صلاة الاستخارة
تعرض على المسلم أمورٌ كثيرة في حياته يحتاج فيها إلى اختيار الأفضل لحاضره ومستقبله، و تكون لله سبحانه، والاستشارة تكون من أهل الاختصاص من الناس. فإذا أراد المسلم الإقدام على أمرٍ ما كسفرٍ مثلاٍ أو زواج أو تجارة أو نحو ذلك، فإنّه يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يختار له في أمره هذا الخير ويعينه عليه، ويجعل أمره ميسراً، وهو يطلب كذلك أن يصرف ويُبعد عنه الأمر الذي فيه شرٌ له، في حياته وأموره الدنيوية، فهو بذلك متوكلٌ على الله في جميع أمور حياته صغيرها وكبيرها. ويمكن على النحو الآتي:عبد الله بن محمد الحماري، كشف الستارة عن صلاة الاستخارة، الطبعة الأولى، ص 3-4
تعريف الاستخارة
- الاستخارة لغةً: تعني طلب الخيرة في الأمر، وقول خار الله لك بمعنى أعطاك الله ما هو خيرٌ لك، وفلان استخار الله أي طلب منه الخيرة في أمرٍ ما والاختيار أي الاصطفاء.
- الاستخارة في الاصطلاح: طلب الاختيار وهي طلب المسلم من الله عزّ وجلّ بدعاءٍ معين ذُكر بالسّنة النبويّة أن يختار له فعل أمرٍ ما، ويأتي هذا بعد صلاة ركعتين يصليها المسلم من غير الفريضة.
طريقة صلاة الاستخارة
يُسن للمسلم إذا أراد أن يُقدم على أمرٍ مهمٍ وذي شأن، وكان محتارًا في أمره هل يفعله أم يتركه، فله أن يستخير الله سبحانه، فيصلي ركعتين، ثم يدعو بالدعاء الوارد عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- الذي رواه جابر -رضي الله عنه- قال: (كان النّبيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها؛ كالسورة من القرآن: إِذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين، من غير الفريضة، ثمَّ ليقل: اللهمّ إِنِّي أستخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإِنَّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهمّ إِنْ كنت تعلم أنَّ هذا الأمر -وتسمّيه باسمه- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاقدُره لي ويسِّرْه لي ثمَّ بارِك لي فيه، وإِن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاصرِفه عني واصرِفني عنه، واقدُر لي الخير حيث كان ثمَّ رضِّني به وفي بعض الروايات: قال: ويسمِّي حاجته)رواه البخاري في صحيحه، صحيح البخاري، حديث رقم 6382.، ويكون الدعاء بعد الصلاة، والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: فليركع ركعتين من غير الفريضة ثمَّ ليقل، ولفظ ثم هنا في قوله تفيد الترتيب في الجملة مع التراخي.حسين بن عودة العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة، المكتبة الإسلامية، عمان، الطبعة الأولى، ص(168-169).
والاستخارة مستحبة للمسلم في الأمور الدنيوية مما هو مباح له فعله، فلا يستخير المسلم في الأمور الواجبة أو المندوبة، لأنّ العبد مأمور بفعلهما، ولا يحتاج إلى استخارة لكي يقوم بهما، وكذلك لا يستخير المسلم في الأمور المحرمة أو المكروهة، لأنه يجب عليه تركهما وعدم فعلهما، وصلاة الاستخارة ركعتين يصليهما المسلم وعليه استحضار النية للإستخارة، وتجزئ عن ذلك ركعتين نافلة كالسنن والرواتب، وركعتي ، وعلى المسلم أن يبتعد في صلاته عن الأوقات المكروهة فلا يصلي صلاة الاستخارة في الوقت الممتد من بعد إلى وقت المغرب، وبعد أن يصلي المسلم صلاة الصبح إلى شروق الشمس، وكذلك قبيل الظهر بمقدار ربع ساعة، أي وقت الزوال، إلا أن يقع للمسلم طارئ يدفعه لصلاة الاستخارة في هذه الأوقات، ولا يمكن مع هذا الطارئ تأجيل صلاة الاستخارة، فيصلي الاستخارة ويدعو بالدعاء الوارد ويسمي الحاجة التي يستخير من أجلها، ويمضي في حياته متوكلا على الله في تيسير أمره ذاك.