المسلمين في الطب
كان لاتساع الدولة الإسلامية أكبر الأثر في إثراء العالم الإسلامي بالعديد من العلماء وخاصة في مجالي الطب والصيدلة، فاتساع الدولة ساعد على تلاقي المعارف بين من شرقها وحتى غربها، ويدل على ذلك التنوع الكبير في جنسيات العلماء المسلمين في الطب، فمنهم من هو عربي كالزهراوي والإدريسي، ومنهم من هو فارسي كابن سينا والطبري، ذلك التنوع الذي أحدث تبادلاً في الثقافات والعلوم، وكانت الاستفادة من ذلك التنوع لصالح العالم الإسلامي.
أشهر علماء المسلمين في الطب
من المتعارف عليه عند علماء المسلمين هو اهتمامهم بمختلف المجالات، فنجد العالم الطبيب مهتماً بالفلك والهندسة والأدب، ونجد العالم الفلكي المهتم بالطب والصيدلة؛ وهكذا، ويعرف ذلك بموسوعية العلم، أي يكون العالم موسوعياً بما يملكه من معارف في شتى المجالات، ويعد ذلك من أهم الخصائص التي تميز بها علماء المسلمين، فكان العلماء يسعون لطلب العلم في شتى بقاع الأرض، كما كان بعض الخلفاء يهتمون بالعلم والعلماء بصورة خاصة، فيجزلون لهم العطاء تشجيعاً لهم، ودفعاً لهم للاستمرار في طلب العلم.
الكندي
من أشهر العرب، ولد بمدينة الكوفة سنة 185هـ -801م؛ وتوفي سنة 256هـ -873م ببغداد، انتقل في بداية حياته من البصرة لبغداد، ليشهد على أقوى مراحل ازدهار الحياة العلمية في العصر العباسي، فقد عاش في بغداد خلال خلافة المأمون والمعتصم، والذين اشتهروا باهتمامهم بالحركات العلمية وخاصة حركة الترجمة إلى العربية، وقد ساعد ذلك المناخ الكندي على الاهتمام بدراساته في مختلف المجالات، فكان مهتماً بالفلك والهندسة والرياضيات والفيزياء والطب وعلم النفس والموسيقى، وعرف بحذاقة الترجمة عند المسلمين،ابن أبي أصيبعة، ص 229 وكان له في كل مجال إسهامات عديدة، ومن أهم إسهاماته في مجال الطب ما يلي:
- تأثر بأفكار جالينوس وساهم بأكثر من ثلاثين أطروحة في مجال الطب.
- ربط استخدام المعادلات في الطب، ووضع في ذلك كتاب رسالة في قدر منفعة صناعة الطب.
- ربط فترات المرض الحرجة بأطوار القمر، فمنه يعرف الطبيب المرحلة التي وصل لها المريض.
- وضع مقياساً رياضياً لقياس مدى فعالية الدواء على المريض.
هو علي بن سهل ربن الطبري “أبو الحسن”، ولد بإقليم مرو بطبرستان في القرن الثاني الهجري، وولد لأسرة مسيحية، ولكنه اعتنق الإسلام في عهد الخليفة العباسي المستعصم، أطلق عليه لقب “ربن” وتعني الأستاذ الجليل بفضل ما ساهم به في مختلف العلوم، فكان عالماً خبيراً في الطب والرياضيات والهندسة و والفلسفة، وتعلم الطب من أبيه وعمل طبيباً في إقليم الري، ومن أهم إسهاماته في مجال الطب ما يلي:
- ألف كتاب فردوس الحكمة، والذي يعد موسوعة طبية، فوضع مبادئ عامة للكثير من الحالات الصحية، وأول من أوضح العلاقة بين وزن الجسم وصحته، فنصح بالحمية للحفاظ على الصحة، ولتجنب الإصابة بالأمراض.
- كما جاء بكتابة مناقشات شاملة لكافة الأمراض، فناقش أمراض العظام، وأمراض الصدر والرئة، وأمراض العظام، وما يصيب الفم والأنسان.
- تطرق في كتابة لذكر أمراض الأطفال، والأمراض النفسية، وطرق العلاج النفسين وفرق بين العلاج والإرشاد النفسي.
من أشهر علماء المسلمين في القرون الوسطى عرف برائد العلاج ، وهو ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي، ولد بمدية مالقة سنة 593هـ -1197م؛ وتوفي بدمشق سنة 646هـ -1248م، وكان متهماً بتراكيب الدواء وتطبيق العلاج الكيميائي، فكان أول من عمل بتركيب الدواء من المسلمين، ومن أهم إسهاماته في هذا المجال ما يلي:
- قام بتركيب حوالي 300 عقاراً بالاعتماد على النباتات والحيوانات والمعادن.
- ألف موسوعة علاجية تضم 1400 نوعاً من تراكيب العقارات، وشرح في كتابه طرق استخدامها وتأثيراتها العلاجية.
- استخدم بذور نبتة الخلة في علاج مرض البهاق، ووضع نظريته حول تأثر الجلد المصاب بالعلاج، وصعوبة علاج الإصابات فوق النتوءات العظمية.محمد غريب جودة (1989). عباقرة علماء الحضارة العربية والإسلامية في العلوم الطبيعية والطب (الطبعة الأولى). القاهرة – مصر. مكتبة القرآن صفحة 229
أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرشي، ويلقب بابن النفيس، ولد سنة 607هـ-1213م؛ وتوفي سنة 687هـ-1288م، وهو عالم وطبيب موسوعي، تولى منصب رئاسة الأطباء في مصر،المنجد في الأعلام – ص 10 – الطبعة السابعة والعشرون مجددة – صادرة عام 2005 عن دار المشرق ش.م.م. بيروت ومن أهم إسهاماته في هذا المجال ما يلي:
- اكتشف للدورة الدموية الصغرى في الجسم، وشرح حركة الدم من البطين الأيمن للبطين الأيسر مروراً بالرئة.كتاب المعرفة. شخصيات عربية. ص 37
- ألف أكبر موسوعة طبية بمفرده وهي ” الشامل في الصناعة الطبية”.
- وكتابه “شرح تشريح القانون”، الذي تناول فيه شرح تشرح أجزاء الجسم التي ورد ذكرها في كتاب القانون لابن سينا.
علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، ولد بمدينة بخاري سنة 370 هـ -980م؛ وتوفي في إقليم همدان بإيران سنة 427 هـ -1037م، لقبه الغرب بأبو الطب الحديث، وكان مهتماً بالكثير من العلوم، ولكن اهتم بشكلٍ خاص بالطب والفلسفة، ومن أهم إسهاماته في الطب ما يلي:
- كتاب القانون في الطب، وهو أول كتاب عن خاص عن الطب، وتأثر فيه بأساليب جالينوس وأبقراط.
- أول من شرح مرض اليرقان “اصفرار الجلد”، ووضع وصفاً صحيحاً لالتهاب السحايا الأولى.
- تطرق لذكر تأثير العلاج النفسي على الشفاء من الأمراض في كتابه “الشفاء”.ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/152، وشوقي أبو خليل: الحضارة العربية الإسلامية ص511.
هو أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي، ولد سنة 250هـ -864م؛ وتوفي سنة 311هـ -923م، عاصر العصر الذهبي للعلوم وكان من أشهر علماء المسلمين في الطب، فكتب في جميع الأمراض، ومن أهم إسهاماته في الطب ما يلي:
- كتب “الحاوي في الطب” وهو الكتاب الأكثر شمولاً في الطب حيث جمع فيه كل ما توصل له الأطباء من زمن الإغريق حتى سنة وفاته، وظل كتابه مرجعاً رئيسياً لجامعات أوروبا لما يزيد عن 400 سنة.الفصل الثالث: أحد أعظم أطباء الإنسانية على الإطلاق، صفحة 243، الترجمة العربية، الطبعة الثامنة، دار الجيل “بيروت”، شمس الله تشرق على الغرب، سيغريد هونكه
- كان أول ما استخدم الخيوط الجراحية، كما صنع بنفسه عقاقير ومراهم، وألف الكثير من الكتب في الصيدلة.
- من كتبه “التاريخ في الطب”، و”الأدوية المفردة”.