سقوط الدولة العباسية

مراحل ازدهار الدولة العباسية

تميزت نشأة و بعدم وجود قلاقل في الأوضاع السياسية الخارجية، فلم يكن نتيجة اعتداء قوى خارجية، بل كانت الدولة العباسية هي سبب سقوطها، وما يُميز ذلك أن الأوضاع الداخلية بالدولة الإسلامية كانت مستقرة، وأوضاع الحدود مستقرة، وكل ما بذله الخليفة العباسي الأول من جهود كانت في القضاء على من تبقى من الحكام الأمويين، فقد استغرقت مرحلة استقرار الحكم في الدولة العباسية حوالي أربع سنوات؛ وهي فترة حكم الخليفة الأول للدولة أبو العباس السفاح، منذ سنة 132 هـ وحتى سنة 136 هـ، تمكن الخليفة من إخضاع كافة أراضي الدولة لسيطرته، لتكون نهاية عهده إيذاناً ببداية ازدهار الدولة العباسية.

وأبرز مراحل الازدهار في الدولة تمثلت في فترة حكم الخليفة الثاني أبو جعفر المنصور، والذي أولى جّل اهتمامه بتأمين الحدود وتعمير المدن، وظل أتباعه من الخلفاء على النهج ذاته حتى انتهاء العصر العباسي الأول، والذي تبدأ بنهايته مراحل مظلمة للدولة العباسية، فكان الخلفاء الثمانية الأوائل للدولة هم الأكثر حرصاً على تأمينها وتأمين حدودها، بينما تزداد النزاعات على الخلافة بعدهم، كما تزداد العناصر المشاركة في حكم الدولة.

سقوط الدولة العباسية

منذ نشأة الدولة العباسية وهي تعتمد على العنصر الفارسي كعنصر أساسي في الدولة بديلاً للعنصر العربي، فقبل قيام الدولة كان الفرس مضطهدين من الخلافة الأموية، فلا يتولون المناصب العالية، ولا يؤول إليهم حكم الولايات، ومع تصاعد قوة العباسيين كان الفرس أكبر الداعمين لهم، ولكن مع مرور الوقت بدأ العنصر الفارسي في المطالبة بحقوق أكثر والثورة على الخلفاء لتلبية مطالبهم، فما كان من الخلفاء إلا الاستعانة بعنصر جديد يجابه معهم ثورات الفرس، وبالفعل استعان خلفاء العصر العباسي الأول بالحرس ليساعد في مجابهة الثورات، ولكن مع الوقت بدأ نفوذ الحرس التركي يخرج عن السيطرة، وبالطريقة السابقة يستعين الخلفاء بعنصر أخر، فاستعان خلفاء العصر العباسي الثالث بالسلاجقة لمواجهة الدول الإسلامية المستقلة ذات التبعية للدولة العباسية والتي يزداد نفوذها يوماً بعد يوم.

قد يهمك هذا المقال:   السياحة في الدمام

وكذا استمر الوضع حتى أصبحت الخلافة اسمية فقط، فكل عنصر يُستعان به يطغي نفوذه على نفوذ الخليفة، ويظهر ذلك أكثر في العصر العباسي الرابع والذي أصبحت السلطة المطلقة في أيدي سلطان الدولة المملوكية في مصر والشام، وكان اسم الخلفية يذكر على المنابر على سبيل تعظيم الخلافة ومنح السلطان المملوكي صفة شرعية، ومع وجود مثل تلك القوى كان النزاع قائم بشكلٍ مستمر، فكان ذلك النزاع من أهم الأسباب التي ساهمت في سقوط الدولة، وبصورة أوضح فإن أسباب سقوط الدولة العباسية تمثلت فيما يلي:

  1. ضعف سلطة الخلفاء: في العصور التالية للعصر العباسي الأول والذي امتد من سنة 132 هـ، وحتى سنة 232 هـ بدأ الخلفاء بالاستعانة بالأعاجم في تصريف أمور الدولة، وخاصة الأمور المتعلقة بقيادة الجيوش في حروب وتوسعات الدولة الإسلامية، ما تسبب في زيادة سلطة قادة الجيوش والتي تفوقت في بعض الأحيان على سلطة الخلفاء.
  2. ظهور الدول المستقلة: بسبب توسع الدولة الإسلامية وتشعبها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً زاد عدد الحكام التابعين للخليفة العباسي، ولكن مع بُعد تلك الولايات تمكن بعض الحكام من الاستقلال بالدولة والتوسيع في الأراضي المجاورة وتكوين سلطنة مستقلة، وتبقى فقط بالتبعية الإسلامية للخلافة العباسية؛ المتمثلة في ذكر اسم الخليفة والدعاء له على المنابر، مع الالتزام بإرسال الجزية، ومن أبرز تلك الدول التي طغى نفوذها الدولة البويهية، والحمدانية، والطولونية، والغزنوية، والسلجوقية، والأيوبية وغيرهم.
  3. الاعتداءات الخارجية: واجهت الكثير من الاعتداءات الخارجية والتي كانت سبباً في زعزعة الاستقرار الداخلي، واضطراب أمور الدولة الإسلامية، وكان لدى الخلفاء الأوائل القدرة على صد الاعتداءات المتكررة وخاصة من الدولة البيزنطية، إلا أن هجوم المغول الذي اجتاح الأراضي الإسلامية لم تتمكن الدولة من صده، فكانت الدولة في حالة ضعف تسببت في وقوعها في أيدي المغول، وكانت تلك بداية انحدار وانتهاء الدولة العباسية.
قد يهمك هذا المقال:   اسباب سقوط الدولة الاموية

كان الاعتداء المغولي على الأراضي الإسلامية أشد اعتداء واجهته ، ولم يكن بمقدور الجيوش الإسلامية آنذاك التغلب على قوة بتلك الهمجية والشراسة، خاصة مع وجود نزاعات بين الدول الإسلامية المستقلة، وقد وصل المغول بغداد سنة 656 هـ – 1258 م، وكان قائد جيوشهم هولاكو خان، حيث توجه لبغداد بتوجيه من سلطان المغول آنذاك موناكو خان، وقد أزال المغول في طريقة لبغداد كافة الحواجز الدفاعية، فهاجموا كافة الدويلات الإسلامية وهزموها ليستمروا بالتوجه نحو بغداد دون الخوف من المهاجمة من الخلف، ووصل المغول بغداد وحاصروها 12 يوماً، ولم يتمكن جيش المدينة من الصمود أكثر من ذلك، فدخل المغول بغداد وعاثوا فيها الفساد.

لم يكتفِ هولاكو خان بإسقاط المدينة والسيطرة عليها، بل انتهج السياسة المعتادة في فتوحات المغول، وهي حرق المنازل والقصور والمكتبات، كما أثر الخليفة العباسي المستعصم بالله أخر خلفاء العباسيين في بغداد، وحبسه ومنع عنه الطعام ثم قتله، وقتل من أبنائه وسبى بناته، وبعد مقتل الخليفة أكثر جنود المغول من القتل في العباسيين.

سقوط القاهرة

كان سقوط القاهرة في أيدي العثمانيين أخر مرحلة من مراحل الدولة العباسية، فبعدها سقطت الدولة ولم تقم لها قائمة، وكان ذلك عندما تمكن السلطان سليم الأول العثماني من السيطرة على بلاد الشام ومصر بعد معركتي مرج دابق والريدانية، فبحلول سنة 923 هـ – 1517 م؛ تمكن السلطان العثماني من دخول ، فأعدم سلطانها المملوكي طومان باي، وأخذ معه أخر الخلفاء العباسيين “المتوكل على الله الثالث”، والذي تنازل بدوره عن الخلافة للعثمانيين، لتبدأ بعدها الخلافة العثمانية، والتي تظل قائمة باعتبارها الخلافة الشرعية للدولة الإسلامية حتى إلغاء نظام الخلافة في الحكم سنة 1922هـ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *