر للطباعة، الفجالة، القاهرة، مصر، 1997م، 3/292.
- تحقيق الصلاة كصلة: يجب على كل مُصلي أن يؤدى الصلوات الخمس بركعاتها المحددة، وبشروطها وأركانها المُبينة، وبسننها الواضحة، وبكافة هيئاتها، حتى تصبح بالفعل صلة بينه وبين ربه، فيها يتقرب إلى الله تعالى. فالصلاة كما ذُكر صلة بين العبد وربه، ولذا إذا دخل في الصلاة فقد دخل على الله -جل وعلا-، وإذا همّ برفع يده عند التكبير ونوى: (الله أكبر) يقول العلماء: هذا يعني رفع الحجاب بينه وبين ربه، فليلتزم ويتأدب مع الله تعالى ويحضر قلبه؛ لأن الله تعالى ينظر إليه، ويطّلع عليه، ويسمع كلامه، وهو سبحانه وتعالى قريب منه. عبد الله بن محمد الغنيمان، شرح فتح المجيد، دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، 2011م، 4/143.
- طلب العون بالصلاة: حينما يؤدي العبد الصلاة كصِلة بينه وبين ربه -تبارك وتعالى- فبهذا يتقرب إليه ويرجوه العون في كل أمور دينه ودنياه.
ثمرات المحافظة على الصلوات الخمس
من المُتفق عليه أن الصلاة هي صلة بين العبد وخالقه، ولذا فللمحافظة عليها ثمرات متعددة في شتى مجالات الدين والدنيا، وهذه بعض الثمرات:
- تقوية الإيمان وتعلق القلب بالله تعالى.محمد على الصابونى، روائع البيان فى تفسير آيات الأحكام، مكتبة الغزالى، دمشق، سوريا، 1980م، 2/586.
- أن الإنسان المسلم بحاجة ماسة وشديدة للارتباط بالخالق عزّ وجل، والاستعانة بالله وحسن التوكل عليه سبحانه، ولها أثرٌ عظيمٌ على تقوية إيمانه والتقوية من صلابة اعتقاده، وتهذيب سلوكه، ولهذا أمر الله سبحانه تعالى بذكره ليلاً ونهاراً، وبالحرص على تأدية الصلاة من أول اليوم إلى آخره ، وهذا يتضمن الصلوات الخمس المفروضة، ويشمل كذلك والتطوع في الليل.وهبة بن مصطفى الزحيلى، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر المعاصر، دمشق، 1418هـ، 29/209.
- للمحافظة على الصلاة أثر عظيم في تحصين المسلم ودفع مصائب الدنيا بالمحافظة على الصلاة فرضاً ونافلةً، وخاصة إذا تمّ إقامة الصلاة وتأديتها على أكمل وجه.محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، زاد المعاد في هدى خير العباد، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1995م، 4/204، 205.
كيفية المحافظة على الصلاة
هناك عدة إجراءات عملية يمكن للمسلم أن يفعلها لتعينه على المحافظة على الصلاة، وهي على النحو الآتي: