قصة نهوض الاقتصاد الألماني

الاقتصاد الألماني

يُعدُّ من أقوى الاقتصادات على مستوى العالم، إذ يحتل المرتبة الرابعة عالميًّا بناتجٍ محلي إجمالي يبلغ نحو 3.42 تريليون دولار، وبمُتوسط دخلٍ سنوي للفرد يبلغ نحو 49 ألف دولار، كما تُعدُّ ألمانيا أيضًا الاقتصاد الأقوى في أوروبا، على الرغم من خروجها من الحرب العالمية الثانية مُدمَّرة تمامًا، بل وبعقوباتٍ قاسية نتيجة ما سبَّبه هتلر من دمارٍ للدول الأخرى.
لكن، وعلى الرغم من ذلك، استطاعت ألمانيا أن تصعد من جديد، كي تبهرنا بمعجزةٍ عالمية أخرى وقصة نجاحٍ فريدة من نوعها.

انهيار ألمانيا

بعد الحرب العالمية الثانية، كانت ألمانيا أشبه بالأنقاض؛ فقد سُوِّيت مدن كاملة بالأرض، بل أُخلي أكثر من 90% من السكان ببعض المناطق، إذ تناوبت عليها الدول الأربع: أمريكا و وفرنسا والاتحاد السوفيتي، كي يُقسِّموها بينهم وينهبوها كما كان هتلر ينوي أن يفعل معهم، وفي النهاية استطاعوا أن يُقسِّموها إلى ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية.
بالنسبة إلى النصف الشرقي، فقد كان يتبع السياسات الشيوعية السوفيتية، أما القسم الغربي فقد اتسم بالديموقراطية كأمريكا، كما قُسِّمت العاصمة برلين إلى نصفَين أيضًا بجدارٍ يُعرَف تاريخيًا باسم “جدار برلين”.
لكن هل توقف الأمر على ذلك فقط؟
لا، إذ غُرِّمت ألمانيا ما يقترب من 1.4 مليار دولارٍ أمريكي، تدفعها سنويًّا إلى الدول التي دمَّرتها بالحرب، بالإضافة إلى إجبارها على إرسال الرجال إلى الدول المُدمَّرة كي يُعمِّروها بالسخرة وتقبُّل الإهانة.
إذن، كيف استطاعت ألمانيا النهوض من جديدٍ بعد ذلك الدمار؟

نهوض الاقتصاد الألماني

كان لنهوض الاقتصاد الألماني أسباب عديدة، أهمها التالي:

قد يهمك هذا المقال:   الفرق بين ماستر كارد وفيزا

التحوُّل إلى الرأسمالية

كانت أفكار الاقتصادي الألماني والتر إيكوين لتحويل الاقتصاد الألماني إلى سوقٍ رأسمالية حرة أحد الأفكار الناجحة التي حظيت بها ألمانيا في ذلك الوقت، كما شجع والتر على إنشاء بنكٍ مركزي، ودفع الحكومة إلى دعم الأسواق الحرة وتعزيزها، كي يصبح بدوره أكبر مفكري للاقتصاد الألماني في ذلك الوقت، وصاحب أقوى التي تُدرَّس حتى الآن.

استبدال المارك بالرايخ مارك

بحلول عام 1948، فقد الرايخ مارك قيمته تمامًا، لذا استبدلت به ألمانيا حين ذاك وهي تحت احتلال الحلفاء عملة المارك الألماني كي ينتعش الاقتصاد حينها ولو بشكلٍ جزئي، وحذفت 93% من الكتلة المالية المتبادلة، ممَّا أدى إلى تعزيز الوحدة الاقتصادية ومن ثمَّ السيطرة على إدارتها.

الإصلاحات السياسية

بعد الدمار الذي شهدته ألمانيا، تعلَّمت على الفور من خطأها، من خلال إطلاق إصلاحاتٍ سياسية تهدف إلى المناداة بحقوق الإنسان، تلتها بعد ذلك بعض الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، حتى عُيِّن لوديج إرهارد وزيرًا للاقتصاد عام 1949، ليُغيِّر مفاهيم السوق الاجتماعية بعد ذلك، ويُصبح الأب الروحي للاقتصاد الألماني.

خلق إرهارد مفاهيم جديدة تقوم على ربط المركزية بالسوق الحرة، وهو يعني أن تتدخل الدولة كطرفٍ ثالث، في الوقت ذاته الذي يحافظ به النظام الاقتصادي على حريته، وبذلك قُضي على الاحتكار وعُزِّزت المنافسة التي أحيت سوق العمل من جديد.

إعادة الإعمار

كانت إعادة الإعمار إحدى الخطوات المهمة التي اتبعتها ألمانيا للتعافي من الحرب، وبدأ ذلك من خلال إزالة الأنقاض والبناء من جديد، مع الاحتفاظ بالرموز الأثرية وترميم بعض الأبنية الرمزية.
وقد لعبت نساء ألمانيا دورًا كبيرًا في ذلك الأمر، إذ أسهمن في بنسبةٍ كبيرة لعدم توافر القوى العاملة الكافية من الرجال نتيجة إما أسرهم في الحرب، أو إرسالهم إلى الدول المُدمَّرة الأخرى لبنائها تحملًا لأخطاء ألمانيا.
وبذلك، على الرغم من فقدان ألمانيا الكثير، إلا أنها لم تستسلم، حتى تمكنت في النهاية من بناء بنيةٍ تحتية قوية مكَّنتها من تعزيز قوتها السوقية والتجارية.

قد يهمك هذا المقال:   قوة الاقتصاد الصيني

الثورة الصناعية وتدريب العمالة

كانت الثورة الصناعية الألمانية أحد أقوى الثورات في العالم حين ذاك، فقد تم إحياء الصناعة بشكلٍ سريع بعد انتهاء الحرب كي تشمل عدة مجالاتٍ أهمها بالتأكيد والصناعات الإلكترونية والمعدات المنزلية والمواد الكيميائية.
ونتيجة أنها واحدة من الدول التي تمتلك أمهر الأيدي العاملة في العالم على الإطلاق، سمحت لها الدول الأخرى بتصدير منتجاتها إلى الخارج كي تُذهِل العالم بصناعاتها، وتُصبح الدولة الأقوى والأهم بسوق السيارات حتى الآن.

اتحاد ألمانيا

استطاعت ألمانيا الغربية بعد الحرب أن تتفوق بجدارةٍ على شقيقتها الشرقية، حتى اتحدوا في النهاية عام 1990، وقد شكَّل ذلك ثقلًا كبيرًا على ألمانيا الغربية نتيجةً للديون التي تراكمت عليها حينها بسبب ذلك الاتحاد، كما أنه كان من الصعب أن تتأقلم العملات والأنظمة السياسية للقسمَين مع بعضهما.
ويظن البعض أن الاقتصاد الألماني ما زال يعاني حتى الآن بسبب ذلك الاتحاد، وهناك من يتمنى لو أنه لم يحدث أبدًا.
لكن على الرغم من ذلك، وبعد تعيين أنجيلا ميركل مستشارةً لألمانيا، استطاعت أن تنهض بالاقتصاد الألماني بقراراتها وتحافظ عليه من الانهيار، ليُصبح بعدها أحد أقوى اقتصادات العالم في الوقت الحالي.

المراجع

https://www.investopedia.com/articles/economics/09/german-economic-miracle.asp

https://www.eliktisad.com

https://www.syr-res.com/article/7551.html

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *