كان نبينا الكريم نبي الأمة وحبيب الرحمن حريصًا على قيام الليل لم يتركها في حضر و لا في سفر، كما أخبرتنا أمنا عائشة رضي الله عنها عن هديه النبوي في قيام الليل والصلاة فكان صل الله عليه وسلم يصلي حتى تتورم قدماه، ولما سألته عن سبب تكبده تلك المشقة كل ليلة وما له من منزلة عظيمة عند الله تبارك وتعالى ويعلم دخوله الجنة لا محالة، فأجاب «أفلا أكون عبدًا شكورا» عليه.
ونحن المسلمون أمرنا بالتأسي برسول الله صل الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]، وجاءت تسمية صلاة القيام من لطول القيام بها فهي نافلة قصد منها الزيادة في تحصيل الأجر والثواب، والتقرب إلى الله تعالى لحصول المغفرة، فما هو فضل قيام الليل، و ما هو حكمه؟ وما هي كيفية الصلاة؟ وأي الوقت أفضل لقيام الليل؟
فضل قيام الليل
وردت العديد من الآيات والأحاديث التي تحث المسلمين على صلاة قيام الليل لما لها من فضل عظيم وثواب كبير منها قول الله تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} الزمر: 9 وقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل» مسلم، وقال: «من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بمائة آية كتب من المقنطرين» أبو داوود والمقنطرين هم الذين يحصلون على قنطار من الأجر والثواب العظيم.
حكم قيام الليل
صلاة قيام الليل هي سنة مؤكدة حرص عليها النبي صل الله عليه وسلم، وأمر المسلمون بها، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، ومقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد» رواه الترمذي.
كيفية صلاة الليل
وردت الأحاديث في كيفية صلاة قيام الليل والهدي النبوي فيها، وقيام الليل إما إحدى عشر ركعة أو ثلاثة عشر ركعة، تصلى ثماني ركعات منها اثنتين أي بعد كل ركعتين يتشهد ويسلم، حتى يكمل ثماني ركعات، ثم يصلي وهما ركعتي الشفع وركعة ويقرأ في الركعة الأولى منهما فاتحة الكتاب وسورة الأعلى والثانية فاتحة الكتاب وسورة الكافرون ثم يسلم، ثم يصلي ركعة الوتر ويقرأ فيها سورة الإخلاص.
قضاء قيام الليل
يستحب لمن فاتته صلاة قيام الليل قضاؤها لما في ذلك من جزيل الثواب والأجر، كما أنها تجلب العفو والمغفرة للعبد، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى ليباهي ملائكته بالعبد يقضي صلاة الليل بالنهار، فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي يقضي ما لم أفترضه عليه، أشهدكم أني قد غفرت له».
أفضل وقت لصلاة قيام الليل
صلاة قيام الليل تجوز في أي وقت من بعد صلاة العشاء حتى أذان الفجر، ويستحب للمسلم أن يصليها في الثلث الأخير من الليل لما في ذلك من فضل عظيم ففي هذا الوقت يتنزل رب العزة إلى السماء الأولى وهو وقت مستجاب الدعاء يجب أن يحرص عليه المسلم، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلى الله صيام داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه ويصوم يومًا ويفطر يومًا» البخاري.
خطوات تعينك على قيام الليل
قد يثقل على البعض القيام لصلاة الليل على الرغم من رغبته في ذلك لذلك نقدم لك بعض الأمور التي تعينك على القيام بتلك العبادة عظيمة الثواب والفوائد:
- أولًا إخلاص النية لله وهي أحد الأسباب الرئيسية التي تعين المسلم على قيام الليل.
- استشعار القرب والوصال مع المولى عز وجل وحصول الراحة النفسية فأنت على موعد مع رب العزة ورب الكون، الذي ينتظرك فهل هناك أعظم من ذلك.
- البحث والاطلاع عن كل ما يخص تلك العبادة من فوائد للجسم وفوائد للنفس حتى تعزز الرغبة الداخلية للإنسان على القيام بها وترفع من همته.
- النوم في مواعيد مبكرة حتى تيسر من استيقاظك في الليل فأفضل وقت لنوم الإنسان لحصوله على القدر الكافي من الراحة لجسمه ولعقله بعد صلاة العشاء حتى يتسنى له القيام في الثلث الأخير من الليل بكل نشاط وحيوية وبدون الشعور بالرغبة في النوم، والكسل.
- المحافظة على الأذكار و خاصة قبل الخلود من النوم وذلك للحماية من همزات الشياطين التي تنعقد على المسلم وتمنعه من القيام للصلاة.