طرق التعامل مع الأطفال

التعامل مع الأطفال

قد يظن بعضنا أن التعامل مع أمر هين لا يستلزم تحمل الجهد والمشقة في الاطلاع على أسسه وطرقه المختلفة؛ حيث إنه أمر فطري يصاحب مشاعر الأمومة والأبوة، وأيُّ بالغٍ يستطيع التعامل مع الأطفال وتوجيههم والتحكم في تصرفاتهم؛ ولكن هذا اعتقاد مخطئ، فمع التطور وتقدم الحياة بالشكل السريع الذي أضحينا نعيشه منذ أواخر القرن الماضي، لم يعد التعامل مع الأطفال وتربيتهم أمرًا سهلًا كالماضي، فالأطفال أصبحوا مطلعين على كل شيء ويعرفون ربما أكثر مما يعرف الكبار.

ولذا كثيرًا ما يرى الأطفال أنفسهم متقدمين عن ذويهم، وأن أوامرهم وطلباتهم متأخرة ورجعية مقارنة بالزمن الذي يحيونه، كما أن كثيرًا من الأبحاث والدراسات التي أجريت في الآونة الأخيرة أثبتت أن طرق التعامل المخطئة مع الأطفال تصبح السبب الرئيس في تدمير حياتهم على المدى البعيد عند كبرهم، وسواء كانت طرق التعامل المخطئة تلك بالتدليل الزائد أو القسوة الزائدة، فطرق تعامل الأهل مع أطفالهم تؤثر تأثيرًا مباشرًا في حياتهم؛ ولكن ليس ما يناسب طفلًا ما يناسب غيرَه من الأطفال.
فكما أن البالغين لا يتشابهون في ميولهم ورغباتهم وطباعهم التي نتعامل معهم على أساسها، كذلك الأطفال يختلفون فيما بينهم، وتختلف دوافعهم أيضًا عندما يسيئون التصرف؛ ولذا يجب علينا أن نتعرف على تلك الدوافع المختلفة لنحدد أيهم يمر به الطفل لنستطيع تقويمه والتعامل معه بطريقة صحيحة.

دوافع الطفل لإساءة التصرف

  1. أحيانًا يسيء الطفل التصرف ويقوم بأفعال يعلم جيدًا أنها مخطئة؛ ولكنه يقوم بذلك رغبة في لفت انتباه مَن حوله، فقد يكون الأب والأم منشغلين في حياتهما ولا يقضيان الوقت الكافي مع الطفل؛ فيلجأ إلى مثل تلك التصرفات للحصول على انتباههم، فعادة الأهل لا يلتفتون إلى التصرفات والأفعال الجيدة ويعدونها أمرًا طبيعيًّا لا يستحق الانتباه؛ فتصبح الوسيلة الوحيدة للفت انتباههم هي إساءة التصرف.
  2. أحيانًا قد يرغب الطفل في تقليد الكبار والاعتماد على نفسه في القيام بأموره الخاصة، وقد يفشل في ذلك نظرًا لصغر سنه، وتؤدي به رغبته تلك إلى تخريب بعض الأمور، قد يعد الأهل ذلك إساءة سلوك وتصرفات غير مقبولة؛ ولكنها فقط محاولة من طفلهم للنضوج وعليهم أن يساعدوه لا أن يحبطوا محاولاته مما قد يصيبه بفقدان الثقة في نفسه أو يجعله طفلًا عنيدًا لا يرضخ لأحد.
  3. أحيانًا يقوم الأطفال بتصرفات مخطئة دون علم، قد لا يعلم أن ذلك التصرف الذي قام به للتو تصرفًا مخطئًا، وقد قام به بطريقة عفوية وحسن نية؛ لذا على الأهل أن يوضحوا للطفل التصرف المخطئ من التصرف الصحيح، وأيضًا عليهم أن يوضحوا لما يعدُّ ذلك التصرف تصرفًا سيئًا، فلم يعد من المقبول أن يلقي الأهل الأوامر على أطفالهم دون مبرر أو تفسير، كما أنه ليس أمرًا صحيًّا أيضًا، فللأطفال عقول أيضًا لا بد من إشباع فضولها للعلم ومعرفة أسباب القيام بفعل ما دون غيره والبعد عن تصرف ما أيضًا.
  1. حتى يستطيع الأهل توجيه أطفالهم جيدًا ويتقبلون هم ذلك التوجيه، يجب أن لا يكون التركيز فقط على التصرفات السيئة، وإنما قبل لومه على التصرف السيئ لا بد أيضًا من مدحه عندما يتصرف جيدًا.
  2. يجب التأكيد دائمًا على الطفل أننا نكره التصرف السيئ ولا نكرهه هو، وأن لومنا له على إساءة التصرف لا يعني بأي حال أننا نكرهه، وأن حبنا له ليس مشروطًا بأن يحسن التصرف، وإنما نحن نحبه على كل حال؛ ولأننا نحبه نريد أن نراه إنسانًا صالحًا حسن السلوك.
  3. عند رغبة الطفل في القيام بأموره باستقلالية يجب ترك بعض المساحة له ما دام الأمر لا يؤدي إلى إيذاء أحد، وترك بعض الخيارات متاحة أمامه حتى وإن كان سيخطئ في اختياراته، حيث من أخطائه تلك سيتعلم الاختيار الصحيح في النهاية.
  4. عندما يخطئ عليه تحمل عواقب أفعاله، ليس بالعقاب عن طريق الصراخ والضرب والسباب وما إلى ذلك من طرق المخطئة، وإنما بإرشاده بهدوء عن كيفية تحمل مسؤولية أفعاله، كأن يسكب الطعام أو الشراب على الأرض فيطلب منه تنظيف ما سببه ويعلمه الأهل كيف يقوم بذلك بابتسامة دون توجيه اللوم وإخباره أنهم يعلمون أنه لم يكن يقصد ذلك، حتى لو هم متأكدون أنه كان يقصد، فافتراض حسن النية وأنه طفل جيد لا يسيء التصرف؛ بل يجعله يخجل من أن يكرر تلك الأفعال مرة أخرى؛ حيث سينكشف وقتها أنه يقوم بذلك عن عمد، وسيخسر صورة الطفل الجيد الذي يحتفي به أبواه.
  5. إذا ما قام الطفل بسلوك سيئ يمكن صرف انتباهه عنه بتكليفه بالقيام ببعض المهام الأخرى دون التركيز على التصرف السيئ الذي كان يقوم به.
  6. إذا ما كان الطفل يلجأ للبكاء أو الصراخ لتنفيذ مطالبه وليحصل على ما يريد، فعلى الأهل تجاهله تمامًا عندما يقوم بذلك وعدم تنفيذ مطالبه بدعوى التخلص من زنّه أو الحصول على الراحة من صداع الرأس جراء بكائه وصراخه، أو لمنع الإحراج أمام الناس، فالطفل ليس غبيًّا؛ بل هو أشد ذكاء من البالغين أحيانًا، ويعلم نقطة ضعفك؛ لذا إذا رضخت له مرة سيظل يكرر التصرف نفسه مرات ومرات للحصول على ما يريد؛ ولكن إذا تجاهلته سييأس ويتوقف عن التصرف بتلك الطريقة، وعليك أن تخبره أنه إذا استمر أو الصراخ فإنه لا يمكنك فهمه أو الاستماع إليه عندما يصرخ أو يبكي وأنه إذا أراد شيئاً فعليه أن يطلبه بهدوء وأدب حينها فقط يمكنك فهمه ومناقشته فيما يريد.
قد يهمك هذا المقال:   التعبير عن المشاعر لشريك الحياة

إن تربية الأطفال ليست بالأمر الهين؛ ولكنه أمر يستحق بذل المزيد من الجهد لأجل التعرف على طرق التعامل مع الأطفال المناسبة، وهذا المقال ما هو إلا نقطة في بحر من علوم التربية، وعلى كل زوجين قبل أن يقررا الإنجاب أن يطلعا ولو على قدر ضئيل من تلك العلوم، فالإنجاب ليس فقط فرحة أن يكون الشخص أمًّا أو أبًا؛ بل هي مسؤولية كبيرة تتعدى فكرة توفير المتطلبات المادية، فهذه قد تكون آخر الأمور المؤثرة في ؛ ولكن أهم ما يؤثر في شخصيته وتكوينه النفسي هو الاهتمام به وطرق التعامل مع الأطفال المتبعة معه واحترام عقليته ومراعاة اختلافها في كل مرحلة عمرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *