حقوق الجار في الإسلام

الجار

تدلُّ كلمة جار في اللغة على الشخص المجاور في السكن، وجمعها جيران وجيرة وأجوار، ويشار إلى الشريك في التجارة أو العقار باسم الجار، كما يشار به إلى الجار وهو المُجير والمستجير والمجار، ووردَ في المعجم الوسيط أنَّ الجار هو الشخص النزيل الذي ينزل بالقرب من المنزل، كما يُطلَق على من ينزل جوار القبيلة، ويختلف تعريف الجار حسب العرف وهو يختلف باختلاف المكان والزمان، وهو ما تعارف عليه الناس بأنَّه جار، وقديمًا كان الناس يعيشون في مجتمعات صغيرة كالحارات الصغيرة، وتكون البيوت متقاربة والجيران يرون بعضهم بعضًا أكثر من مرة في اليوم وهكذا، وقد أشار الله تعالى بكلمة الجوار إلى أهل القرية الواحدة في وهذا المقال سيتحدَّث عن حقوق الجار في الإسلام ودرجات حق الجار في الإسلام.

جار السكن في الإسلام

يطلق اسم الجار في اصطلاح الفقهاء على الشخص القريب من مسكن المسلم، وهو الملاصق للسكن في حدِّ الجوار، وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: “من سمع النداء فهو جار”، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب”، وذهبَ الحنابلة والشافعية إلى أنَّ حدَّ الجار والجوار يقدَّر بأربعين دارًا من كل الجوانب: اليمين والشمال والأمام والخلف، ودليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: “حقُّ الجارِ أربعون دارًا هكذا وهكذا وهكذا وهكذا يمينًا وشمالًا وقُدَّامَ وخلفَ”،الهيثمي، مجمع الزوائد، 8/171 ، ضعيف. وضيَّق البعض فقال: الجار هو من يلاصق بالسكن من كل الجهات، ولا يفصل بينهما سوى شارع صغير، وأمَّا إذا فصل بينهما نهر واسع أو سوق كبير فليس بجار، والبعض عرَّف الجيران بأنَّهم من يجمع بينهم مسجد واحد أو مسجدان متقاربان، ويُشار إلى أنَّ العرف هو الذي يحدِّد قضية الجوار، وأخذوا حديث الأربعين على الاحترام والتكريم. جار، موقع ويكيبيديا، اطُّلع عليه بتاريخ 05-09-2020.

قد يهمك هذا المقال:   اسماء الله الحسنى ومعانيها

حقوق الجار في الإسلام

لقد عظَّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حقَّ الجار ومكانته، كما وردَ في كثير من الأحاديث الصحيحة، فعن السيدة عائشة أنَ رسول الله قال: “ما زالَ جبريلٌ يوصينِي بالجارِ، حتى ظننتُ أنه يورثَه”،السيوطي، الجامع الصغير، 7895، حسن. أي أنَّ جبريل ظلَّ يوصي النبيَّ بالجار حتى ظنَّ النبيُّ أنَّ الشرع سيقضي بأن يرثَ الجارُ جارَه، وفي صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ”،البخاري، صحيح البخاري، 6018، صحيح. ومن الأحاديث التي تعظِّم مكانة الجار وحقوقه عن المقداد بن الأسود أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما تقولون في الزِّنا قالوا: حَرامٌ، حرَّمَه اللهُ ورسولُه، فهوَ حرامٌ إلى يومِ القيامةِ. قال: فقالَ رسولُ اللهِ: لأن يزنيَ الرَّجلُ بعَشرِ نِسوةٍ؛ أيسرُ عليهِ من أن يزنيَ بامرأةِ جارِه، قالَ: ما تقولونَ في السَّرقةِ؟ قالوا: حرَّمَها اللهُ ورسولُه، فهي حرامٌ. قال: لأن يَسرِقَ الرَّجلُ مِن عشرةِ أبياتٍ؛ أيسَرُ عليهِ من أن يسرِقَ مِن جارِهِ”،الألباني، صحيح الترغيب والترهيب، 2549، صحيح. ومن أهم حقوق الجار في الإسلام ما يلي: جار، موقع ويكيبيديا، اطُّلع عليه بتاريخ 05-09-2020.

  • ردُّ السلام: رغم أنَّه من الحقوق العامة بين المسلمين ولكنَّه للجار آكد وأعظم أجرًا.
  • إجابة الدعوة: وتعدُّ أيضًا من الحقوق العامة بين المسلمين ولكنَّها في حق الجار آكد وأجدر بالتلبية.
  • كفُّ الأذى عنه: ويعدُّ هذا الحق من أعظم حقوق الجار في لأنَّ الأذى لا يجوز عمومًا، وفي حق الجار أشد حرمة، وحذَّر منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: “واللهِ لا يؤمِنُ واللهِ لا يؤمِنُ واللهِ لا يؤمِنُ قالوا وما ذاكَ يا رسولَ اللهِ قال جارٌ لا يؤمنُ جارُهُ بوائقَهُ قالوا يا رسولَ اللهِ وما بوائقُهُ قال شرُّهُ”.الهيثمي، مجمع الزوائد، 8/171، رجاله رجال الصحيح.
  • تحمُّل أذى الجار: حيثُ يجب على المسلم أن يتحمَّل أذية جيرانه، وذلك من شيم الأهل المروءة والكرم، وهذا أرفع درجةً من كف الأذى عن الجار، قال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}،الشورى، الآية 43. وود عن الحسن قوله: “ليس حُسْنُ الجوار كفّ الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى”.
  • قضاء حوائجه وتفقده: فلا يجوز للمسلم أن يهملَ جاره دون أن ينظر في حاجته، فعن رسول الله أنَّ قال: “ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم”،المنذري، الترغيب والترهيب، 3/323، إسناده حسن. ويروى أنَّ الصالحين كانوا يتفقدون أحوال جيرانهم لقضاء احتياجاتهم.
  • صونُ عرضه وستره: ويعدُّ هذا من أوكد حقوق الجار في الإسلام لأنَّ الجار قد يطَّلع على بعض خصوصيات جاره بحكم الجوار، فيجب عليه أن يعوِّد نفسه على صون وستر عرض جاره وخصوصيته، ولا يجوز له فضحه وانتهاك ستره وأسراره، لأنه قد يتعرض للجزاء نفسه، وعند ذلك لا يلومنَّ إلا نفسه.
  • التودد إليه بالهدية: من حقوق الجار أن يتودد إليه جاره، ويكرمه بهدية توثق الروابط بينهما وتنمي أواصر المودة، بالإضافة إلى التودد بالقول والعمل، وقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: “يا أبا ذَرٍّ إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ”.مسلم، صحيح مسلم، 2625، صحيح.
قد يهمك هذا المقال:   صلاة الشفع والوتر

بعد معرفة حقوق الجار سيُشار إلى ورود كلمة الجار في كتاب الله تعالى، فقد ذكرَت كلمة الجار في القرآن الكريم أكثر من مرة، إحداها عندما ذكر الجوار في الحيدث عن في قوله في محكم التنزيل: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}،الأحزاب، الآية 60. وفي آية أخرى بعد أن يأمر الله تعالى الناسَ بعبادته يوصي تعالى بالإحسان إلى وذي القربى والمساكين ثمَّ يذكر من جملة أولئك الإحسان إلى الجار بنوعيه: الجار ذي القربى والجار في السكن، حيثُ يقول تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا}،النساء، الآية 36. وهذا يدلُّ على عظيم مكانة الإسلام وحقِّه في الإسلام والله تعالى أعلم.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *