فضل تلاوة القرآن
نتساءل دائمًا عن أفضل الأشياء والأفعال التي تقربنا إلى الله وتزيد من ميزان حسناتنا، ونغفل عن فضل ، ونترك تلاوته وتدبره على الرغم من كثرة فوائده الكثيرة.
كانت قراءة القران ثاني وصية لنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعد تقوى الله، وذلك في حديثه عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: “قلت: يا رسول الله، أوصني، قال – صلى الله عليه وسلم -:((أوصيـك بتقـوى الله، فـإنها رأس الأمـر كـله))، قلت: يا رسول الله، زدنـي، قـال – صلى الله عليه وسلم -: ((عليـك بتـلاوة الـقرآن وذكـر الله فإنـه ذكـر لـك فـي السمـاء، ونـور لك فـي الأرض))، قلت: يـا رسـول الله، زدنـي، قـال – صلى الله عليه وسلم -: ((إيـاك وكـثرة الـضحك، فـإنه يُميـت القلـب، ويُـذهب بنـور الـوجه))، قلت: يا رسول الله، زدنـي، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((عليـك بالجهـاد، فإنـه رهبانيـة أمتـي))، قلت: يا رسول الله، زدنـي، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((أحـبَّ المسـاكين وجالسهـم))، قلت: يا رسول الله، زدنـي، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((انظـر إلى من هـو تحتـك، ولا تنظـر إلى مـا هو فوقـك، فـإنه أجـدر أن لا تـزدري نعمـة الله عنـدك))، قلت: يا رسول الله، زدنـي، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((قـل الـحق وإن كـان مـرًّا))”.
ولم يكن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام هو الأول ولا الأخير، فهناك الحديث الذي يشير إلى أهمية وعظمة تلاوة وحفظ القران الكريم، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((المـاهر بالقـرآن مع السَّفَـرَة الكِـرَام الـبَرَرَة، والذي يقـرأ القـرآن ويَتَتَعْتـع فيـه وهو عليـه شاقٌّ لـه أجـران)) وقال -صلى الله عليه وسلم -: ((أهـلُ القـرآن هـم أهـلُ الله وخاصتـه))، ويدل هذا الحديث خاصة على رفعة أهل القرآن ومكانتهم؛ فتلاوة القرآن ترفع من مكانة قارئه ليكون من أهل الله وخاصته.
وهناك الكثير من الآيات التي أنزلها الله تعالى في فضل قراءة الكريم ومنها: “وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا” و”مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ” وكذلك قول الله تعالى في سورة المزمل “فـاقْرَءُوا مَـا تَيَسَّـرَ مِنَ الْقُـرْآنِ”؛ بل وأكد الله تعالى على في الآية نفسها: “فَـاقْرَءُوا مَـا تَيَسَّـرَ مِنْـهُ”.
عِظَم الأجر
لتلاوة القرآن تلاوةً صحيحة أجر عظيم بكل حرف حسنـة والحسنـة بعشر أمثالها؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه الترمذي، عن عَبْـد اللَّهِ بْن مَسْعُـودٍ، قال: قَالَ رَسُـولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَـلَّمَ: (مَـنْ قَرَأَ حَرْفًـا مِنْ كِتَـابِ اللَّهِ فَلَـهُ بِـهِ حَسَنَـةٌ، وَالـحَسَنَةُ بِعَشْـرِ أَمْثَالِهَـا، لَا أَقُـولُ الـم حَـرْفٌ، وَلَـكِنْ أَلِـفٌ حَـرْفٌ وَلَامٌ حَـرْفٌ وَمِيـمٌ حَـرْفٌ)، فتخيل حجم الحسنات التي تجمعها بقراءة صفحة واحدة فقط، الحرف الواحد له عشر حسنات ولكن لا بد من إخلاص النية لوجه الله تعالى لتنال الثواب العظيم.
الراحة والسكينة
تعودنا منذ نزول القرآن على نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن كل ما يأمرنا به في القرآن والسنة يكون خيرًا لنا وكل ما ينهانا عنه يكون شرًا لنا، وحديثًا قام شاب مسلم يسكن بلاد الغرب في تجربة أثر القرآن في الأجانب هناك، فبينما يسير في الشارع يستوقف الناس ويضع لهم سماعات الأذن ويبدأ بإسماعهم آيات القرآن الكريم لمدة لا تزيد عن دقيقة ثم يسألهم عن شعورهم، وقد تتفاجأ حين تجد أن أكثرهم كانت إجابته السكينة والراحة.
ولا ننسى أن أكثر أمراض الإنسان في العصر الحالي تأتى من الحزن والهموم و، وتلاوة القرآن تعمل على بث الطمأنينة في قلب المسلم، وتؤدى إلى سكينة القلب فيأمن من الخوف والفزع وهموم الدنيا وعذاب الآخرة ويذهب عن القلب ضعفه ووهنه ويجعله راضيًا مستبشرًا، وكذلك يثبت القرآنُ الإنسانَ عند المصائب، ويزيد سكينته وهدوءه وقوة تحمله لدوائر الدنيا، كما يعلمنا الأخذ بالأسباب وعدم التواكل بل التوكل والجد لننال نعيم الدنيا والآخرة.
الشفاعة
وتعنى الشفاعة التوسل إلى الله حين يأتي يوم القيامة فبينما نقرأ صحائفنا ونرجو أي حسنة ولو صغيرة أن تشفع لنا أن تزيد من كفة ميزان حسناتنا لننجو من الهلاك ونهرب من عذاب جهنم حينها فقط القرآن يشفع لنا عند ربنا الكريم الغفور ويتوسل لنا المغفرة ويخفف من وطأة ذنوبنا ويرجو رحمة الله لنا وذلك جزاءً لتلاوتنا له والعمل به في الحياة الدنيا.
قد لا يعلم غالبيتنا أن القرآن الكريم يشفع لأصحابه وذلك في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم “اقـرءوا القـرآن، فإنـه يأتـي يـوم القيـامة شفيعًـا لأصحابـه، اقـرءوا الزهراويـن” وأيضًا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الْقُـرْآن شَافِـع مُشَفـع وَمَـاحِل مُصَـدَّقٌ مَنْ جَعَلَـهُ إِمَامَـهُ قَـادَهُ إِلَى الْجَنَّـةِ وَمَنْ جَعَلَـهُ خَـلْفَ ظَهْـرِهِ سَاقَـهُ إِلَى النَّـارِ”، والذى يعني أن العمل بالقرآن يدُخل الجنة بحسن تلاوته والعمل بأحكامه واجتناب نواهيه، وهكذا يكون القرآن حجة لك، بينما قد يكون القرآن حجة عليك إذا هجرته ولم تُحسن تلاوته، وقد تفهم هجره عدم تلاوته فقط وهذا زعم مخطئ؛ فهجر القرآن يكون بترك قراءته من المصحف وعدم الإنصات الجيد لسماعه وترك العمل به ومخالفة نواهيه وكذلك عدم الاستشفاء به.
لذا يجب التعود على قراءة القرآن الكريم وتدبره واستحضار النية بالتلاوة والعمل بأحكامه ليأتي شفيعًا متوسلًا لرحمة الله لنا.
الشفاء من الأمراض
يقول الله تعالى في سورة الإسراء “وَنُنَـزِّلُ مِـنَ الْقُـرْآنِ مَـا هُوَ شِفَـاءٌ وَرَحْمَـةٌ لِلْمُؤْمِنِيـنَ”، وهو تأكيد لدور القرآن الكريم في الشفاء من الكثير من الأمراض مثل أمراض القلب وجميع الأمراض النفسية والجسدية؛ ولكن بشرط الإيقان التام في زوال الأمراض، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن هناك الكثير من الأمراض المزمنة التي يمكن علاجها بالترددات الصوتية وهو ما أشار إليه العلماء بتأثير الاستماع إلى القران الكريم وتصديقًا لقول الله تعالى في فضله، فالقرآن كلام الله تعالى والشفاء منه وحده، وقد قال لنا إن القرآن شفاء لذا يجب علينا التصديق بكلام الله والعمل به وإخلاص النية، وقد أوصانا الرسول الكريم بالرقية الشرعية والتي كان لها التأثير الفعال على المريض، ولا ننسى علاج القرآن الكريم للأمراض النفسية والسحر والحسد الذى لم تعرف الأطباء حتى الآن علاجًا فعالًّا له.