علماء الفلك المسلمين

علم الفلك عند المسلمين

يعد من العلوم التي برع فيها المسلمون، وقدموا فيهاإسهامات كبيرة خصوصا خلال العصر الذهبي الإسلامي (من القرن 8م ـ القرن 15م)، وقد امتد إشعاع المسلمين في هذا الحقل العلمي في مختلف ربوع العالم الإسلامي (من وخراسان والهند شرقاً، إلى المغرب الأقصى والأندلس غرباً).
يتميز المسلمون عن غيرهم باعتماد قواعد لاستعمالٍ مثاَلي للملاحظات والحسابات الفلكية، وأولها قاعدة “التقويم الهجري”، إذ ينطلق الفلكيون المسلمون من الآية الكريمة رقم 36 من سورة التوبة: {إِنَّ عِـدَّةَ الشُّهُـورِ عِنـدَ اللَّهِ اثْنَـا عَشَـرَ شَهْـرًا فِي كِتَـابِ اللَّـهِ يَـوْمَ خَلَـقَ السَّمَـاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَـا أَرْبَعَـةٌ حُـرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّيـنُ الْقَيِّـمُ ۚ فَلَـا تَظْلِمُـوا فِيهِـنَّ أَنفُسَكُـمْ ۚ وَقَاتِلُـوا الْمُشْرِكِيـنَ كَافَّـةً كَمَـا يُقَاتِلُونَكُـمْ كَافَّـةً ۚ وَاعْلَمُـوا أَنَّ اللَّـهَ مَعَ الْمُتَّقِيـنَ}سورة التوبة، الآية 36، لهذا لم يتبع المسلمون التقويم المسيحي أو العبري، فطوروا تقويمهم الخاص.

أما القاعدة الثانية فتقوم على أن الشهور الإسلاميةَ لا تَبدأ مع المحاق (الوقت الذي يكون للقمر والشمس نفس خط الطول السماوي، وبذلك يكون غير مَرئي)، هذا الأمر دفعهم لرصد وتتبع منازل ، فأقاموا بذلك علما فرعيا هو علم “رؤية القمر”.

وقد نشأ علم الفلك عن طريق استيعاب علوم الحضارات السابقة (اليونانية، الهندية، الفرعونية) مع دمج العناصر المختلفة لإيجاد عصارة علمية تتلاءم مع الإسلام وعقيدته.
لا يخامرنا شك في مدى التأثير الكبير الذي حققه العلماء المسلمون في علم الفلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر، احتفظت العديد من النجوم بأسماءٍ عربية أطلقها عليها المسلمون، من بينها:

  • نجم الدبران {بالإنجليزية Aldebaran }
  • نجم النسر الطائر {بالإنجليزية Altair }
  • نجم بطن القيطس {بالإنجليزية Baten Kaitos}
  • نجم بلدة {بالإنجليزية Albaldah}
قد يهمك هذا المقال:   صلاة خسوف القمر

أشهر علماء الفلك المسلمين

يعقوب بن إسحاق الكِنْدِي

عاش “الكِنْدِيُّ” في الفترة الممتدة ما بين 805م ـ 873م، برع في العديد من الحقول العلمية (الفلك، الفلسفة، الكيمياء، ، الطب، الرياضيات، الموسيقى، المنطق)، اشتهر بجهوده الجبارة في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة الهلنستية و اليونانية القديمة.

اتبع الكندي نظرية بطليموس حول النظام الشمسي، والتي تقول بأن الأرض هي المركز لسلسلة من المجالات ذات المركز الواحد، والتي تدور فيها الكواكب والنجوم المعروفة آنذاك (القمر، عطارد، الزهرة، الشمس، المريخ، المشتري)، وقد نقل عنه “الأهواني” قوله: {هِيَ كِيَانَاتٌ عَقْلَانِيَةٌ تَدُورُ فِي حَرَكَةٍ دَائِريةٍ…، إِنَّ اخْتِلافَ الفُصُولِ يَنْتُجُ عَن اخْتِلَافِ وَضْعِاتِ الكَواكِبِ والنُّجُومِ، وأَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ وِفْقاً لِتَرْتِيبِ الأَجْرَامِ السَّمَاوِيةِ فَوْقَ بُلْدَانِهِمْ}الأهواني ـ الكندي فيلسوف العرب، تحقيق الدكتور أحمد فؤاذ ، قدم الكندي كتاباً مهما في علم الفلك، هو كتاب “الحكم على النجوم”، وهو من أربعين فصلاً على هيئة أسئلة وأجوبة حول أشعة النجوم وتغيرات الطقس والكسوف وروحانيات الكواكب.

عبد الرحمان الصوفي الرازي

هو أبو الحسين عبد الرحمان بن عمر بن سهل الصوفي الرازي، عاش في الفترة الممتدة ما بين 291هـ ـ 376هـ. يعد الصوفي الرازي من علماء الفلك العظماء على مر التاريخ، فقد أكدت الدراسات الحديثة في تاريخ علم الفلك على اعتبار منزلة الصوفي تقع بين “بطليموس” و “أرغلندر”، فتم اعتبار الصوفي ثالث ثلاثة من العُظَمَاء الذين كتبوا في الكواكب الثابتة.

للصوفي الرازي كتابات عديدة، أهمها: كتاب “الكواكب الثابتة” الذي ألفه استناداً على كتاب بطليموس “المَاجِسْطِي Almagest”، كما رصد النجوم الظاهرة كلها، وتتبع حركاتها نجماً بنجمٍ، وعين أماكنها وأقدارها بدقة كبيرة، وقد ساعدت كتاباته على فهم التطورات التي تطرأ على .

محمد بن موسى الخوارزمي

عاش أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي في الفترة الممتدة ما بين 164هـ ـ 232هـ، ويعتبر من أوائل العلماء المسلمين في والمنطق، كما عُهِد إليه لكفاءته برسم خريطةٍ للأرض، عمل فيها أكثر من سبعين جغرافيا كان الخوارزمي مُشرفا عليهم.

قد يهمك هذا المقال:   فضل صلاة الجمعة

قَدَّم “أبو جعفر” (كنيته) العديد للعلوم التي برع فيها، فتعد “الخوارزميات” التي أسسها، أساساً لِنُظُم الرياضيات الفلك التي يشتغل عليها العلماء في عصرنا الراهن.

كتب الخوارزمي العديد من المؤلفات، أهمها كتاب “زيج السند هند”، وهو كتاب يتكون من 37 فصلا حول الحسابات الفلكية، وحسابات التقويم وحوالي مئة وستة عشر جدولا متعلقا بالتقويمات والبيانات الفلكية والتنجيمية، وفُقِدَت النسخة العربية من هذا الكتاب، إلا أن العالم الفلكي الأنلدسي “مسلمة بن أحمد المجريطي” أنقد الترجمة اللاتينية له من الضياع، وبقيت المخطوطات الأربع الناجية محفوظة في مكتبة “ناسيونال” في مدريد، “المكتبة العامة” في شارتر، “مكتبة مازارين” في باريس، و “مكتبة بودليايان” في أوكسفورد.

الشريف الإدريسي

عاش ابن مدينة سبتة المغربية المحتلة “أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الهاشمي القرشي” خلال الفترة الممتدة ما بين 1100م ـ 1166م، ويعود الفضل لهذا العالم المسلم في العديد من القضايا العلمية خاصة الجغرافية والتاريخية منها، علاوة على كونه كان موسعي المعرفة والتوجه، فقد استخدمت مصوراته اليدوية وخرائطه في سائر الرحلات الاستكشافية التي بدأها الأوربيون منذ عصر النهضة خلال القرن الخامس عشر الميلادي، فقد دون في مؤلفاته وخرائطه اتجاهات الأنهار والبحيرات والمرتفعات، كما عضدها كذلك بعلم النجوم وطرق الاستعانة بها في الأسفار والرحلات، ومن مؤلفاته نجد كتاب “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” المشهور بالكتاب الرُّوجَرِي(على اسم ملك صقلية آنذاك روجر الذي طلب منه تأليفه)، كتاب “روضة الأنس ونزهة النفس”، كتاب “المسالك والممالك”.
ونظراً لإسهامه الكبير في علوم الجغرافيا والفلك، فقد كرمته وكالة “ناسا NASA” الأمريكية بأن أطلقت اسمه على سلسلة جبلية على سطح كوكب “بلوتو” فأسمتها: “جبال الإدريسي al-Idrisi mountains ” التفاصيل من موقع وكالة ناسا للفضاء.

غياث الدين الكاشي

ولد “غياث الدين بن مسعود بن محمد الكاشي” سنة 1380م بخُرَاسَانَ، وتوفي في سَمَرْقَنْدَ بتاريخ 1436م، اشتهر هذا العالم خلال القرن التاسع للهجرة بعلمه الواسع وضلوعه في الفلسفة والرياضيات والفلك، وعلى الرغم من علمه الواسع ومساهمات مؤلفاته الجليلة، إلا أن حقه لم يبلغه في كتب التراجم، بل تم إغفال ذكر مناقبه في كثيرٍ من المحطات. ومن مؤلفاته في علم الفلك نذكر كتاب “الأبعاد والأجرام”، و كتاب ” نزهة الحدائق “. وقد اشغل غياث الدين في مرصد سمرقندالذي كان مزوداً بأدوات كبيرة الحجم وآلات دقيقة لملاحظة النجوم ومواضع الكواكب والأجرام. كما شرح العديد من المؤلفات والأعمال الفلكية، كأعمال العالم الفلكي المسلم “نصير الدين الطوسي” الذي اعتبره “عبد الرحمان بن خلدون” في مقدمته الشهيرة {أحد أعظم علماء الفُرس}، فهو الذي أسس مرصد “مَرَاغَةَ” بإيران.
ومن أشهر إنجازات غياث الدين نذكر:

  • ابتكار الكسور العشرية، وقد كان لهذا الابتكار الرياضي بالغ الأثر في اختراع الآلات الحاسبة، وكذا فهم وتبسيط المسافات الضوئية في الكون.
  • ابتكار الطريقة التي تستخدم حاليا للوصول إلى الجذر الثاني للأعداد، والتي تعد أسهل الطرق لحساب الجذور.
  • صنع أداة رصد فلكي وحساب التقويمات، أَطْلَقَ عليها”طبق المناطق”، وألف كتاباً يشرح طريقة العمل بها سماه “نزهة الحدائق”، وبواسطة هذه الآلة يمكن الحصول على تقاويم الكواكب وعرضها وأبعادها، وكذا ظاهرتي الكسوف والخسوف.
قد يهمك هذا المقال:   المحافظة على الصلاة

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *