صناعة السيارات في ألمانيا
تتنوع أشكال في ألمانيا، وتشكل القاطرة الرئيسية التي جعلت برلين الاقتصاد الأقوى في الأوروبي، والمهيمن على سياسات الاتحاد الأوروبي بفِعل قوتها المالية المفرطة.
وتوصف ألمانيا في مجال صناعة السيارات بأنها “بلد منشأ” وصاحبة الدفّة، فمنها خرجت العديد من المخترعات المؤسسة لصناعة السيارات ومنها خرجت السيارة الأولى نفسها، ففي عام 1876 تم اختراع أول محرك احتراق يعمل بالغاز، وفي 1882 تم تطويره ليتمكن من العمل بالبنزين، وبعدها بـ3 سنوات وحسب، تم إنتاج أول سيارة “بنز” تسير على عجلات ثلاثة، ومن وقتها لم تنقطع حمى تطوير السيارات بالعالم كله، وفي القلب منه الدولة الأم والمهد؛ .
حققت صناعة السيارات في ألمانيا أرباحًا تتجاوز الـ7 مليارات يورو سنويًا، وتنتج سنويًا حوالي 6 ملايين سيارة جعلتها رابع دولة إنتاجًا للسيارات في العالم والأولى أوروبيًا، وتوفر ملايين فرص العمل التي ساهمت في تخفيض نسب البطالة في العملاق البافاري، وتُعد برلين الموقع الرئيسي لكل مرافق تطوير صناعة السيارات ومستلزماتها في أوروبا، علاوة على كونها رائدة في أي شيء يتعلق بتكنولوجيا السيارات.
خمسُ كيانات عملاقة تمتلك الـ7 علامات التجارية الأشهر في صناعة السيارات بالعالم، هي: “بي إم دبليو”، و”فولكس فاجن” والتي تتفرع منها شركتان كبيرتان هما “أودي” و”بورش”، والفرع الألماني من “فورد”، و”دايملر بنز”، و”أوبل” التابعة لـ”جنرال موتورز”. قطاع ناجح بشكل أثار غضب ترامب فأعلن مؤخرًا أنه لا يقبل سير هذا الكم الكبير من السيارات الألمانية في شوارع بلاده وأنه يفكر في فرض المزيد من 35% من قيمة السيارة جمارك على صناعة السيارات في ألمانيا فور عبورها حدود بلاده، ما دفع وزير الألماني لطمأنة أقطاب الصناعي في تصريحات طالبهم فيها بالهدوء وعدم الارتباك.
رحلة تطور صناعة السيارات في ألمانيا
في نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر تنافس العالمان الكبيران “كارل بنز” و”نيكولاس أوتو” على تطوير محرك الاحتراق داخلي الأسطوانات، سباق نجح فيه “بنز” من خلال إنهائه قبل خصمه وقيامه بأول تجربة ناجحة بعدما زوده لسيارة من تصميمه الخاص عام 1885، وكان الظهور الأول للسيارات بشكلها الحديث كما نعرفه اليوم، ولم يكد يمر عام 1901 إلا وكانت الماكينات الألمانية قد نجحت في إنتاج أكثر من 900 ألف سيارة، وبعدها بدأت السوق تشهد مولد عمالقة تصنيع بعضهم لا يزال موجودًا حتى اليوم.
في العام 1926م ظهرت مرسيدس “دايملر بنز مرسيدي” للنور بعدما اتحدت شركتا “كارل بنز” و”غوتليب دايملر” معًا، وقررا إطلاق سيارات تحمل لقب “مرسيدس بنز” لتكون أعرق شركات صناعة السيارات في ألمانيا، سبقت به عملاق آخر وهي “بي إم دبليو” فبالرغم من أن الأخيرة أنشئت عام 1916 إلا أنها تخصصت في صناعات الطيران، ولم تهتم إلا في 1926م، وبعد ذلك تعدد إنشاء شركات سيارات بألمانيا حتى قارب عددها الـ86 في نهاية العقد العشرين من القرن الـ19.
وفي العام 1930 وبينما كان الاقتصاد العالمي يأنُّ بسبب الكساد الكبير، ألقت الأزمة بظلالها على صناعة السيارات في ألمانيا فبدأت حُمى التصفية والاندماجات بين الشركات، ولم يبقَ إلا 12 واحدة تمكنت من الصمود، وكان لها دور رئيسي في الحفاظ على اقتصاد ألمانيا من الانهيار، حتى حدثت نقطة التحول البارزة فيه وهي قدوم هتلر إلى السُلطة.
في منتصف 1930م تربع الحزب النازي على رأس الحُكم في برلين، وكان على قمة أولوياته هو تطوير صناعة السيارات في ألمانيا بشكل يرفع من مستوى معيشة مواطنيه كأحد محاور خطة كبيرة للترويج لبقاء حزبه بالسُلطة، فشهد عهده ظهور أول طريق سريع “هاي واي”، كما أطلق مشروع “فولكس فاجن” (سيارة الشعب) والذي كان يأمل لتوفير سيارة قوية ورخيصة للألمان، وهو ما نجح به في عام 1937م وظهر موديل “فولكس فاجن بيتل” الذي اكتسح أوروبا كلها، وحتى بعد انتهاء بهزيمة هتلر وتدمير معظم المصانع، لعبت السيارات الألمانية دورًا في سداد التعويضات المفروضة على برلين على شكل نسبة من الصادرات المجانية تُخصم قيمتها من إجمالي المفروض على ألمانيا دفعه لجيرانها الأوروبيين، وبرغم فشل الغزو العسكري ظلت علاماتها التجارية قادرة على اختراق أي حدود.
مرسيدس بنز
تشتهر سياراتها بالفخامة والجودة العالية وبيعها بأسعار عالية في الأسواق العالمية، يقع مقرها الرئيس في مدينة شتوتجارت جنوب ألمانيا التي شهدت تأسيس أول مصنع لإنتاج هذه السيارات في العام 1926م، ويتخذ شعارها شكل نجمة ثلاثية، ويُسجل للشركة أنها صاحبة أول سيارة تعمل بالبترول في التاريخ، بفضل مجهودات مؤسسها كارل بنز، ومن بعدها نجح قادة الشركة في الحفاظ على مكانتها حتى الآن.
تحدّت حالة الدمار التي فُرضت عليها عقب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، واستمرت في إنتاج سيارة الفئة 170 عام 1946، وبعدها بـ5 أعوام قدّمت منها نوعين؛ الفئة 220 ونظيرتها الفئة 300، أما الآن فمن أشهر منتجاتها الفئتين “سي-كلاس” و”إس-كلاس.”
بي إم دبليو (BMW)
أسسها “فرانز جوزيف بوب” عام 1916 في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا، وتشتهر بإنتاج السيارات ذات المحركات القوية وتتنوع أطروحاتها بين الفئات الرياضية والدفع الرباعي والركاب، وتتميز جميعها بالجودة وبراعة التصميم لذا تحتل قائمة أغلى السيارات سعرًا حول العالم، شعارها عبارة عن دائرة تجمع بين اللونين الأبيض والأزرق.
أول سيارة أنتجتها بعد انتهاء الحرب كانت BMW 501, BMW 502 الفاخرتين وكان ذلك عام 1952، إلا أنها مرت ببعض الأزمات المالية التي انتهت باستحواذ عائلة “كواندت” عليها.
توسعت أوروبيًا واشترت مجموعة روفر البريطانية، كما افتتحت مصنعًا لإنتاج مركبات SUV الضخمة في أمريكا، علاوة على أنها أجرت تعاونًا مع بعض شركات صينية انتهى بافتتاح شركة “بي ام دبلوي بريليانس” في بكين.
فولكس فاجن
هي الشركة الأم لماركات بالغة الشهرة، مثل: أودي، بوغاتي، لامبورغيني، بنتلي، دوكاتي، بورشه، سيات، وفولكس فاغن للمركبات التجارية. وغيرها، وتمتلك الشركة أكبر مصنع لإنتاج السيارات في أوروبا كلها، ويرجع تأسيسها إلى أمر مباشر من هتلر ضمن مشروعه “سيارة الشعب” كدعاية ترويجية له.
يقع المقر الرئيسي لها في مدينة فولفسبورغ، وتشتهر بأنها على عكس نظيراتها لا تهتم دائمًا بتقديم سيارات فاخرة بالغة الأناقة، وإنما تعني بتقديم سيارة أسعارها ملائمة لمعظم فئات الشعب، ويعتبر نموذجها “البيتل” الأشهر في التاريخ، فلقد بلغ عدد إجمالي مبيعاتها إلى مليون سيارة في 1955، ارتفع 10 أضعاف في غضون 10 سنوات تالية، منح “البيتل” تاج القمة عن استحقاق.
وعلى الرغم من ذلك واجهت الشركة مصاعب مالية في أوائل السبعينيات، لأن الموديلات الجديدة لم تنجح كـ”البيتل” لكن الأزمة انتهت سريعًا فور طرح فئتي “الباسات” ثم “بولو” اللتين حققا نجاحًا كبيرًا في ، وساعدا على تثبيت “فولكس فاجن” كأحد أيقونات صناعة السيارات حول العالم.
أودي
تأسست الشركة عام 1909 على يدي “أوجست هورش” في مدينة إنغولشتادت في الريف البافاري بألمانيا، وتعتبر أحد أشهر العلامات التجارية لصناعة السيارات في ألمانيا، وتسجل دومًا طرازاتها المختلفة أرقام مبيعات كبيرة.
شعارها عبارة عن أربع دوائر متشابكة يمثل كل منها شركات السيارات الفردية التي تجتمع معاً، والنتيجة منتجات قوية غزت العالم.
نتيجة لكثرة مبيعاتها عربيًا أسست أول مكتب لها بالشرق الأوسط في دبي ليشرف على أسواق مجلس التعاون الخليجي وسوريا ولبنان والعراق.