صناعة الورق

صناعة الورق

الورق هو مادة رقيقة غير منسوجةٍ تُصنَع من أليافٍ نباتية (سليلوز)، وتُستخدَم في المقام الأول للكتابة والأعمال الفنية والتعبئة، وعادةً ما يكون لون الورق أبيض بعد تصنيعه.
تتنوَّع استخدامات الورق، وإن كان الاستخدام التقليدي هو الكتابة والمطبوعات والمجلات والجرائد، إلا أن مواد أخرى تُعدُّ نوعًا من الورق، كورق التنشيف وورق الحمام وكرتون تغليف المواد وغيرها.
وُثِّقَت أول عملية صناعةٍ للورق في الصين خلال عهد سلالة هان الحاكمة (25-220 ميلادي)، ويُنسَب الورق عادةً إلى كاي لون، وهو مسؤول المحكمة في ذلك العهد، وفي خلال القرن الثامن، انتشرت صناعة الورق وانتقلت من إلى العالم الإسلامي، إذ استُخدِمت مصانع اللُّب لصناعة الورق والأوراق المالية.
بحلولِ القرن الحادي عشر، وصلت إلى أوروبا، وبعد ذلك حُسِّنت الصناعة عبر الدواليب الدائرة في إسبانيا، وفي القرن التاسع عشر دخلت التحسينات الأوروبية على صناعة الورق، إذ ابتُكِرت الأوراق المُصنَّعة من لُبِّ الخشب.
على الرغم من وجود أوراق البردى في ذلك الوقت بمناطق البحر المتوسط والأميركتَين في العصر قبل الكولومبي، إلا أن هذه الأوراق لم تُعرَف كورقٍ حقيقي، كما لم يُعدَّ البرشمان (يُصنَع من جلد البقر أو الحيوانات الأخرى) ورقًا أيضًا.
في بداية القرن العشرين، ومع ظهور الصناعات البلاستيكية، أُنتِج الورق البلاستيكي والورق المُغلَّف والمُغطَّى بمُنتجاتٍ مختلفة لمنحه خصائص معينة.

مراحل صناعة الورق

يُصنَع الورق عمومًا باستخدام موادَّ أولية غير مُعقَّدة؛ إذ تُستخدَم جذور الشجر وبقاياها التي تنتج من عمليات تصنيع الأخشاب، وعادةً ما يُصنَع الورق من خلال تفتيت الخشب وضغطه على شكل شرائح رقيقة جدًّا.
تمرُّ صناعة الورق بمراحل أساسية، وهي كالتالي:

  • أولًا: يصل الخشب المُقطَّع إلى مصانع الورق على شكل قطعٍ كبيرة نسبيًّا، حيث تُفتَّت هذه القطع وتُطحَن بهدف إنتاج الألياف الخشبية، وتتم عملية الطحن إما كيميائيًّا بخلط مذيباتٍ كيميائية قوية مع قطع الخشب، أو ميكانيكيًّا باستخدام الآلات ذات المُسنَّنات الحادة.
  • ثانيًا: بعد إنتاج الألياف الخشبية، تُنقَع هذه الألياف في الماء وتُحرَّك بهدف غسلها للتأكد من نقاوتها وخُلوِّها من الأتربة أو المُلوِّثات أو أية موادَّ كيميائية أخرى، وفيما بعد تُصفَّى الألياف من الماء، وقد تتكرَّر العملية إن احتاج الأمر إلى ذلك.
  • ثالثًا: يمكن البدء ، إلا أنه سيكون بُنيَّ اللون مشابهًا لأوراق التغليف وألواح الكرتون البنية، أما لإنتاج ورقٍ أبيض يجب إضافة موادَّ قلوية مُبيِّضة، ويُمكن أيضًا استعمال ألوانٍ أخرى بدرجاتٍ مختلفة. يمكن أيضًا إضافة موادَّ ملونة أو حشوية، مثل كبريتات الجير، بهدف زيادة وزن الورق وكثافته.
  • رابعًا: تُنتِج المرحلة السابقة أليافًا خشبية بيضاء أو ملونة تشبه العجين الرطب، وهُنا تبدأ مرحلة الخفق بعنايةٍ ولمُدةٍ معينة، وتستمر هذه المرحلة حتى تماسُك الألياف وتداخلها مع بعضها؛ إذ تساعد هذه العملية على تنعيم الورق، ممَّا يسهم في إنتاج ورقٍ ناعم.
  • خامسًا: يُضاف الماء إلى ناتج المرحلة السابقة، إذ تساعد إضافة الماء في عملية التداخل والامتزاج، وينتج من هذه المرحلة عجين أبيض كثيف يشبه الطين الرخو، فيسهُل تشكيله والتعامل معه.
  • سادسًا: يُسكَب العجين الناتج على شكل طبقةٍ رقيقة فوق ألواحٍ مستوية، ويُترَك ليجف، فتنتج الألياف الورقية البيضاء، وبعد ذلك، تُضغَط هذه الألياف بوزنٍ ثقيل، ممَّا يساعد على وصوله إلى درجةٍ عالية من الجفاف، ويتشكَّل على شكل ألواحٍ مستوية ناعمة.
  • سابعًا: تُزال الأوزان الثقيلة من فوقه، وتُلفُّ الألواح الناتجة على شكل رولات كبيرة، والتي تُقسَّم فيما بعد إلى أحجامٍ مختلفة، ثم تتوجَّه إلى المرحلة التالية وهي إما تصنيف أوراق الطباعة أو الكتب أو الدفاتر أو غيرها.
قد يهمك هذا المقال:   الاقتصاد

إعادة تدوير الورق

أدى الاستهلاك الفائق لمُنتجات الأوراق إلى التأثير سلبًا في مصادر المواد الخام اللازمة لصناعة الورق؛ إذ أدى قطع الأشجار المُكثَّف إلى اضمحلال مساحات الغابات في الكثير من مناطق العالم، فكان لا بد من إيجاد وسائل بديلة، فطُوِّرت تقنيات إعادة تصنيع الورق المُستعمَل وتحويله إلى موادَّ جديدة قابلة للاستعمال.
تتضمَّن عملية إعادة تدوير الورق -أو إعادة تصنيعه- تقطيع الورق المُستعمَل وطحنه إلى أجزاء صغيرة، ثم تُضاف إليه المواد الكيميائية لاستخلاص السليلوز، ثم يُعاد استخدام الناتج في تحضير العجين وتكرير مراحل التصنيع السابقة نفسها.
لهذه العملية فوائد إيجابية على البيئة؛ إذ تكون الكثير من المواد صالحة لإعادة التدوير لإنتاج الورق كالكرتون، فتُساعد عمليات إعادة التدوير على الحدِّ من تلوث البيئة بهذه المواد، كما ساعدت في توفير فرص عملٍ جديدة، وتوفير الطاقة والمياه اللازمة في الصناعات الأولية، وقد أعدَّت الكثير من الهيئات المهتمة بالبيئة خطط توعيةٍ بأهمية إعادة التصنيع، ووضعت حاويات تجميع المواد القابلة لإعادة التدوير في المدارس والجامعات والمواقع التي يُتوقَّع فيها تجمُّع كمياتٍ من الورق المُستعمَل وغيره من المواد.
يتميَّز الورق الناتج من عملية التدوير بقلِّة الجودة ودرجة النقاوة مقارنةً بالورق الناتج من عملية التصنيع الأولية، كما يختلف الورق في ملمسه وسُمكه أيضًا.

مصانع الورق

وفقًا للبيانات الإحصائية الأخيرة، تُعدُّ الصين المنتج الأول للورق؛ إذ تنتج نحو 24.9% من الإنتاج العالمي، وتأتي في المرتبة الثانية بنسبة 18.8%، كما تُعدُّ مجموعة الورقة الدولية في الولايات المتحدة أكثر المجموعات إنتاجًا للورق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *