قصة يونس عليه السلام

قصة يونس عليه السلام إحدى الرائعة، التي تدعو إلى التحلي بالكثير من الصفات التي تجعل الانسان يعيش حياة مليئة برضا الله عز وجل، أهمها أن الإنسان خطاء وسيظل يخطئ ما دام حيًّا، فهو ليس بِمَلَك، وليس معصومًا من اقتراف الذنب، قال صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»؛ لذلك كان من الواجب على الإنسان عندما يشعر بأنه قد أقبل على أي فعل قد يغضب الله، أن يعود سريعًا إلى كنف الله، مستغفرًا إياه وطالبًا منه العفو والمغفرة.

يونس يدعو قومه إلى عبادة الله وحده

أرسل الله النبي يونس عليه السلام إلى أهل قرية تدعى نِينوى، وقد كان أهل تلك القرية منهمكين في غياهب الشرك وعبادة الأوثان من دون الله عز وجل، وقد ظل سيدنا يونس ينفذ أوامر ربه، محاولًا هداية قومه وإرشادهم إلى طريق الله عز وجل؛ ولكنهم قابلوا دعوته بالتكذيب والاستهزاء، قائلين له بأنك بشرٌ مثلنا، ولست نبيًّا مرسلًا، وعندما رأى إصرارهم وعنادهم الذي استمر لمدة ثلاثٍ وثلاثين سنة، أخبرهم بوعيد الله لهم إن لم يستجيبوا لدعوته، تاركين عبادة الأصنام، وأن غضب الله عليهم سوف يقع بعد مرور ثلاثة أيام؛ ولكنهم رغم ذلك ظلوا على استكبارهم، ولم يؤمنوا به، أو يصدقوا وعيده.

سيدنا يونس في السفينة

كان هذا الاستكبار والتعالي سببًا في غضب النبي يونس عليه السلام، وقرر بشدة أن يتركهم في تيههم الذي أصروا عليه، وبالفعل انصرف سيدنا يونس عليه السلام من القرية، تاركًا قومه دون أمر من الله عز وجل بذلك، معتقدًا أن الله تعالى لن يحاسبه على فعلته تلك، ثم اتجه إلى شط البحر مستقلًا سفينة لقوم يعملون بالبحر، سارت السفينة بمن فيها ومن بينهم سيدنا يونس الذي كان مطمئنًا من داخله، أنه بعد كل تلك السنوات قد قام بما هو مطلوب منه، وأنه لم يعد عليه لوم في تركه لقومه.

قد يهمك هذا المقال:   فوائد صلاة الضحى

وما أن وصلت السفينة وسط البحر، حتى بدأ توازنها يختل، وأوشكت على الغرق، فاقترح من بالسفينة أن يقترعوا، أن يكتبوا أسماء جميع من بالسفينة على مجموعة من الأسهم ويضعوها داخل وعاء، وأن من يخرج اسمه أولًا يرمونه في البحر، وكانوا كلما أخرجوا السهم وجدوا اسم النبي يونس عليه السلام مكتوبًا عليه، ولكنهم شاهدوا في ملامحه الصلاح، ولذلك كرروا القرعة ثلاث مرات ولكن في كل مرة كان سهم سيدنا يونس هو السهم المختار.

يونس في بطن الحوت

في تلك اللحظة شعر يونس بأن تلك علامة من ربه، بأن يلقي نفسه بالبحر؛ ولذلك فقد أقبل على إلقاء نفسه مسلمًا جسده وروحه لله وحده، وموقنًا بأن الله سوف يحفظه، وما أن سقط يونس عليه السلام بالبحر، حتى هم بابتلاعه داخل بطنه.

للحظة اعتقد النبي يونس عليه السلام بأن حياته قد انتهت، ولكن ما أن وجد نفسه مازال حيًّا، حتى هم بالسجود لله داخل بطن الحوت، لشكره على بقائه حيًّا ولم يصبه أي مكروه في جسده، ظل سيدنا يونس ثلاثة أيام في ظلام دامس داخل بطن الحوت، وقد كان كل ما واظب على قوله باستمرار هو “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ليقينه بأنه قد أخطأ عندما تعجل في قراره دون الرجوع إلى ربه؛ ولكن الله عز وجل سريع العفو، وبالأخص عن أنبيائه عليهم جميعًا السلام؛ ولذلك فقد أمر الله عز وجل الحوت بأن يلفظ سيدنا يونس من داخل بطنه، وأن يلقي به على الشاطئ، وبالفعل بعد كل هذا العناء خرج سيدنا يونس من بطن الحوت شاكرًا ربه؛ لأنه قد غفر له، وقد أنبتت بجانبه شجرة من ثمار اليقطين، كان يأكل من ثمارها حتى يستعيد قوته من جديد، وأيضا يستظل بها من أشعة الشمس.

قد يهمك هذا المقال:   حاطب بن أبي بلتعة

استجابة قومه لأوامر الله عز وجل

بعد أن ترك يونس قومه نفذ الله وعيده بهم، فبدأوا يشاهدون ما حذرهم منه سيدنا يونس عليه السلام، فتبدلت السحب وكأنها دخان أسود وهبت العواصف في القرية، وارتعب الناس من هول ما رأوه، وعادوا إلى رشدهم، راجين رحمة الله بهم وإنقاذه لهم، وظلوا يبحثون عن نبيهم الذي خرج غاضبًا بسبب عنادهم وتكذيبهم له، ولكنهم لم يعثروا عليه قط، وبعد أن يئسوا من العثور على سيدنا يونس جمعوا كل من بالقرية من نساء ورجال وأطفال مرتدين أقبح الثياب، كنوع من التذلل لله، مقبلين جميعًا على الله تائبين وشاهدين بوحدانيته، منتظرين نبيهم كي يواصل معهم طريق الهداية ويرشدهم إلى ما يجب عليهم اتباعه.

ولهذا فقد قبل الله توبتهم وكشف عنهم البلاء، قال تعالى: {فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 148، وعندما عاد النبي يونس إليهم استقبلوه بترحيب شديد طالبين منه أن يسامحهم، وعاشوا على دين الوحدانية لسنوات طوال، ثم عاد الشيطان بعد ذلك لإغوائهم، فعادوا إلى ما كانوا عليه من الضلال، ووقتها دمرهم الله نتيجة كفرهم، حتى صاروا آية لمن يحيد عن طريق الله عز وجل.
قال الله تعالى في سورة الأنبياء:

وَذَا الـنُّونِ إِذْ ذَهَـبَ مُغَاضِبًـا فَظَـنَّ أَنْ لَـنْ نَقْـدِرَ عَلَيْـهِ فَنَـادَى فِي الظُّلُمَـاتِ أَنْ لَا إِلَـهَ إِلَّا أَنْـتَ سُبْحَانَـكَ إِنِّـي كُنْـتُ مِـنَ الظَّالِمِيـنَ فَاسْتَجَبْنَـا لَـهُ وَنَجَّيْنَـاهُ مِـنَ الْغَـمِّ وَكَذَلِـكَ نُنْجِـي الْمُؤْمِنِيـنَ

الأنبياء: 87-88.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *