كيف أكتب رواية
الميول إلى ، ملكَةٌ تولد مع الأديب، ولكنّ هذه الموهبة تحتاج إلى صقل وتطوير ودراسة حتّى لا تبقى بدائيّة أو فرديّة. والرواية هي قطعة سرديّة طويلة من النّثر الأدبيّ، وهذا النّثر هو وصف لسلسة من الأحداث التي تكون مترابطة بشكل ما. للرّواية أنواع عديدة منها الرّومانسيّة، والخياليّة، و، والغموض. من المهمّ أن تكون الرّواية من نوع واحد ولكن قد تتكوّن الرّواية من موضوعين معًا مثل الرّعب والخيال، أو الغموض والمغامرة.
مكوّنات الرّواية
- الفصل: هو وسيلة للمؤلّف لتنظيم الأحداث، والتّطورات الرّئيسيّة في ، وتوفير انتقالات سهلة في الوقت والمكان أو في وجهة النّظر.
- الشّخصيّة: هم الأشخاص المشاركون في الأحداث، وقد تكون الشّخصية ثانويّة أو رئيسيّة؛ حيث تدور معظم الأحداث حولها، ويمضي المؤلّف وقته في استكشافها وتطويرها، وهي التي تُحرّك الأحداث في الرّواية، وقد تكون شخصيّة بطل الرّواية هي الرّاوي للأحداث نفسه.
- الحوار: هو عنصر أساسي في الرّواية، يتكوّن الحوار من محادثات بين شخصين أو أكثر، أو حديث الشّخصيّات مع نفسها، ويمكن استخدامها قليلًا أو بكثافة. الحوار القويّ يؤثّر بشكل جيّد على القارئ، ويجعل قراءة الرّواية سهلة وسريعة، ويوفّر على القارئ ممرّات وصفيّة طويلة، كما أنّه يوضّح صفات الشّخصيّات؛ لأنّه قد يحُلُ محلَّ الأوصاف الطّويلة، عندما تتحدّث شخصيّة عن أخرى، تعطي دلالة على الشّخصيّة، وعواطفها، ومواقفها، وآرائها، ورغباتها. بالإضافة إلى أنّ الحوار الجيّد يحرّك عجلة الأحداث، من خلال تقديم معلومات تزيد من حدّة النّزاع، أو من خلال بناء التّوتر بين الشّخصيّات.
- العقدة: تشير العقدة إلى الأحداث التي تثير الصّراع، وتبني التّوتر، وتولِّد الاهتمام وتحفّز على مواصلة القراءة، حتّى تصل بالقارئ إلى ذروة القصة، وهي لحظة الصّراع النّهائي أوأكثر لحظة مثيرة في القصّة. يعمل العمل المتصاعد على تمهيد الطّريق لهذه اللّحظة من خلال خلق مشاكل، أو مواقف صعبة، وإضافة طبقات من التّعقيد لكل من الشّخصيات والعقدة بينما تتجه الأحداث نحو الذروة.
- الموضوع: وهو النّقطة التي يرغب الكاتب في شرحها، ويطرح هذا الموضوع سؤالًا حول مشكلة إنسانيّة.
- الإعداد: وهو الموقع والإطار الزّمنيّ الذي تتمّ في القصّة، وهو أكثر من مجرّد مرحلة لمرور الشّخصيّات، ويجب الاهتمام فيه جدًّا، من حيث اللّهجات، والتّوقيت، والنّبرة، وتحديد تفاصيله الكاملة.
نصائح لكتابة الرّواية
تقدّم الكاتبة الأمريكيّة ميشيل ريتشموند، نصائح عامّة لكتابة الرّواية، وهي مؤلّفة لخمس روايات ومجموعتين قصصيتين، حائزتان على جوائز، وقامت بتدريس في جامعة سان فرانسيسكو، وكلّيّة كاليفورنيا للفنون، وجامعة بولينغ غرين، وقامت بتدريس الكتابة الجديدة لدراسات ستانفورد المستمرّة. وهذه النّصائح هي:
- لا توجد وصفة أو خطوات يمكن اتّباعها لكتابة الرّواية، ولا توجد إجابات سهلة حول كيفيّة كتابتها، كلّ رواية تملك بنيتها الخاصّة، ووتيرة أحداث خاصّة، وطريقة خاصّة للنّظر إلى العالم.
- كتابة الرّواية ليست مجرّد ممارسة للتّخلّص من الإحباط واليأس، على الرّغم من كونها كذلك في بعض الأحيان، ولكنّها السّباحة عميقًا في الرّأس، ومغامرة من الممتع عيشها، وكلّ في الكتابة عن عالمه.
- لا مانع من كتابة خطوط عريضة من دون أن تكون معيقة لعمليّة الكتابة، ومحدِّدة للإمكانيّات. الشّيء المفيد في الخطوط العريضة هي أنّها تمنح الاتجاه، ولكن في بداية الرّواية مثلًا لأوّل خمسين صفحة، من الأفضل الكتابة بدون خطوط عريضة، ثُمّ رؤية أين تتجّه القصّة.
- يجب التّركيز على الإعداد، الإعداد هو الوقت والمكان، مثلًا إذا كانت الرّواية مرعبة، يجب أن يكون المكان مليئًا بالأزقّة، والشّوارع الفرعيّة المخفيّة؛ لأنّها ضروريّة للشّعور بالارتباك، ومنطقيّة لبطولة بطل الرّواية. ولا يكون ذكرها بشكل عامّ، بل يجب ذِكر الشّارع، والزّقاق، ورقم المبنى، والطّابق، والإطلالة، والطّقس، وتفاصيل عن الشّقة، مثلًا إذا كانت الرّواية تدور أحداثها في المدينة، وكلّ مكان له خصوصيّته.
- الاهتمام براوي القصّة، فقد يكون الرّاوي في مركز الحدث، وفي كثير من الأحيان يكون البطل، أو قد راوٍ خارجيّ قادر على الخوض في تفكير الشّخصيّة، في أي وقت من أوقات القصّة، أو قد يكون شخص ظهوره محدود في القصّة، ولكنّه يلتصق بشكلٍ وثيق مع الشّخصيّة الرّئيسيّة.
- الاهتمام ببطل الرّواية، يجب أن يكون هناك شخص ما في قلب الحدث، وهذا الشّخص تنتهي إليه كلّ الأحداث، كل رواية عظيمة تعتمد على الشّخصيّة، ويجب أن يكون بطل الرّوايّة شخصًا يستحقّ الاهتمام به.
- لا مانع من كتابة أحداث منفصلة نوعًا ما؛ فليس من الفروض أن تكون الرّواية مرتّبة منذ البداية، فعندما تتطوّر الأحداث قد يرى الكاتب أنّ ترتيب الفصول الأوّليّ غير متناسب مع ترتيب الأحداث.
- يجب الاهتمام بالصّراع في الرّواية، بغضّ النّظر عن نوع الرّواية التي في ذهن الكاتب، وبصرف النّظر عن نوعها، لا توجد رواية بدون عناء، وكلّ قصّة تبدأ بالصّراع.
- على الرّغم من أنه لا يتعيّن على الكاتب بالضّرورة تضمين التّعارض في الصّفحة الأوّلى من الرّواية، إلا أنّه لا يضرُّ أن يفهم القارئ، ما الذي تريد القصّة إخباره، في مكان ما في أوّل عشر صفحات.
- على الكاتب الاهتمام بعنصر الخطر في القصّة، على سبيل المثال، ما الذي يفقده بطل الرّواية؟ ما الذي يريده؟ لماذا هذا الشّيء مهمّ؟ يجب أن تكون المخاطر واضحة؛ لتثير اهتمام القارئ.
- في كثير من الأحيان، يكون هناك أكثر من شيء واحد على المحكّ، والعديد من المخاطر الكبيرة، ولا توجد شخصيّات أو أحداث مذكورة فقط لتعبئة الفراغ، حياة كلّ شخصيّة تلعب في خلفيّة كبيرة، وهي جزء من العالم الأوسع.
- لا يجب أن يعتمد الكاتب على كتابة ما يعرفه فقط، يجب أن يكون على استعداد لكتابة ما لا يعرفه، ويجب أن يملك الكاتب روح الاكتشاف، ولا يسمح لشخصيّة لا يعرفها، أو يعرف القليل عنها بأخذ مساحة في روايته. يجب على الكاتب التّعمّق بعيدًا في الأسرار النّفسيّة، والفكريّة، والخلفيّة الاجتماعية لكلّ عنصر من ، والبحث حول هذه العناصر غير المعروفة، يجعل تدفّق الأفكار الجديدة أفضل، لم يكن بإمكان الكاتب التّفكير فيها لو اعتمد على معرفته.