بحث عن تلوث البيئة
يعتبر الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها من كل الأخطار المباشرة وغير المباشرة التي تحيط بها أمراً أساسيّاً ومهمّاً يتعلق بحياة الإنسان؛ ذلك لأن الإنسان والبيئة مكوناتٌ تؤثر وتتفاعل مع بعضها البعض مما يحقق الصورة المتوازنة للحياة، ولذلك فإن أي خلل يصيب أحد المكونات أو العلاقات القائمة بين عناصرها المتعددة يسبب تدهورًا لحياة وصحة الإنسان وبالتالي فقدان النظام البيئي، فالله سبحانه وتعالى أبدع في إيجاد توازنٍ بيئيٍ غايةً في التنظيم، ويشكِّل انسجاماً بين العناصر المكونة للبيئة، وتتنوع هذه العناصر وتتعدد؛ فمنها عناصر الإنتاج والتي تشمل أنواع النباتات بمختلف أشكالها، ومنها عناصر الاستهلاك وأهمها الحيوانات بكل أنواعها، وعناصر التحلل كالميكروبات.
ومنا كذلك العناصر الطبيعية مثل: الضوء والهواء والماء وغيرها من العناصر، ولقد سيّر الله سبحانه وتعالى جميع الكائنات لتخدم الإنسان، بالإضافة إلى مكونات البيئة التي استطاع الإنسان باستخدامها أن يحرز تقدّماً عظيماً في جميع المجالات، وبما أنّ الإنسان يُعتبر أهمّ العناصر والعوامل في نظام البيئة، فالإنسان من أهم عناصر الاستهلاك الموجودة على سطح الأرض، لذلك فإن تدخل الإنسان دون مبالاةٍ أو تفكير] يؤثّر على التوازن الطبيعي مسبباً إفساده وتعريضه للإهدار والتلوث، مما عاد عليه بالضرر الكبير ليس على حياته وحسب، وإنما على حياة جميع الكائنات الحية الأخرى التي تسكن الأرض وتشاركه الحياة عليها.بوزغاية باية، تلوث البيئة والتنمية، جامعة متنوري-قسنطينة، الطبعة الأولى، 2008م، ص50.
مفهوم التلوث
يمكن بيان من خلال تعريفه لغة واصطلاحا:محمد حسين عبد القوي، التلوث البيئي، مركز الإعلام الأمني، الطبعة الأولى، ص2-4.
- التلوث لغة: كلمة تلوث تعني بمدلولها اللغوي الدنس والفساد والنجس، والفعل لوث يأتي بمعنى التلويث فلوث الشيء تلويثاً، واللوث: الضعف، ولذلك يقال للرجل ضعيف العقل (ألوث) أي أحمق، من الحماقة، ويقال لفلان لوّث ثوبه بالطين، بمعنى لطخه وتلوث بذلك الطين، ويأتي التلوث لغة على نوعين، هما:
:#التلوث المعنوي: وهو دخول شيءٍ على شيءٍ آخر، ولذلك يقال تلوث فلان بفلان من أجل المنفعة أي لاذ والتجأ به، ويرتبط معنى التلوث المادي بالتلوث المعنوي بأن كلاهما يعني فساد الشيء، أو حدوث تغيرٍ يطرأ على خواصه.
- التلوث اصطلاحا: يمكن تعريف التلوث اصطلاحاً بأنه كل تغيير يطرأ على الشيء بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، سواءً كان هذا التغيير حراري أو بيولوجي أو فيزيائي أو أي نشاط إشعاعي، بحيث يُغيّر من خصائصه، وينتج عن هذا التغيير مخاطر عديدة تؤثر على صحة الإنسان وأمنه ورفاهيتهِ هو والكائنات الأخرى.
الإنسان والتلوث البيئي
كثّف الإنسان جهوده في البحث والتنقيب عن الثروات الكامنة الموجودة في الأرض، بسبب ازدياد عدد السكان وكثرة النشاطات التي يقوم بها الإنسان، فتوسعت ميادين حياتهِ واستخداماتهِ العديدة للنار ومصادر الطاقة الأخرى، فهي لم تعد مقتصرة على تحضير وإعداد الطعام والتدفئة بل توسع في استخدامها ليُسيّر بها القطارات و، وهذا الأمر أدى إلى إحداث تلوثٍ ملحوظٍ في البيئة، فأصبحت من أهم وأكبر المشكلات التي تهدد حياة الإنسان ووجوده في هذا العصر، ولذلك تمّ عقد مؤتمرات كثيرة تتحدث وتناقش هذه المشكلة منها المحلية والإقليمية والعالمية لإيجاد حلول مناسبة لهذا الخطر الكبير، فقد عقد في استكهولم 1973م مؤتمراً تبعه مؤتمر ريودي في البرازيل عام 1997م واتفاقية كيوتو التي حدثت في عام 1997م وآخرها قمة الأرض التي عُقدت في جنوب إفريقيا عام 2002م ومن أهم التي سيتم تناولها بتفصيلٍ ما يلي:عصام عباس بابكر كرار، الإنسان والبيئة (مشكلات بيئية معاصرة)، الطبعة الأولى، 2015م، ص165-166.
ثاني أكسيد الكربون
من حكمة الله عزّ وجلّ أنه خلق في الغلاف الجوي غازاتٍ بكمياتٍ وأنواعٍ مختلفة، إلا أنها تتزن مع بعضها البعض بنسبٍ معينةٍ لتكون صالحةً للإنسان، فالكمية التي تفقد من الغازات في الغلاف الجوي تساوي ما يُضاف إليه، وهكذا يحافظ الغلاف الجوي على اتزان ما لديهِ من الغازات، إلا أنّ هذا التوازن قد تعرّض للخلل بسبب التقدم التكنولوجي والعلمي، حيث أثرت زيادة عدد السكان وأنشطتهم المتعددة على اتزان الغلاف الجوي فجعلت هنالك خللاً في هذا التوازن، مما سبب زيادة في كميّة ونسبة غاز ثاني أكسيد الكربون (الغاز السّام) في مناطق مختلفة من سطح الأرض فأصبح خطراً كبيراً يهدد بقاء البشريّة، وقد أدت زيادة أنشطة الإنسان المختلفةِ إلى إضافة أنواعٍ جديدةٍ من الغازات مثل مركبات الكربون الكلورية الفلورية.
وهذه المركبات يكمن خطرها في قدرتها على امتصاص كميّة كبيرة من الإشعاعات الحراريّة التي تنعكس من ، والذي يُعرف باسم الاحتباس الحراري، حيث تُعتبر هذه الظاهرة من الظواهر الخطرة التي تهدد الحياة على وجه الأرض بصفةٍ عامةٍ، وحياة الدول المتقدمة بشكلٍ خصوصي وهذا الأمر دفع الجهات الحكومية والخاصة لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية للحد منها والتقليل من خطرها وذلك عن طريق التقليل من الصناعات المختلفة التي تساعد على انبعاث مثل هذه الغازات الضّارة على البيئة كغاز أكسيد الكربون، وغاز الكلوروفلوركربون، وغاز الميثان، وهذه الغازات هي المسؤولة عن الاحتباس الحراري، والتي من أهم سماتها ارتفاع في معدلات درجة حرارة الأرض والذي ينتج عنها ذوبان ثلوج الأرض مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وبالنتيجة إغراق للمناطق الساحليّة.
ثاني أكسيد الكبريت
يُعتبر هذا الغاز من وهو غاز حمضي، وينتشر هذا الغاز في الدول الصناعية الكبرى بشكلٍ خاص فمركبات الكبريت تتواجد في الفحم الحجري وكذلك البترول الذي تستخدمه الدول والمدن الكبرى كمصدر هام من مصادر الوقود والطاقة وهذه المركبات من خصائصها أنها تذوب في بخار الماء، وينتج عنها حمض قوي خطر يتساقط مع المطر وهذه الأمطار الحمضية تعمل على تلوّث الهواء المحيط بالإنسان والتربة والماء مما دفع بعض الدول إلى إصدار قوانين وتشريعات للتقليل من نسبة استخدام الكبريت في المحروقات.