حروف الجر كاملة
تعود تسمية حروف الجر إلى المدرسة البصريّة، وتفسيرهم لذلك أنّها تدخل على الأسماء وتجرُّها، وهم من أطلق على بعض الحروف “النّواصب، وغيرها أطلقوا عليه “الجوازم”، أمّا المدرسة الكوفيّة فتُسميّ حروف الجرِّ أحيانًا بحروف الإضافة؛ لأنّها تضيف الأفعال إلى الأسماء، وأحيانًا أخرى تُسميّها حروف الصّفات؛ لأنّها تُعطي الاسم الصّفة الظّرفيّة أو غيرها من الصّفات.
أقسام حروف الجر
- حروف الجر مختصّة بالأسماء، أي أنّها لا تدخل إلّا عليها، وعددُها عشرون حرفًا، وهي: متى، لعلّ، الباء، حرف الكاف، حرف التّاء، حرف الواو، كي، حرف اللّام، رُبَّ، منذُ، مُذ، على، عن، في، عدا، حاشا، خلا، حتّى، من، إلى. لم يُجمع جميع علماء النّحو على أنّ هذه الحروف كلَّها حروف جر؛ إذ تُعتبر خلا، وحاشا، وعدا حروف استثناء بالإضافة إلى أنّها حروف جرٍّ، وقليل منهم من اعتبر لعلّ، وحتّى، وكي حروف جر أيضًا.
- حروف الجر وأقسامها، تنقسم حروف الجر إلى حروف جر أصليّة، وحروف جر زائدة، وحروف جر شبيه بالزّائدة. المقصود بحروف الجر الأصليّة أي أن يكون لها معنًى خاصٌّ بها، وتحتاج على اسم مذكور أو محذوف تجرُّه، على سبيل المثال حرفيّ من وإلى في قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)، حيث أفادت من ابتداء الغاية المكانيّة، وأفادت إلى انتهاءها. أمّا حروف الجر الزّائدة فالمقصود بها حروف الجر التي ليس لها معنًى خاصٌّ بها، بل توضع للتّوكيد، وقد يأتي بعدها فاعل بدل الاسم، مثل قوله تعالى:(هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، فحرف من هنا لم يكن له معنًى خاصٌّ غير التّوكيد، أمّا حروف الجر الشّبيه بالزّائدة، فهي شبيه بحروف الجر الأصليّة من حيث أنّ لها معنًى خاصٌّ بها، وشبيه بحروف الجر الزّائدة من حيث أنّها لا تتعلّق بما بعدها، وهي لولا، ورُبَّ، ولعلّ، ومثال عليه قول الشّاعر:
حروف الجر ومعانيها في اللغة العربية
كَي
تكون كَي حرف جرٍّ في ثلاث حالات، الأولى أن تدخل على حرف الاستفهام (ما)، على سبيل المثال: كيمه؟ ومعناها لماذا؟ ويكون إعراب ما مجرورة بحرف الجر كَي، أمّا الحالة الثّانية هي أن تأتي للسّببيّة قبل الحرف المصدريّ والنّصب (أن) المضمرة، مثل: جئتُ كَي أُكرِمَ عمروًا، وأن محذوفة قبل أُكرِمَ، ومعناها جئتُ لإكرام عمرو، الحالة الثّالثة لحرف الجر كَي هي أن تدخل على الحرف المصدريّ (ما)، مثل قول الشّاعر:
إذا أنت لم تنفع فضُرَّ؛ فإنّما يُراد الفتى كيما يضرُّ وينفعُ
أي أن الفتى يُراد للمنفعة والمضرّة، على حدٍّ سواء.
لعلَّ
رويت لام لعلَّ الأخيرة بكسر اللّام وفتحها، بحسب لغة قبيلة عقيل، وهي إحدى قبائل هوازن الفصيحة، والحديث عن لُغات القبائل يطول، أمّا اللّام الأولى فيجوز فيها الحذف والإثبات، كأن تأتِ علَّ أو علِّ، بدل لعلَّ ولعلِّ.
متى
تُعتبر متى حرف جر بحسب لغة قبيلة هذيل، فإنّهم يقولون على سبيل المثال: أخرجها متى كُمِّه، أي أخرجها من كُمِّه.
لولا
لم يَعُدَّ ابن عقيل لولا حرف جر في كتابه (شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك)، ولكنّه اعتبرها كذلك في كُتب غيره، رأي سيبويه وجمهور المدرسة البصريّة فيها: إنّها حرف جر زائد، ولكنّها لا تجرُّ إلّا الاسم المُضمر، مثل لولاك، لولاي، لولاه، فالضّمائر المُتّصلة بعد لولا، وهي الكاف والياء والهاء، مجرورة بلولا. أمّا رأي المدرسة الكوفيّة، بالإضافة إلى الأخفش من المدرسة البصريّة: إنّ لولا لا تعمل عمل الجر في الاسلام بعدها، ورأيُ المبرِّد: إنّ استعمال لولا للجرِّ خاطئ، ولم يرد عن العرب.
مُذ ومُنذُ
حرفيّ مُذ ومُنذُ من حروف الجرِّ التي لا تجرُّ إلّا الاسم الظّاهر، وتختصُّ تحديدًا بأسماء الزّمان، فإذا أتت مع زمان ماضٍ كان معناها بمعنى من، مثل: ما رأيته مُذ يوم الجمعة، أي من يوم الجمعة، أمّا إذا أتت مع زمان حاضر، كان معناها بمعنى في، مثل: ما رأيته منذ يومنا، أي في يومنا.
الواو والتّاء
يختصُّ حرفا الجرِّ الواو والتّاء بمعنى القَسَم، ومن غير الصّحيح أبدًا ذكر فعل القَسَم معها، كأن يقول أحدهم: أقسم والله، أو أحلف تالله، ومن الغريب أن تأتي مع كلمة ربِّ، حيث سُمعت: تربِّ الكعبة، أي أقسم بربِّ الكعبة.
رُبَّ
لا يأتي حرف الجر رُبَّ إلّا مع النّكرة، أمّا جرُّها للضّمير فهو شاذٌ، مثل الشّاهد:
واهٍ رأيتُ وشيكًا صدعَ أعظُمِه ورُبَّهُ عطِبًا أنقذتُ من عطبِه
ومعناه أنّ شخصًا ضعيفًا أوشك على الهلاك، إلّا أنّ الشّاعر أنقذه في اللّحظة الأخيرة. اختلف العلماء في إعراب الضّمير المُتّصل برُبَّ هل هو معرفة أم نكرة؟ فقال جمهور النَّحويّين أنّه معرفة على أصل الضّمائر، ولكنّ الزّمخشريّ وابن عصفور جعلاه نكرة؛ لأنّ رُبَّ لا تجرُّ إلّا نكرة.
حرف الكاف
يختصُّ حرف الكاف بجرِّ الاسم الظّاهر، ويفيد معنى التّشبيه، أو التّوكيد، مثل قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)، أمّا جرُّها للضّمير فهو شاذٌ أيضًا، مثل قول العجاج:
خلى الذّنابات شمالًا كَثَبًا وأمَّ أوعال كَهَا أو أقربا
معنى البيت أن العجاج يصف حمارًا وحشيًّا وأتنه (حمارة)، يريدان شرب الماء، ولكنّ الحمار رأى صيّادًا فهرب، والذّنابات هي المكان الذي ينتهي إليه السّيل في الوادي، وأم أوعال هي اسم مكان، ويقول النّحويّون أنّ جرّ الكاف للضّمير بعدها شاذٌّ.
من
لحرف الجر من خمس معانٍ، وهي:
- التّبعيض: مثل أخذت من الدّنانير.
- بيان الجنس مثل قوله تعالى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ).
- تُستخدم كثيرًا لابتداء الغاية المكانيّة: مثل: ذهبت من البيت إلى المسجد.
- تُستخدم قليلًا لابتداء الغاية الزّمانيّة: مثل قوله تعالى: (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ).
- التّوكيد: ما جاءني من أحد، أي لم يأت أحد.
تدلُّ حروف الجر هذه على انتهاء الغاية، وأصلها هو إلى؛ لأنّها تجرُّ الآخِرَ ووسطه، مثل: سرت إلى منتصف النّهار، ولا يجوز سرت حتّى منتصف النّهار، واستعمال حرف اللّام للآخرِ قليل، مثل قوله تعالى: (كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى)، تُفيد اللّام معانٍ أخرى مثل المُلك، مثل قوله تعالى: (لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)، وشبه الملك، مثل السّرج للفرس، والتّعدية، مثل وهبت لقيسٍ مالًا، وللتّعليل، مثل جئتك لتعليمك.
في وحرف الباء
تُفيد في والباء معنى الظّرفيّة، بالإضافة إلى السّببيّة. في جملة عمر في المسجد، جاءت في ظرفيّة مكانيّة، أمّا في قوله صلى الله عليه وسلّم: دخلت امرأة النّار في هرّة حبستها، جاءت بمعنى السّببيّة. في آية (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ) جاء معنى الباء ظرف زمان، أمّا في قوله تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا)، جاء معناها السّببيّة، ومن معاني حرف الباء الأخرى أنّه يُفيد الاستعانة، مثل: كتبت بقلم الحبر، التّعدية، مثل ذهبت بزيد، التّعويض، مثل اشتريت القلم بدينار، وتأتي بمعنى مع، مثل بعتلك الحصان بسرجه، أي بعتك الحصان مع سرجه، وتأتي بمعنى من، مثل شربت بماء البحر، أي من ماء البحر، أو بمعنى عن، مثل قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ)، أي عن العذاب.
على
يأتي حرف الجر على بمعان متعدّدة، وهي:
- الاستعلاء، وكثيرًا ما تُستعمل بهذا المعني، مثل: زيدٌ على السّطح.
- بمعنى في، مثل: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا).
- بمعنى بعد، مثل قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ).
- بمعنى عن للمجاوزة كثيرًا ما تُستخدم بهذا المعنى، مثل: رميت السّهم عن القوس.
- بمعنى عن، مثل: