قصة معركة ذي قار
تعتبر من أقدم المعارك التي دارت أحداثها على أرض عربية بين العرب والفرس، وتعتبر معركة ذي قار أول انتصار للعرب على الفرس، وتقع “ذي قار” حالياً في جنوب شرق ، وعاصمتها هي مدينة الناصرية، وسميت بذي قار عام 1969 ميلادي عندما قام حزب البعث العراقي الحاكم في ذلك الوقت بتغيير أسماء المحافظات العراقية.
كما تعتبر ذي قار مهداً للكثير من الحضارات والأمم السابقة، فهي تضم أكثر من 1200 موقع أثري تعوود إلى الحضارات السومرية، والأكادية، والبابلية، والفرثية، والساسانية، والعصر الإسلامي كذلك، كما تحتوي على بيت النبي إبراهيم عليه السلام، وقصر شولكي ومعبد دب لال ماخ الذي يعد أقدم محكمة تاريخية عرفها العالم، والكثير من المواقع الأثرية الأخرى المهمة تاريخياً، ويسكنها أكثر من مليونين وثمانمائة ألف نسمة، وقد سميت معركة ذي قار بهذا الاسم نسبة إلى هذه المحافظة التي كانت تعرف بكثرة عيون ماء ذي قار.
أحداث المعركة
تختلف الآراء حول سنة وقوع معركة ذي قار، فهنالك آراء تقول بوقوعها يوم مولد ، ومنها ما يرجح حدوثها يوم معركة بدر، كما يرجح آخرون أنها وقعت عام 604 ميلادي، وهنالك حزب آخر يقول بحدوثها بين عامي 604 و610 ميلادي، ويعتبر السبب الرئيسي لنشوب حرب بين الفرس والعرب وحودث معركة ذي قار هو قيام حاكم الفرس كسرى أبرويز بمطالبة هانئ بن قبيصة بن مسعود الشيباني الودائع والأمانات التي أودعها النعمان بن المنذر لديه وإرسالها أليه، فلم يقبل هانئ بتسليمها لأبرويز حاكم الفرس، فغصب كسرى وبعث إلى الهامرز التستري، وجلايزرين وأمرهم بالتحرك العسكري ومواجهة العرب.
التقى الجيشان في ذي قار، وكان الجيش الفارسي يستخدم الفيلة في الحرب، فحققوا نصراً في يوم المعركة الأول، لكنهم عطشوا عطشاً شديداً في اليوم الثاني للمعركة نظراً للطبيعة الصحراوية القاحلة لأرض المعركة في ذي قار، فاستغل العرب هذا الظرف وتقدموا على الفرس وهزموهم وانتصروا عليهم وألحقوا بهم هزيمة ساحقة كسرت جيش الفرس بشكل كبير، ولم تكن معركة ذي قار معركة واحدة فقط، بل كان قبلها بعض المعارك التي كانت خاتمتها هي ذي قار، ومن هذه المعارك يوم قراقر، ويوم الحنو قراقر، ويوم الحنو، ويوم ذي العجرم، ويوم الجبايات، ويوم العدوان، ويوم البطحاء، وكلها حدثت في محيط ذي قار.
أسباب الانتصار
هذا وقد كان العرب في حالة من الزعزعة ما قبل المعركة، وكانوا يواجهون جيشاً نظامياً مدرباً، في حين أنهم كانوا عبارة عن جيش يتكون من كل قبيلة على حدى، لكن التخطيط المحكم والتفكير الدقيق في التفاصيل هو ما أعطاهم الأفضلية على جيش الفرس، فقد كانت خطة توزيح أسلحة النعمان بن المنذر، ونصب كمين للفرس في بدايات المعركة لها أسباب مؤثرة في نتائج معركة ذي قار النهائية، كما أن العرب استبسلوا وقاتلوا بشكل عنيف وقوي جداً أمام جنود الفرس، ومن الأسباب المهمة التي أدت للنصر أيضاً هو انسحاب قبيلة إياد من المعركة بعد أنا كانت تحسب من ضمن حزب الفرس، لكنهم عقدوا اتفاقاً قبيل بدء الحرب مع قبائل بكر وانهزموا عند بدءها مما أثر في نفوس جند الفرس كثيراً.
وقد رويت في معركة ذي قار أشعار كثيرة، تتغنى بانتصار العرب وهزيمة الفرس، كما هو المتعارف عليه عند العرب بعد كل نصر أو هزيمة في حرب، إذ يلقون بأشعارهم لتخليد ذكرى الحرب سواءً بالهزيمة أو بالنصر على العدو، ومن هذه الأشعار ما قاله العديل بن الفرخ العجلي:
::ما أوقد الناس من نار لمكرمة *** إلا اصطلينا وكنا موقــدي النــار
::وما يعدون من يـوم سمعـت به *** للناس أفضـل من يوم بذي قــار
::جئنا بأسلابهم والخيل عابســة *** يوم استبلنا لكســرى كل أسـوار
قادة العرب في معركة ذي قار
تذكر المراجع التاريخية أسماء قادة العرب في معركة ذي قار، حيث أنه في بعض الروايات عن معركة ذي قار يذكر بأن حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي هو من تولى قيادة العرب في هذه المعركة ضد الفرس، في حين أن هانئ بن مسعود الشيباني رئيس قبيلة بكر كان هو قائد قلب الجيش العربي، وكانت ميمنة الجيش تحت قيادة يزيد بن مسهر الشيباني، في حين أن الميسرة كانت تحت قيادة ثعلبة بن سيار العجلي، وتذكر قصة أخرى ليزيد بن حمار السكوني، الذي نصب كميناً لقبيلة إياد والفرس، الذين جاؤوا إلى ذي قار وباغتهم فولت قبيلة إياد ومعهم الفرس منهزمين مما ساعد في إضعاف الجيش الفارسي وأعطى الأفضلية للعرب في ساحة المعركة.
الخلاصة
- تُعد معركة ذي قار من أهم المعارك في تاريخ العرب القديم.
- اختلف الكثير من المؤرخين حول تاريخ وقوع معركة ذي قار بشكل دقيق، لكن جمهور المؤرخين والمحدثين قالوا بوقوع معركة ذي قار عام 610 ميلادي أي بعد مبعث .
- تعتبر معركة ذي قار هي أول معركة أو حرب ينتصر فيها العرب على الفرس.
- كان إيمان العرب وعقيدتهم الراسخة بأن هذه الحرب مع الفرس هي معركة مصيرية، أحد أهم الأسباب التي أدت لانتصار ساحق للعرب على الفرس في ذلك الوقت.
- أزال الانتصار في معركة ذي قار الخوف والرهبة في نفوس العرب تجاه الفرس وجيشهم، وأصبحوا يتغنون بنصرهم ويذكرونه بكثرة في مجالسهم كما أصبحوا مستعدين لأية حرب قادمة مع الفرس.