تعريف الوضوء والطهارة
الوضوء في اللغة أصله من الوضاءة، وهو الحسن والجمال، فيُقال: فلان وضيء أي جميل. أمّا تعريف الوضوء في الاصطلاح الشرعي فهو: غسل أعضاء مخصوصة بنيّة مخصوصة. حيثُ تكمن وظيفة الوضوء في رفع ما يُسمّى “الحدث الأصغر”. إذ ينقسم الحدث الذي هو تقريباً عكس الطهارة إلى حدث أصغر وأكبر، ويتم رفع الحدث الأصغر ويتم رفع الحدث الأكبر .
والطهارة إمّا رفع حدث أو إزالة نجاسة، وتختلف النجاسة عن الحدث من حيث أنّ النجاسة شيء محسوس وعند الطهارة من النجاسة يتم استخدام كلمة “إزالة”، وأما الحدث فهو أمر معنوي غير محسوس يحصل عند نقض الوضوء أو استوجاب الغسل مثل الجنابة ويتم استخدام كلمة “رفع” بدل “إزالة” للأمر غير المحسوس.
أركان الوضوء
ينقسم الوضوء إلى أركان (أركان الوضوء) وسنن (سنن الوضوء)، أمّا الأركان فهي تكون من أساسيات الفعل واذا سقط شيء منها بطل العمل، فإذا نسي الإنسان أو ترك عامداً ركناً من أركان الوضوء لم يصح الوضوء، أما السنن فإذا فعلها الإنسان حصل على الثواب والأجر وإذا لم يفعلها لا يحصل على ذلك الأجر، ويُعتبر وضوؤه صحيحاً.
وكما هو معلوم أنّ الأمة الإسلامية لديها مذاهب فقهية معتبرة أربعة تُعتبر هي المذاهب التي نقلت للمسلمين الدين عبر العصور مع اختلاف في بعض الفروع، وهذا من كرم الله سبحانه لعباده، ولو أراد الله لأنزل كل التفصيلات في قرطاس، ولكن جعل الصحابة والعلماء يختلفون في فهم النصوص غير القطعية توسيعاً على الأمة الإسلامية، حيثُ انتشرت هذه المذاهب قديماً حسب علماء البلد والأقاليم، فاشتهر الحجاز بالمذهب الحنبلي، ومصر واليمن وبعض بلاد الشام بالشافعي، وبلاد الهند وتركيا بالمذهب الحنفي، وبلاد المغرب العربي بالمذهب المالكي.
وقد اتفق علماء المذاهب على أربعة أركان في الوضوء لنصّ الآية القرآنية: {يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلٰوةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ}،سورة المائدة، آية: 6. وقد أضاف الشافعية “النيّة” في بداية الوضوء، وأيضاً أضافوا “الترتيب بين الأركان”، وذلك بحسب ترتيب الآية القرآنية. كما أضاف المالكية “الموالاة” أي لا يكون هنالك فاصل زمني طويل بين غسل كل عضوٍ والذي يليه، وقال العلماء: الجمع بين جميع الأركان المذكورة هو الأحوط والأسلم. والأركان الأربعة التي اتفق عليها العلماء:
- غسل الوجه.
- غسل اليدين إلى المرفقين.
- مسح الرأس.
- غسل الرجلين إلى الكعبين.
تعريف السُّنَّة
- تعريف السنة عند المحدّثين: هو قول أو فعل أو هيئة أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
- تعريف السنة في علم أصول الفقه: هو كل ما يُثاب على فعله ولا يُعاقب على تركه.
وقد استحب الله سبحانه وتعالى أن يزيد العبد في السنن والنوافل من ضمنها سنن الوضوء، وذلك حتى يصبح المسلم مع زيادة السنن من أولياء الله، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الشريف الذي يرويه الصحابي أبو هريرة: (إنَّ اللهَ تعالى قال: مَنْ عادَى لي ولِيًّا فقد آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، و ما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدي بِشيءٍ أحبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عليهِ، و ما زالَ عَبدي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ، فإذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يسمعُ بهِ، و بَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ بهِ، و يَدَهُ التي يَبْطِشُ بِها، و رِجْلَهُ التي يَمْشِي بِها، و إنْ سألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، و لَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، و ما تَرَدَّدْتُ عن شيءٍ أنا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن قَبْضِ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ و أنا أَكْرَهُ مَساءَتَهُ).الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6502.
سنن الوضوء
سنن الوضوء كثيرة عدّها العلماء، وهذه الكثرة هي باب من أبواب الأجر الذي أدخره الله سبحانه وتعالى لأمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويُعرف المسلمون بالنُّور يوم القيامة من أثر الوضوء كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم: (إن حوضي أبعدُ من أيلةَ من عدنٍ. لهو أشدُّ بياضًا من الثلجِ. وأحلى من العسلِ باللبنِ. ولآنيتُه أكثرُ من عددِ النجومِ . وإني لأصدُّ الناسَ عنه كما يَصُدُّ الرجلُ إبلَ الناسِ عن حوضِه. قالوا: يا رسولَ اللهِ ! أتعرفُنا يومئذٍ؟ قال: نعم. لكم سيما ليست لأحدٍ من الأممِ. تَرِدُون عليّ غُرًا مُحَجَّلين من أثرِ الوضوءِ). الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم، المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 247. و”أيلة” هي مدينة العقبة في جنوب الأردن، و”عدن” تقع في جنوب اليمن، و”الغر المحجلين” هو زيادة الإتقان في الوضوء في زيادة غسل الوجه ومنابت الشعر وزيادة في غسل اليدين فوق المرفقين.
وقد عد العلماء كثيرٌ من سنن الوضوء، منها ما يلي:
- استقبال القبلة عند الوضوء.
- التعوذ من الشيطان الرجيم.
- البسملة وهو قول “بسم الله الرحمن الرحيم”.
- التسوك وهو استخدام السّواك أو فرشاة الأسنان.
- عدم الاستعانة في صب الماء بشخص آخر إذا كان المسلم يسهل عليه ذلك لصرف التكبر.
- يبدأ المسلم بغسل يديه قبل الوضوء.
- ينوي أن يفعل السنن لأخذ أجر السنن.
- يسن المضمضة والاستنشاق.
- يسن مسح جميع الرأس وإن كان بعضه ركناً وجميعه سنة.
- يسن مسح الأذنين.
- ويسن التيامن في الوضوء، أي أن يقدم اليمنى على اليسرى في غسل الأعضاء ومسحها.
- يسن الدلك عند صب الماء على الأعضاء.
- يسن المضمضة والاستنشاق.
- يسن تخليل اللحية الكثيفة.
- يسن تشبيك والتخليل بين أصابع اليدين عند غسلها.
- يسن تخليل أصابع القدمين بأصبع الخنصر من اليد اليسرى.
- يسن التثليث أي غسل كل عضو ثلاث مرات.
- يسن ترك الكلام إلا بالذكر.
- ويسن إطالة الغرة وإطالة التحجيل وتم شرحهما سابقاً.
- يسن عند بعض العلماء مسح الرقبة ولا يسن عند البعض الأخر.
- يسن التشهد بعد الوضوء.
- وورد بعض الأدعية منها مرواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن توضَّأَ فأحسنَ الوُضوءَ، ثم قالَ: أشهدُ أن لَّا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللَّهمَّ اجعَلني منَ التوَّابينَ، واجعَلني منَ المتطهِّرينَ فُتِحَت لَهُ ثمانيةُ أبوابٍ من الجنَّةِ ، يدخلُ من أيِّها شاءَ). الراوي: عمر بن الخطاب، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 6167، خلاصة حكم المحدث: صحيح.