حسن الظن بالله

المقصود بإحسان الظن بالله تعالى

هو جُلُّ الاعتقاد بالله تعالى من حيث الذات والصفات والأفعال والتدبير والقضاء والقدر على ما ورد في الشرع الإسلامي الحنيف، وأنّ الله سبحانه تعالى هو وحده الذي بيده الشفاء والابتلاء والنفع والضُّر لجميع خلقه وعباده، وهو المسؤول عن هدايتهم، وهو الذي بيده قبول توبة التائبين من خلقه العائدين إليه اللائذين بجنابه، وهو الذي ينصر المجاهدين في سبيله الذين يذودون عن حمى الدين والعرض امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى. ولهذا فحُسن الظنِّ بالله تعالى من العبادات القلبية، التي تدل أوضح دلالة على حب العبد لمن بيده ملكوت كل شيءٍ -جلا وعلا- وتصديقه بوعده، فلا يكتمل إيمان المسلم إلا به؛ لأنه أساس من أساسات التوحيد بل ومن واجباته، فيظن المسلم يقيناً أن الله تعالى راحمٌ ورحيمٌ به وفارجٌ لهمِه وكاشف لكربه، وذلك بتدبّر آيات الذكر الحكيم والأحاديث الطاهرة الشريفة الواردة في كرم الله تعالى وعفوه وما وعد به الظن به، فحُسن الظن بالله -عَزَّ وجَلَّ- هو الاعتماد الراسخ كالجبال من المؤمن على ربِّه في كل شؤونه وأموره، واليقين الكامل والثقة التامة بوعد الله سبحانه وتعالى ووعيده، واطمئنانه وراحته التامة بما أُعدّ له عند الله تعالى، وعدم الاتكال مُطلقاً على التدبير الذاتي وما يقوم به من أعمال.أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، المجموع شرح المهذب، دار الفكر العربى، بيروت، 5/ 108.

حكم إحسان الظن بالله تعالى

إنّ إحسان الظن بالله جل وعلا واجبٌ على الإنسان المسلم، ولا يصح أن يسقط ذلك عنه بحال، و ينبغي ولا يجوز له بخالقه بأي طريقة أو على أي وجهٍ من الوجوه كان، صيد الفوائد: حسن الظن بالله تعالى

قد يهمك هذا المقال:   طريقة صلاة العيد

آثار حسن الظن بالله تعالى

على كل مسلم إحسان الظنَّ بالله في جميع الأحوال، فكلما أحسن ظنه بربه سبحانه و تعالى، حسن رجائه فيما عنده، فالله سبحانه لا يخيب آمال العباد ولا يضيع أعمالهم، فحسن ظن العبد بالله سبحانه وتعالى له عظيمٌ من الآثارٌ على المؤمن في الحياة وبعد الممات، ومن أهم آثاره: صيد الفوائد: حسن الظن بالله تعالى

  • استشعاره للأسماء الحسنى والصفات العلى لله تعالى، كقدرته سبحانه على كل شيء، والإرادة المُطلقة لله وحده، فهو غنِي لا يحتاج إلى غيره، والغفور العفو إلى غير ذلك من صفات كمال الله تعالى، وقال الله تعالى في حق الذي يظن بالله مالا يليق بجلالته وعظمته: (وَذَلِكُمُ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم أَردَاكُم فَأَصبَحتُم مِنَ الخَاسِرِينَ)سورة فصلت: الآية 23.
  • حسن الظن بالله له علاقة وثيقة بالنواحي العقدية المتعددة فمثلا: الثقة بالله والتوكل عليه، حيث إنه لا يثق به ولا يتوكل إلا على من حسن الظن به، فالاستعانة بالله والاعتصام به سبحانه واللجوء إليه، فكل هذه الأمور تستلزم إحسان العبدُ لظنّه بربه عز وجل.
  • الاستسلام للفرائض والشرائع الدينية جملةً وتفصيلاً، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)سورة الأنفال: الآية 24، فهذا أمر الله لعباده المؤمنين بالاستجابة لله ولرسوله، وعدم الاعتراض على أوامر الله ونواهيه في القلب قبل أن يظهر ذلك على باقي الجوارح، فالمسلم يظن بأن الله تعالى قد أحلّ لعباده من الطيبات التي تفيدهم وتنفعهم، وحرّم عليهم تلك الخبائث لأنها تضر بهم، كما لم يأمرهم بشيء إلا ويكون فيه تحقيق مصلحةٍ لهم في الدنيا أو الآخرة.
  • إن مَنْ يحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى وييقن صدق وعده له، وتمام أمره، وما كان يخبر به من نصر للدين والتمكين للمؤمنين في الأرض، يخلص في العمل للدين العظيم والدعوة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى، حتى أنه يقدم على العمل بثقة بوعد الله سبحانه تعالى، فالآمال لا تُعلق إلا به سبحانه وتعالى، ولا يُتوكل على أحد سواه تبارك وتعالى.
قد يهمك هذا المقال:   ما هي الصلاة

حسن الظن بالله والغرور

بين إحسان الظن بالله والغرور فرقٌ شاسعٌ فالإنسان المسلم الذي يكون مُحسنا ظنّه بالله تعالى يعمل بالذي يقتضي حسن ظنِّه بالله، فيتّقرب لله تعالى ويرجع له ويصيبه الحزن إذا ما وقع في معصيةٍ أو ذنب، فيعترف بذنوبه ويندم على ارتكابه لها، ويعزم على عدم العودة لها، فيقف بين يديه سبحانه وتعالى مُنكسراً ذليلاً طالباً منه الرحمة والمغفرة، فهذا هو حال من أحسن الظن بالله تعالى، ليس كمن يتعامل مع الأمور في ظلامٍ شديدٍ وتوهان في حزن العصيان ويدّعي إحسانه الظن بالله وهو مغرورٌ أثيم، فيستمر في المعصية مُنكبّاً على وجهه لا يعي ما هو جاثمٌ فوقه، دون تمييز بين حسن الظن بالله، وبين الغرور الذي يُغرقه في دياجيره. صيد الفوائد: حسن الظن بالله تعالى

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *