في عام 1922 حصل هوارد كارتر مكتشف الأثار الإنجليزي على أهم اكتشاف أثري في القرن العشرين و هو اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، نظر كارتر من خلال ثقب صغير لرؤية محتويات المقبرة و ذلك قبل أن تفتح بالكامل، و ما شاهده كان مذهلًا حقًا فقد كانت المقبرة تحتوي على كنز عظيم مخبأ منذ 3000 عام تقريبًا، توفى بعدها قائد البعثة كارنارفون ومن خلفه كارتر ليتصدر عنوان واحد جميع الصحف العالمية، لعنة الفراعنة أصابت مكتشف الآثار وقائد البعثة و ذلك لعبثهم بمقبرة توت عنخ أمون والتي كانت تحرسها مجموعة من التعاويذ السحرية.
والآن و نحن في القرن الواحد والعشرين، هل مازلنا نعتقد حقًا في وجود ما يسمى بلعنة الفراعنة؟ هل هي حقيقة موجودة أم مجرد أسطورة؟ من خلال السطور القادمة سوف نحاول تفسير الأمر.
متى بدأت لعنة الفراعنة؟
قام الباحث في علم المصريات “دومينيك مونتسيرات” بنشر بحث كامل في صحيفة الإندبندت البريطانية عن مفهوم لعنة الفراعنة قام فيه بتوضيح شيء هام، و هو أن لعنة الفراعنة ليست بحديثة عهد أي أنها لم تظهر بعد المؤتمر الصحفي الذي أقامه كارتر عند اكتشاف المقبرة، و لكن الأمر يعود إلى قبل ذك بمائة عام تقريبًا، عندما قام أحد الكتاب باستلهام الفكرة من رؤيته لمشهد يتم فيه إزالة الكفن عن إحدى المومياوات، قام على أثره بكتابة قصة عن لعنة الفراعنة تبعه فيها كثير من الكتاب، و هو ما يعني أن لعنة ما هي إلا مجرد خيال.
لعنة الفراعنة للحماية من العبث بالمقابر
قدمت عالمة المصريات سليمة أكرم وجهة نظر أخرى في حقيقة وجود اللعنة، و أنها ليست مجرد خيال مؤلف أو كاتب وذلك بأنها موجودة فعلًا في تعاويذ منقوشة على جدران بعض المصاطب و الغرض منها هو حماية المقبرة من السرقة أو التدنيس حيث قام الفراعنة في كتابة مجموعة من الرسائل التهديدية على الجدران بأن العبث بالمقبرة يعرض حياة المدنس للعقاب الإلهي و الموت بواسطة التمساح أو أو الثعبان.
الهواء المسمم هو المسؤول عن اللعنة
و نتيجة للبحوث المتواصلة حول حقيقة الأمر توصل مجموعة من أن حقيقة اللعنة تعود إلى الهواء الموجود داخل المقبرة و الذي يحتوي على بكتريا وجراثيم تعود إلى الجثث المتحللة و الأكل الذي يتم دفنه بجوار الميت و بمرور الأعوام تصبح هذه البكتريا أكثر شراسة منها بكتريا المكورات العنقودية، و بكتريا الرشاشية السوداء والتي في حالة استنشاقها تؤدي إلى حدوث نزيف رئوي و هو ما يؤكده موت راعي البعثة كارنارفون متأثرًا بالتسمم في الدم.
وذلك كان نتيجة للشغف الذي كان يتمكن من مكتشفي الآثار فكانوا يسارعون بالدخول بمجرد فتح المقبرة، دون الانتظار لعملية تجديد الهواء فيها، أما الآن فقد تدارك علماء الآثار ذلك الخطأ فصاروا ينتظرون لفترة محددة حتى يتم تجديد الهواء بالكامل داخل المقبرة ثم يقومون بفحصها.
اللعنة حقيقة و ليست أسطورة
و هو ما يؤكده الدكتور ديولف ميللر أستاذ علم الوبائيات بجامعة هاواي، و استدل على ذلك بأنه لم يسمع أبدًا عن موت سائح أو عالم أثار نتيجة لاستنشاقه هواء المقابر، أما فكرة نمو بعض الكائنات الدقيقة داخل المقبرة نتيجة للهواء الملوث و التي يمكنها أن تقتل أحد هي فكرة مستبعدة لـ ميللر الذي يؤكد على وجود لعنة حقيقة بالمكان تصيب المستكشفين فقط و لا تصيب أحدًا غيرهم.
محاولة لتقريب وجهة النظر بين العلم والأسطورة
يرى بعض العلماء أنه لا يوجد شك في أن الهواء الداخلي للمقبرة هو هواء غير صحي لا يصلح للاستنشاق لأنه ناتج عن تحلل الجثث داخل المقبرة مع عدم السماح لتجديد الهواء داخلها مما يعني أن الهواء ظل محبوسًا لفترة طويلة تحت ضغط، مما نتج عنه تواجد مجموعة من البكتريا و الجراثيم الضارة، كما أن المستكشفون في السابق كانوا يقومون بالدخول إلى داخل المقبرة فور فتحها و لا ينتظرون المدة الكافية حتى يتم تجديد الهواء.
ولكن لماذا لا ننظر للأمر وأنه هذه هي اللعنة التي تحدث عنها الفراعنة!!!، فالفراعنة كانوا على قدر كبير من التقدم في والتشريح البشري ولكنهم استخدموا في التعبير عن اللعنة التمساح والثعبان والعقرب لأن ذلك هو ما قد يهدد المصري القديم ويجعله لا يقوم بمحاولة سرقة المقبرة، أما لو قالوا أن الموت سوف يحيط بك نتيجة لتحلل الجثة، فلن يفهم ذلك وقد لا يؤثر فيه بالمرة، فلجأوا إلى رسائل التهديد المكتوبة على جدران المقابر و هم يعلمون أن الموت يأتي بمجرد استنشاق هواء المقبرة وليس عن طريق التمساح كما ادعوا.
و في النهاية يبقى هذا اللغز أحد ألغاز الفراعنة المتعدد والتي لم يستطيع العلماء التوصل إلى أغلبها حتى الآن على الرغم من التقدم المذهل للتكنولوجيا ولكن يبدو أن أسرار الفراعنة مازالت مخبأة لديهم ونحن فقط نقدم عدة محاولات لتفسير الأمر.
المراجع: