مقدمة عن الاستغفار
لقد أمر الله عباده بالاستغفار في بعدة صيغ، ومنها صيغة فعل الأمر، وذلك يجعل الاستغفار في فعل المستحبات لما فيه من فضل كبير لجميع الناس وليس مشروطًا فقط بالعاصي أو التائب من الذنب كما يظن الكثيرون، وفي الحقيقة إنّ السؤال المطروح مَن منّا لا يذنب؟ إننا جميعًا بحاجة كبيرة إلى الاستغفار، ومن أهم فوائد الاستغفار هو عبادة الله سبحانه وتعالى.
فضائل الاستغفار من القران الكريم
ذكر فضل الاستغفار في القرآن الكريم في عدة آيات قرانية، يقول الله تبارك وتعالى في فضل الاستغفار:
- “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا”*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا” (سورة نوح: 10-12).
- “وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا” (سورة هود: 3).
- “وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ” (سورة هود: 52).
- “وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” (سورة الأنفال: 33).
فضل الاستغفار من السنة النبوية الشريفة
- ما ثبت في الصحيحين عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال “صلى الله عليه وسلم” : علّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم”.
- وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “والله إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة” أخرجه البخاري في صحيحه.
استغفار الأنبياء والمرسلين كما ذُكر في القرآن الكريم
وقد كان الأنبياء والمرسلون والمستغفرون هم من أوائل المستغفرين وهم قدوة للبشرية في ذلك، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في عدة مواضع:
- فقد قال الله سبحانه وتعالى على لسان النبي آدم وزوجه عليهما السلام عندما أكلا من الشجرة الملعونة:” قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.
- وقد قال عن سيدنا نوح عليه السلام عندما دعا ربّه:”رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا”.
- أما عن سيّدنا موسى عليه السلام فقد استغفر ربّه عندما قتل رجلًا فقد قال الله تعالى على لسانه:”قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.
- أما عن سيدنا صالح عليه السلام فعندما دعا قومه للاستغفار:”وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ”.
فوائد الاستغفار العظيمة
- مدح الله سبحانه وتعالى المستغفرين في عدة آيات ووصفهم بالمتقين “وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”.
- من أهم فوائد الاستغفار أنه سبب لأن يغفر الله ذنوبنا، فمن يستغفر فإنه يطلب من الله المغفرة والعفو والرضوان، وبالاستغفار يسأل العبد من الله سبحانه وتعالى محو الذنوب ليتطهّر من ذنوبه ومعاصيه.
- إن من فوائد الاستغفار أنه سبب للرزق بنص الكتاب فقد قال الله تعالى: “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا”؛ حيث هنا فائدة كبيرة للاستثغفار مرتبطة بنزول الغيث حيث الرحمة واخضرار الزرع، وأيضًا ربط الاستغفار بـ”وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ” حيث وعد المستغفرين بالأموال الكثيرة والبنين.
- إن من فوائد الاستغفار أنه يدفع العذاب الذي قد يكون حاصلًا فقد قال تعالى: “وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” فكان الاستغفار سببًا لدفع البلاء كما وضحت الآية.
- الاستغفار هو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يستغفر الله في اليوم سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة. حسب ما رواه مسلم.
- ومن أراد التمتع بهذه الحياة الدنيا فعليه بالاستغفار، فقد قال الله تعالى: “اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً”.
- وإن من فوائد الاستغفار التمكين ومنح القوة، فهذا وعد من الله فقد قال الله تعالى: “اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ”.
- إنّ الله سبحانه وتعالى يعطي من رحمته للذين يستغفرونه فقد قال: “لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”.
كيفية الاستغفار
- المشهور ترديد سيد الاستغفار وهو أفضلها، وهو أن تقول: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأناعلى عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) رواه البخاري.
- من صيغ الاستغفار أن يقول العبد: “أستغفر الله” ويقولها بنية قلبية وحضور قلبي.
- واحدة من صيغ الاستغفار قول العبد: “رب اغفر لي”.
- ويمكن أن تقول أيضًا: “اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”.
- يمكنك أن تقول مستغفرًا الله: “رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور”.
- ومن الاستغفار أيضًا: “اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا الله، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) رواه البخاري.
- وقد ذُكر في صحيح الترغيب من صيغ الاستغفار أيضًا: “أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه).