الكعبة
الكعبة المشرفة أو ما يطلق عليها أحيانًا بيت الله الحرام، هو مكان مقدس عند المسلمين، فيتوجه المسلمون بصلاتهم تجاه الكعبة المشرفة، وتقع الكعبة في مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية، ويتوجه المسلمون كل عام إليها لأداء فريضتي الحج والعمرة، وتهتم حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين بالكعبة حيث يتم تجديد كسوتها والاهتمام بنظافتها وتوسعة المنطقة المحيطة بالحرم المكي؛ ليستطيع استيعاب الأعداد الهائلة من الزوار في كل عام، وتعرضت الكعبة المشرفة في تاريخها الطويل إلى عدة تغيرات.
تاريخ الكعبة
يعود تاريخ بناء الكعبة كما ورد عن الكثير من الصحابة إلى بداية الخلق، حيث يعتقد بأن سيدنا آدم عليه السلام هو أول من بنى المسجد الحرام وقد ساعده على إتمام البناء عدد من الملائكة، وبقيت الكعبة على حالها حتى أرسل الله تعالى النبي إبراهيم عليه السلام، حيث أمر الله النبي إبراهيم بإعادة بناء الكعبة من جديد وإضافة تحسين عليها من خلال رفـْع قواعدها، وساعده على ذلك ابنه إسماعيل عليه السلام حيث كان فتى صغيرًا بالعمر وقويًا فكان يحمل الحجارة وينقلها إلى مكان الكعبة، وقام سيدنا إبراهيم بعملية البناء، وبقي النبي عليه السلام يرفع القواعد حتى أصبح عاليًا جدًا بحيث يصعب ملامسة الكعبة، والحجر الذي كان يقف عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام ليواصل عملية البناء موجود في “مقام إبراهيم” حول الكعبة.
استقرت العديد من القبائل العربية في مكة المكرمة، عرفت هذه القبائل باسم “قبيلة العماليق” و”قبيلة جرهم”، ونتيجة تعرض منطقة مكة المكرمة عبر التاريخ إلى العديد من التغيرات الطبيعية وحدوث السيول والانجرافات المتكررة، تصدع بناء الكعبة، لذلك قامت جماعات من القبيلتين بإصلاح الأضرار وصيانة الكعبة في كل مرة تتصدع بها. بعد تلك القبيلتين جاءت قبيلة قريش واستقرت في مكة المكرمة، وأخذت على عاتقها إعادة بناء الكعبة، وكان هدفهم أن يكون البناء الجديد قويًا؛ ليستطيع الصمود بوجه السيول الغزيرة، وتم ذلك البناء في العام الخامس قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم (نحو 605 م).
وقامت قبيلة قريش على تحسين بناء الكعبة لمواجهة مشكلة التصدعات ومن هذه التحسينات، إعلاء ارتفاع الكعبة إلى نحو تسعة أذرع فأصبح ارتفاعها ثماني عشرة ذراعا، وعملوا على إغلاق الباب الغربي بشكل كامل، وأبقوا على باب واحد من الجهة الشرقية فقط، وكان هذا الباب مرتفعًا جدًا؛ حتى لا يسمح بدخول أي شخص من العامة إليها، ولأول مرة في تاريخ بناء الكعبة قامت قبيلة قريش ببناء سقـف للكعبة. في فترة حكم عبد الله بن الزبير رضي الله عنه احتـرقت الكعبة بشكل كامل، فقام بهدم الجدران المحروقة حتـى وصل إلى القواعـد التي بناها سيدنا إبراهيم عليه السلام، فقام بإعادة بناء الجدران مرة أخرى وأضاف إليها حجْر إبراهيم، و زاد ارتفاعها بعشرة أذرع، وبنى لها بابين واحد في جهة الشرق و الآخر في جهة الغرب.
تم إعادة بناء الكعبة مرة أخرى في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ، الذي أمر بإعادة بناء الكعبة كما كانت في السابق أيام قبيلة قريش وإلغاء التعديلات التي قام بها عبدالله ابن الزبير، فقام بهدم الحائط الشمالي، وبنى بابًا واحدًا للكعبة، وأبقاها على نفس الارتفاع الذي بناه عبدالله ابن الزبير. في فترة قيام الدولة العثمانية هطلت أمطار غزيرة على مكة في عام 1039هـ ، نتج عنها تكوين سيل قوي مما أدى إلى سقوط الجدار الشمالي للكعبة وأجزاء من الجدارين الشرقي والغربي، وعندما وصل الخبر إلى السلطان العثماني مراد خان الرابع أمر الناس بإعادة بناء الكعبة مرة أخرى، ودامت عملية الإصلاح الجديدة مدة ستة أشهر.
في فترة حكم والي مصر محمد علي باشا وكان ذلك نهاية عام 1239هـ، أمر الناس بإجراء عمليات تنظيف واسعة حول الكعبة؛ وذلك من أجل إزالة الرمال التي تراكمت بسبب السيول، وعمل بعض الإصلاحات ببناء الكعبة. وعند قيام دولة المملكة العربية السعودية أولت الكعبة المشرفة الاهتمام الكبير، ففي أيام الملك سعود تم إعادة بناء سقف الكعبة الأعلى وتجديده مرة أخرى وإعادة بناء السقف الأدنى الذي بدأ بالتآكل نتيجة قدم الخشب الذي صنع منه، وتم ترميم الجدران من الداخل وإضافة دعامات إليها لحماية جدرانها.
كم يبلغ ارتفاع الكعبة
إن الكعبة المشرفة تشبه شكل المكعب، وبنيت من الحجارة الصلبة المقاومة للتغيرات المناخية، ويصل ارتفاعها إلى 15مترا، ويصل طولها من جهة الملتزم إلى 12.84مترا، ويبلغ طولها من جهة حِجر إسماعيل حوالي 11,28مترا، وتبلغ المسافة بين الركن اليماني والحِجر 12.11مترا، وتبلغ المسافة بين الركنين اليماني والشامي 11.52مترا، بينما يبلغ ارتفاع الجُدران من فوق سقف الكعبة 80 سم، ويبلغ ارتفاع العتبة الموجودة في أسفل الكعبة 45 سم، ويبلغ ارتفاع الزاوية التي فوق العتبة 13 سم.
توجد للكعبة عدة معالم مهمة، جزء منها موجود فيها وجزء آخر يقع حولها، أما المعالم الملتصقة بالكعبة هي: الحَجَر الأسود، والمُلتزَم، وباب الكعبة، وحِجر إسماعيل، والميزاب، والركن اليماني، والشاذروان. بينما المعالم المنفصلة عن الكعبة هي مقام إبراهيم وهو الحجر الذي كان يقف عليه سيدنا إبراهيم أثناء بنائه للكعبة، وبئر زمزم، و الصفا والمروة، وتم وضع ثلاثة أعمدة في داخل الكعبة؛ لدعم سقف الكعبة الذي يبلغ ارتفاعه حوالي تسعة أمتار.
يتولى أشخاص معينون القيام بجميع الأمور المتعلقة بالكعبة كفتح الكعبة وإغلاقها وتنظيفها ويطلق على الشخص الذي يقوم بهذه المهام اسم السادن، وتتولى هذه المهمة أسرة بني شيبة القرشية، و”هي الأسرة التي سلمها الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة مفتاح الكعبة وقال لأبنائها : “خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم”، ويبقى مفتاح الكعبة مع كبير السدنة، ويتم تـسليم كسوة الكعبة الخارجية الجديدة إلى كبير السدنة في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام، كانت آخر عملية تجديد عمارة الكعبة المشرفة في عام 1417هـ الموافق لـعام (1997م).