سورة البقرة
سورة البقرة هي سورة مدنية وهي أوّل سورة نزلت في المدينة المنورة بعد هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم من مكة إلى المدنية، كما أنّها أطول سورة في القرآن الكريم فعدد آياتها هو 286 آية، وهي السورة الثانية في ترتيب سور المصحف وتقع بعد سورة الفاتحة مباشرةً، وقد تزامن نزول آيات سورة البقرة مع بداية تأسيس الدولة الإسلامية والمجتمع المدني وقد اهتمّت هذه السورة العظيمة بالجانب التشريعي والمعاملات الإسلامية المالية والأحوال الشخصية من زواج وطلاق وغيرهما بالإضافة إلى تطرّقها لقضايا تخصّ العبادات والأركان الخمسة كالصلاة والصيام والحج، ولم تقتصر سورة البقرة على الجانب التشريعي بل اهتمت بقضايا عقدية مهمّة حيث بيّنت الكثير من أصول الاعتقاد وأدلّة التوحيد وبراهين البعث، ولسورة البقرة فضلٌ عظيم وسيّتحدّث هذا المقال عن فضائل سورة البقرة.
فضائل سورة البقرة
سُميّت سورة البقرة بهذا الاسم لورود قصة بقرة بني إسرائيل التي حدثت لهم في زمن النبي موسى عليه السلام، ومن الملاحظ اهتمام هذه السورة بالوقائع والأحداث التي تُبيّن قدرة الله تعالى على إحياء الموتى كقصة النبي إبراهيم مع الطير وقصة الذي مرّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عروشها فتعجّب من إعادة خلقها وبعثها فأماته الله تعالى مئة عامٍ ثمّ بعثه حيًّا، وغير ذلك من القصص والعبر التي يُمكن إدراكها بقراءة سورة البقرة والتفكّر في معانيها، كما أنّ تسميتها بهذا الاسم قد ورد في الحديث الذي رواه أبو مسعود عقبة بن عامر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ”،الراوي: أبو مسعود عقبة بن عمرو | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5009 | خلاصة حكم المحدث: صحيح كما جاء في حديثٍ آخر يحثّ فيه رسول الله على قراءة القرآن ويُخبر بأنّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه وفيه أنّ سورتي البقرة وآل عمران تُسميّان بالزهراوين وقد شدّد الرسول الكريم على قرائتهما وهذا يُبيّن الفضل العظيم لهاتين السورتين، وفيما يأتي بيانٌ لفضائل سورة البقرة المستخلصة من الأحاديث النبوية ومن سيَر الصحابة والتابعين:
- من فضائل سورة البقرة أنّها تُنفّر الشيطان من البيت الذي تُقرأ فيه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ”.الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 780 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
- فضل قراءة سورة البقرة عظيم، فهي تُدافع عن قارئها في الآخرة وتكون هي وسورة آل عمران كالغمامتان اللتان تُظلّان صاحبهما يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما”.الراوي: أبو أمامة الباهلي | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 804 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
- إنّ العمل بالأحكام التي وردت في سورة البقرة والالتزام بالأوامر الشرعية التي جاءت بها هذه السورة الكريمة هو سبب في حصول البركات والوقاية من السحر، حيث قال رسول الله: “اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ”،الراوي: أبو أمامة الباهلي | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 804 | خلاصة حكم المحدث: صحيح وقد فسّر أهل العلم البطلة بالسحرة.
- من فضائل سورة البقرة والأمور التي تدلّ على مدى أهميتها وكبير شأنها تعظيم الصحابة الكرام لقارئها وقد ورد في الأثر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّهم كانوا يُعظّمون الرجل الذي يقرأ سورة البقرة وآل عمران ويُعدّونه ذا شأن ومكانة.
- وردت أحاديث عدّة تُبيّن فضل الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة وقد تقدّم ذكر الحديث الذي يُبيّن أنّ قراءة هاتين الآيتين يكفيان المسلم في ليلته، إذ أنّهما وسيلة وسبب في دفع الشياطين والشفاء من العين، وقد أورد الترمذي في سننه حديثًا عن فضلهما، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنَّ اللهَ كتب كتابًا قبل أن يخلقَ السماواتِ والأرضَ بأَلْفَيْ عامٍ أَنْزَلَ منه آيتينِ ختم بهما سورةَ البقرةِ، ولا يُقْرَآنِ في دارٍ ثلاثَ ليالٍ فيَقْرَبُها شيطانٌ”.الراوي: النعمان بن بشير | المحدث: الترمذي | المصدر: سنن الترمذي | الصفحة أو الرقم: 2882 | خلاصة حكم المحدث: حسن غريب
- إنّ سورة البقرة هي سنام البقرة وهي سبب في دفع الشياطين عن البيت الذي تُقرأ فيه، فقد أخرج ابن حبّان في صحيحه عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “إنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البقرةِ مَن قرَأها في بيتِه ليلًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثَ ليالٍ ومَن قرَأها نهارًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثةَ أيَّامٍ”.الراوي: سهل بن سعد | المحدث: ابن حبان | المصدر: صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم: 780 | خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
- آية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم وهي موجودة في سورة البقرة وممّا جاء في فضلها أنّ قراءتها بعد الصلوات المفروضة هو سبب في دخول الجنة بإذن الله، فقد ورد في صحيح الجامع للألباني أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَنْ قرأَ آيةً الكُرسِيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لمْ يمنعْهُ من دُخُولِ الجنةَ إلَّا أنْ يمُوتَ”.الراوي: أبو أمامة الباهلي | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم: 6464 | خلاصة حكم المحدث: صحيح
- إنّ فضل سورة البقرة عظيم ويُقال لها فسطاط القرآن وذلك لشدّة عظمتها وجلالتها وبهائها وكثرة أحكامها ومواعظها، وممّا يدلّ على هذا اهتمام الصحابة بتعلّم فقهها وما تحتويه من الأحكام، ومن هؤلاء الصحابة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه الذي ظلّ يتعلّمها اثنتي عشرة سنة، وابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الذي تعلّمها في ثماني سنوات.
- قال بعض العلماء أنّ في سورة البقرة ألف نهي وألف أمر وألف خبر وألف حكم، وقد بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثًا ذوو عدد وأمّر عليهم أحدثهم سنّا بسبب حفظه لسورة البقرة، فحافظها أمير على غيره وإن كان صغير السن وهذا من فضل هذه السورة الكريمة.
- إنّ سورة البقرة هي أول سورة نزلت بعد الهجرة فاعتنى الأنصار بها عنايةً شديدة وأقبلوا على حفظها وتعلّمها، وقد جاء في السيرة النبوية أنّ رسول الله نادى الأنصار بأهل سورة البقرة في غزوة حنين، وذلك لمّا انكشف المسلمون فطلب رسول الله من العبّاس أن يصرخ ويُنادي بهم: “يا معشر الأنصار، يا أهل السمرة -أي شجرة البيعة في الحديبية- يا أهل سورة البقرة”، فأجاب الأنصار: “لبيك لبيك يا رسول الله أبشر”.