علماء المسلمين القدماء

علماء المسلمين القدماء

قدّم القدماء للبشرية -مستفيدين من علوم من سبقوهم – العديد من الاكتشافات العلمية والمؤلفات التي اعتُبرت مرجعاً في المجالات التي أُلّفت فيها، وقد تُرجمت هذه المؤلفات العربية إلى اللاتينية، فكانت أحد أسباب النهضة العلمية في بعد ظلام العصور الوسطى، ومثّل علماء المسلمين القدماء مرحلة مهمة في تطور العلوم، ويُعتبر جابر بن حيان وابن سينا من أبرز هؤلاء العلماء في والطب، فأطلق على ، وسميت الكيمياء بـ “علم جابر”. وما يلي تفصيلٌ عن حياة كلّ منهما.

جابر بن حيان

مولده ونشأته

أحد علماء المسلمين القدماء المشهورين هو ، والذي ولد في عام مائة واثنين من الهجرة، في مدينة طوس، وكان والده عطاراً، فبدأ شغفه بالعلم والمعرفة داخل دكان العطارة، يلاحظ الأعشاب والمواد واستخداماتها ونواتج خلطها مع بعضها، مستعيناً بمعرفة والده الذي كان يجيبه على جميع أسئلته، ويعرّفه بأنواع النباتات وخواصها ومضارّها، وما يعرفه عن ، وطرق تركيب الدواء، وخواص الأحجار الكريمة، ولأنه كان شغوفاً بالعلم كان جابر هادئاً يستغرق في التفكير في أسباب الأشياء وكيفية حدوثها وأصل منشئها، ولم يمنعه ميله للعلوم الطبيعية والكيمياء من حفظ القرآن الكريم، وتعلم قواعد اللغة العربية، وحفظ الشعر.

وبعد وفاة والده انتقل بأسرته إلى الكوفة ليتبحر في العلم، وكان ذلك في عصر الخلافة العباسية في العراق، وتعلم على يد علمائها العلوم الطبيعية والكيميائية، مستعيناً بالإرث العلمي من مختلف الشعوب، كالمصريين القدماء، واليونانيين، والفرس.

منهجه في أخذ العلم

رغم أن عمله في دكان العطارة الذي كان يديره كان يوفر له فرصة العمل على أبحاثه وعلومه، إلا أنه قرر أن ينشئ معملاً خاصاً بالكيمياء في بيته، حيث يعتبر جابر بن حيان أحد رواد المنهج التجريبي في الكيمياء، وكان أول من استخدم الميزان لوزن المواد الكيميائية، واستخدم طرقاً كيميائية كالتقطير والترشيح والتبخير والصهر والإذابة والاختزال، فكان يتوصل للنتائج من خلال مشاهداته وتجاربه المعملية على المواد، والتي استطاع من خلالها التوصل للعديد من الاكتشافات التي دونها في مؤلفاته، وقد ترجمت بعض مؤلفاته إلى اللاتينية، فكانت نواة لعلم الكيمياء.

قد يهمك هذا المقال:   معلومات عن المسجد الاقصى

وكان يؤكد لتلاميذه أن الكيمياء تتألف من علم يسبق التجربة، ثم تجربة تؤكد العلم، ثم عمل بالنتيجة، وهو بذلك يتبع المنهج العلمي الحالي، فقد ذكر في كتابه الخواص: (التجربة محكّ معتمد، لكنها وحدها لا تكفي، إنما تأتي صنعة الكيمياء بالعوامل الثلاثة معاً: العلم والعمل والتجربة)، كما كان يحث على التدريب فهو في رأيه طريق المهارة والإتقان.

اكتشافاته ومؤلفاته

ينسب لجابر بن حيان الفضل في نشأة علم السموم، وفي اكتشاف مركبات كيميائية كالصودا الكاوية وماء الذهب وحامض النيتريك وكربونات الرصاص، وفي تطبيقات الكيمياء الصناعية مثل طلاء الحديد بطبقة عازلة تمنعه من الصدأ، وحماية أوراق الكتب من الحرق، وصناعات الأقمشة والجلود وصبغها، وصنع حبر خاص لكتابة والكتب القيمة.

ولم يقتصر اهتمامه وتأليفه على علم الكيمياء، بل درس الفلسفة والموسيقى والفلك والرياضيات وألف فيها، ويختلف في عدد مؤلفاته لتعرض العديد منها للضياع والتلف، من كتبه الخالص، وكتاب الخواص، ومبادئ ، ونهاية الإتقان، ومختصر الإكسير الكامل.

وفاته

توفي العالم الكبير جابر بن حيان بالكوفة، وعمره 95 سنة.

ابن سينا

مولده ونشأته

هو الحسين بن عبد الله بن الحسين، ولد في بلخ سنة ثلاثمائة وسبعين من الهجرة، وانتقل منها إلى بخارى وهو في الخامسة، حفظ القرآن صغيراً، وتعلم اللغة والفقه و والمنطق و، وقرأ كتاب الفارابي ما بعد الطبيعة أربعين مرة حتى حفظه، وبدأ تعلم الطب وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان تعلم الطب سبباً في استزادته من العلوم، فعندما تمكن من علاج أحد الأمراء بعد أن عجز عن ذلك الأطباء أذن له الأمير بالقراءة من مكتبته التي كانت تضم الكثير من الكتب المهمة التي لم يكن ابن سينا ليصل إليها ويتعلم منها قبل ذلك.

قد يهمك هذا المقال:   علماء المسلمين في الطب

وكانت فترته التي عاش فيها فترة شقاق بين الدويلات الإسلامية، وكانت كل دولة منها تحاول تقريبه وتدّعي ولاءه لها، فتعرض للسجن والتهديد بالقتل حتى أصبح يتنقل كثيراً للنجاة بنفسه.

منهجه في أخذ العلم

من حرصه على العلم كان بن سينا يمضي ليله ونهاره في التعلم دون أن ينام إلا أن تغلبه عيناه، وكان يكتب في اليوم الواحد خمسين ورقة من كتبه ومؤلفاته، فقد عُرف بسرعة القراءة والحفظ والتأليف، وكان يجمع بين أعمال المهنة التي كان يزاولها بالنهار والتعلم بالليل، فقد تقلّد عدداً من الوظائف الإدارية والوزارية.

وكان إذا استعصى عليه موضوع في أي علم من العلوم يهرع إلى المسجد فيدعوا الله سبحانه ويبتهل إليه، وإذا انفتحت له مسألة من مسائل العلم يتصدق في سبيل الله فرحاً بما رُزق من العلم، وكان في أواخر حياته يختم القرآن مرة كل ثلاثة أيام ويكثر التصدق.

اكتشافاته ومؤلفاته

كانت لابن سينا مهارة في علاج العلل والأمراض النفسية بكل الوسائل الممكنة التي كان يعتبر التغذية الجيدة، والمنومات، والإقناع جزءاً منها، وكانت طريقته في التأكد من كون الشخص واقعاً في العشق والذي كان يعتبره أحد الأمراض التي يعالجها بتحسس نبضه أثناء ذكر المعشوق ومقارنته بنبضه في الحالة العادية، وهي الفكرة التي تقوم عليها أجهزة كشف الكذب الحديثة، والتي تقيس التغيرات الداخلية التي تحدث عند الكذب.

ومما توصل إليه من العلم أن الأرض متحركة ولم يكن ذلك معروفاً قبله، وحوت كتبه معلومات عن المعادن والحجارة والظواهر الجيولوجية كالزلازل. من كتبه الشفاء في الإلهيات والطبيعيات، والنجاة في مختصر الشفاء، ومنطق الشرقيين، وكتاب الحكمة الشرقية، وكتاب الإشارات، وكتاب القانون في الطب والذي تُرجم إلى اللاتينية.

تعلم على يديه العديد من التلاميذ والعلماء، وكانت له قصائد نظمها في أحوال متفرقة تبين تمكنه من اللغة والأدب.

قد يهمك هذا المقال:   مدن بلجيكا

وفاته

توفي سنة 428هـ وعمره يقارب الستين عاماً.

المراجع

  • ابن سينا، عباس محمود العقاد، مؤسسة هنداوي للثقافة والتعليم.
  • أعظم علماء الكيمياء جابر بن حيان، عاطف محمد، دار اللطائف للنشر والتوزيع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *