سورة المدثر
تعدُّ سورة المدثر من السورة المكية في القرآن الكريم وهي السور التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قبل الهجرة النبوية المباركة إلى المدينة، وقد كانت بعد نزولًا، تقع السورة في الجزء التاسع والعشرين من المصحف الشريف ورقمها من حيث الترتيب فيه 74، وهي من سور المفصل التي تبدأ عند سورة ق في كتاب الله، عدد آياتها 56 آية كريمة، بدأ بأسلوب النداء مخاطبةً رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيثُ يقول تعالى في مطلعها: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ* وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ* وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}،المدثر، الآيات من 1-7. وفي هذا المقال سيدور الحديث حول سبب نزول سورة المدثر وسبب تسميتها ومقاصدها وفضلها بشيء من التفصيل. سورة المدثر، موقع ويكيبيديا، اطُّلع عليه بتاريخ 13-08-2020.
سبب تسمية سورة المدثر
قبل المرور على سبب نزول سورة المرور سيُشار إلى سبب تسمية السورة، فمثل كثير من سور القرآن الكريم أطلقَ على السورة هذا الاسم نسبةً إلى الموضوع الذي تحدَّثت عنه، فقد افتتحت تعالى السورةَ بالحديث عن حالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في حالة التدثُّر بالثياب، فوصفه الله وهو في تلك الحالة، وخاطبه باسم المدثر، فسمِّيَت السورة نسبةً إلى ذلك، وهذا مثل ما درجَ في تسمية كثير من سور القرآن مثل: سورة المزمل وسورة طه وغيرها من السور الكريمة. سورة المدثر، موقع المصحف الإلكتروني، اطُّلع عليه بتاريخ 13-08-2020.
سبب نزول سورة المدثر
لقد نزلت آيات وسور على مدار أكثر من 23 سنة، وكانت تنزل وفق أحداث ووقائع معينة تجري على أرض الواقع وذلك لحكمة من الله تعالى في توجيه الأحكام لعباده المسلمين ووفق ما يتناسب مع قبولهم واستجابتهم ونزولهم عند الحق، وقد وردَ في الحديث الصحيح في سبب نزول السورة عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنَّه قال: “أُحَدِّثُكُمْ ما حَدَّثَنا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: جاوَرْتُ بحِراءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوارِي نَزَلْتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمامِي وخَلْفِي، وعَنْ يَمِينِي، وعَنْ شِمالِي، فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا هو علَى العَرْشِ في الهَواءِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ، فأخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلتُ: دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ ماءً، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {يا أيُّها المُدَّثِّرُ* قُمْ فأنْذِرْ* ورَبَّكَ فَكَبِّرْ* وثِيابَكَ فَطَهِّرْ}”،مسلم، صحيح مسلم، 161، حديث صحيح. فقد نزلت سورة المدثر بعد الحادثة التي ووقعت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخاف من صوت الوحي فعاد خائفًا إلى زوجته خديجة وصار يقول: دثروني دثروني. سورة المدثر، موقع المصحف الإلكتروني، اطُّلع عليه بتاريخ 13-08-2020.
كما وردَ في قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا* وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا* وَبَنِينَ شُهُودًا* وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا* ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}،المدثر، الآيات من 11-15. وما يليها من آيات أنَّها نزلت في الوليد بن المغيرة، فعن -رضي الله عنه- أنّهَه قال: “أنَّ الوليدَ بنَ المغيرةِ جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقرأ عليه القرآنَ فكأنَّه رقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهلٍ فأتاه فقال: يا عمِّ إنَّ قومَك يريدون أن يجمعوا لك مالًا ليُعطوكه، فإن أتيتَ محمَّدًا لتعرِضَ لَما قبِله، قال: لقد علِمتْ قريشٌ أنِّي من أكثرِها مالًا، قال: فقُلْ فيه قولًا يبلغُ قومَك أنَّك منكِرٌ له وأنَّك كارهٌ له. فقال: وماذا أقولُ فواللهِ ما فيكم رجلٌ أعلمَ بالشِّعرِ منِّي، ولا برجزِه ولا بقصيدِه منِّي، ولا بأشعارِ الجنِّ، واللهِ ما يُشبهُ الَّذي يقولُ شيئًا من هذا، واللهِ إنَّ لقولِه لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوةً، وإنَّه لمنيرٌ أعلاه مشرقٌ أسفلُه، وإنَّه ليعلو وما يُعلَى عليه، وإنَّه ليُحطِّمُ ما تحته قال: لا يرضَى عنك قومُك حتَّى تقولَ فيه، قال: فدَعْني حتَّى أفكِّرَ، فلمَّا فكَّر قال: هذا سحرٌ يُؤثرُ يَأثرُه عن غيرِه، فنزلت: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا”،السيوطي، لباب النقول، 319، إسناده صحيح على شرط الشيخين. والله أعلم. سورة المدثر، موقع ويكيبيديا، اطُّلع عليه بتاريخ 13-08-2020.
مقاصد سورة المدثر
تحتوي سورة المدثر على كثير من المقاصد العظيمة التي أنزلها الله تعالى على رسوله رحمةً بعباده المسلمين، وفيما يأتي سيتمُّ إدراج أهم مقاصد سورة المدثر: دروس وعبر للدعاة في سورة المدثر، موقع إسلام ويب، اطُّلع عليه بتاريخ 13-08-2020.
- إنذار الناس جميعهم ودعوة المسلمين لترك التكاسل والدعة والخمول والعمل على دعوة الناس وهدايتهم وتذكيرهم بعذاب الله تعالى.
- تعظيم الله وإجلاله والثناء عليه والحث على بذل كل شيء غالٍ ونفيس في سبيله وسبيل رضاه تعالى، لأنه خالق كل شيء ورب كل شيء فيجب أن تقدم طاعته ورضاه على رضى كل مخلوق.
- إيجاب تطهير النفوس من أدران المعاصي والآثام وغيرها، بالإضافة إلى المحافظة على طهارة ونظافة الثياب والأبدان.
- هجر الذنوب والمعاصي والابتعاد عن أصحاب المعاصي والآثام إلا في حال العمل على تحذيرهم ودعوتهم.
- الحث على الصبر في سبيل الدعوة لله تعالى، وتحمل كل ما يقوم به الآخرون ويلقونه من تهم وكذب وصفات قبيحة من أجل الله تعالى.
- التذكير بعاقبة الكفار والمكذبين وهلاكهم والعقوبة التي تنتظرهم
- وجوب الثبات عند الامتحان والبلاء وقوع الشدائد في سبيل الله تعالى.
فضل سورة المدثر
إنَّ فضل سورة المدثر مثل فضل جميع سور القرآن الكريم، ففي قراءة كل حرف منها أجر كبير، وكما أخبر رسول الله أن في قراءة كل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء، وقد وردَ في فضلها بعض الأحاديث ولكنَّها أحاديث لا أصل لها، إلا أنَّه صحَّ في فضلها أنَّها أوَّل سورة نزلت كاملةً على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أول سورة نزلت كاملة، موقع إسلام ويب، اطُّلع عليه بتاريخ 13-08-2020.